عندما خرج "محمد الدرسي" من السجن في ليبيا العام الماضي بعد أن أمضي مدة محكوميته هناك بتهمة المشاركة في أنشطة قتالية، لم يكن في ذهنه سوي هدف واحد هو قتل الأمريكيين في العراق. وبينما كان "الدرسي" يبحر علي شبكة الإنترنت، التقي صدفةً بأحد المُجَنِّدين، الذي رتب للالتقاء به علي جسر يقع في العاصمة السورية دمشق. وعندما وصل "الدرسي" إلي هناك أخبره ذلك المُجَنِّد بأنه ليست هناك حاجة إليه في العراق، ومن ثم قام بتجنيده في الحرب التي بدأت تتسرب خارجة من بلاد الرافدين. وقال "الدرسي" إن ذلك المُجَنِّد قد أخبره بأن هناك فريقاً من المقاتلين في العراق قد سافر إلي الأردن، وأنهم يعِدون العدة لشن هجمات علي الأمريكيين واليهود، وطلب منه الانضمام إليهم كي يفجِّر نفسه في جمع من السائحين في "مطار الملكة علياء الدولي" في عمّان. "لقد وافقت علي ذلك" هكذا قال "الدرسي" في اعترافاته أمام السلطات الأردنية، التي جاءت في 9 صفحات كاملة بعد أن تم القبض عليه، وتم إحباط المؤامرة التي كان مقرراً أن يشارك فيها. وتكشف هذه المؤامرة وغيرها من الأدلة، أن الحرب العراقية التي ظلت لسنوات تستقطب المقاتلين من جميع أنحاء العالم، قد بدأت تُصدِّر المقاتلين الذين "صقلتهم"، والأساليب القتالية التي تمت تجربتها فيه، إلي الدول المجاورة وما وراءها، وذلك حسب مسئولين أمريكيين وأوروبيين وشرق أوسطيين، وأقوال تم تسجيلها في مقابلات تم إجراؤها مع زعماء المقاتلين في لبنان والأردن وبريطانيا. ويبدو أن بعض المقاتلين قد بدأوا يغادرون العراق كجزء من موجات اللاجئين الذين يعبرون الحدود، والذين تقول السلطات سواء في الأردن أو في الدول المجاورة، إنهم يجاهدون من أجل السيطرة عليها. بيد أن ثمة دلائل تشير إلي أن هناك أعداداً أخري من المقاتلين يتم إرسالهم من العراق لتنفيذ مهام محددة في الخارج. وفي المؤامرة الخاصة بمطار الملكة علياء تقول السلطات الأردنية إن صانع القنابل قد طار من العراق إلي الأردن، لتجهيز القنابل التي كان "الدرسي" سيحتاجها لتنفيذ العملية. كري أمريكي مهتم ببحوث الإرهاب في العراق والمناطق المجاورة، طلب عدم ذكر اسمه بسبب حساسية الموضوع الذي يتناوله: "أعتقد أن الجهاد في المستقبل سيستمد وقوده من القتال في العراق أكثر من استمداده لمثل هذا الوقود من القتال الدائر حالياً في أفغانستان". ويعرض المقاتلون في العراق شرائط فيديو ونشرات إلكترونية علي شبكة الإنترنت، تحتوي علي كتالوجات لعدد مذهل من التقنيات التي يمكن استخدامها في الأنشطة الإرهابية، منها عمليات التشفير، واستخدام الشراك الخداعية، والصواريخ سطح- سطح.. ومثل هذه الكتالوجات والكتيبات يتم تداولها من دون أدني عائق علي شبكة الإنترنت. ولا يقتصر الأمر علي ذلك بل إننا نري في الوقت الراهن أن الأساليب المطبقة في العراق قد بدأت تظهر في أماكن أخري مثل الصومال والجزائر. فعلي سبيل المثال وفي التفجيرات الانتحارية التي حدثت في الجزائر في الآونة الأخيرة قام المنفذون بتصوير شرائط فيديو قبل تلك العمليات يتشهد فيها الانتحاريون علي أرواحهم قبل الانطلاق لتنفيذ عمليتهم، وهي ممارسة إرهابية طالما مارسها المتمردون في العراق.