في الرابع من يوليو الجاري، وهو اليوم الذي تحتفل فيه الولاياتالمتحدة بعيد استقلالها، شبّه الرئيس بوش حرب العراق ب"الحرب الثورية" (الثورة الأمريكية)، ودعا إلي "مزيد من الصبر، ومزيد من الشجاعة، ومزيد من التضحيات". غير أنه يبدو للأسف أن لا أحد طرح السؤال البديهي: "ما هي التضحيات التي قدمها بوش وأصدقاؤه؟". ولكن بعد التفكير مرة ثانية، يبدو أن لا فائدة تُرجي من طرح هذا السؤال؟ ذلك أنه في عالم بوش، فإن المواطنين العاديين فقط هم من ينبغي أن يقدموا التضحيات. فرغم أن بوش ما فتئ يشدد علي أن حرب العراق هي جزء من "الحرب العالمية علي الإرهاب" (علامة مسجلة) وحرب بين الخير والشر، فإنها لا تشبه الحروب العظمي التي خاضتها الولاياتالمتحدة من قبل _ تلك الحروب التي كان يقتسم فيها الأغنياء العبء المالي عبر رفع الضرائب ومشاركة الكثيرين من النخبة في الحرب من أجل بلدهم. أما هذه المرة، فقد اختار بوش الاحتفال ب"إتمام المهمة" عبر خفض الضرائب علي أرباح الشركات وأرباح الأسهم، ومنح عقود ضخمة من دون مناقصات لشركات معينة لأسباب سياسية. ثم إنه منذ الأربع سنوات التي مرت علي هذا الإعلان، وفي وقت تودي فيه حركة التمرد بأرواح آلاف الأمريكيين وتُلحق بآلاف أخري منهم إصابات بالغة، يلاحظ غياب أبناء النخبة _وبخاصة النخبة "الجمهورية"- عن ساحة المعركة. يبدو إذن أن "البوشيين" يحبون بدء الحروب، ولكنهم لا يؤمنون بدفع أي من تكاليف هذه الحروب أو تحمل أي من أخطارها. وعلاوة علي ذلك، فإنهم لا يؤمنون بأن عليهم أو علي أصدقائهم أن يواجهوا أي عقوبات شخصية أو مهنية بسبب ذنوب تافهة مثل تحريف المعلومات الاستخباراتية بهدف دفع أمريكا إلي حرب غير ضرورية، أو إدارة تلك الحرب إدارة سيئة. الموقع الإلكتروني "ثينك بروجريس" يضم ملخصاً بعنوان "مهندسو الحرب: أين هم اليوم؟"، ويسلط الضوء علي مصير الرجال الذين كانوا وراء الحرب بعد أن تبين أنه لا وجود لأسلحة الدمار الشامل في العراق، ولم يرحَّب بنا كمحرِّرين. الواقع أن من يقرأ هذا الملخص، سيصاب بالدهشة بسبب اتساع وسخاء نظام الرفاهية لدي "المحافظين الجدد". ذلك أنه حتي "بول وولفوفيتز" الذي حقق الإنجاز النادر المتمثل في إفساد وظيفتين ساميتين، تمكن من إيجاد ملجأ له في "أمريكان انتربرايز". وهو ما يقودنا إلي الحديث عن قضية لويس "سكوتر" ليبي. وينبغي هنا رؤية الهستيريا التي أصابت "المحافظين الجدد" علي خلفية إمكانية سجن "ليبي" بتهمة الكذب تحت القسم. ففي مقال رأي نُشر في صحيفة "وول ستريت جورنال" بعنوان "جندي شهيد"، أشار فؤاد عجمي، الأستاذ بجامعة جون هوبكنز، إلي عقيدة الجندي: "لن أترك أبداً رفيقاً مصاباً"، قبل أن يذهب إلي أن "سكوتر ليبي كان جندياً في حربنا في العراق".