أشعلت مشاهد إعدام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، مشاعر الأردنيين وعواطفهم، وسادت أجواء الحزن أوساط المواطنين الذين طالما اعتبروا الرجل "رمزا من رموز التحدي في وجه الغطرسة الأمريكية". وبعد أن استفاق الأردنيون من صدمة الإعدام، بدأوا يلملمون جراحهم محاولين صياغة تلك الحادثة وتحويلها إلي قصص تروي، وعلي حد قول بعض المحللين، فإن رباطة الجأش التي أبداها الرئيس السابق في لحظات حياته الأخيرة، كافية لصياغة عدد من "الأساطير" و"الشائعات" التي تلقي رواجا وقبولا أكثر من تلك الروايات الإعلامية التي وثقت بالصوت والصورة. ويؤكد الحاج أبو منذر، وهو مواطن أردني من أصل فلسطيني، يسكن مخيم الوحدات للاجئين الفلسطينيينجنوب العاصمة عمّان، أن صدام حسين ردد قبل نزوله في حفرة الإعدام "تحيا فلسطين"، وكررها ثلاث مرات، ولم تفلح محاولات شخص آخر في المجلس بإقناع الحاج السبعيني، بأن صدام ردد الشهادتين فقط، وتهكم علي شهود عملية الإعدام قبل أن تفتح كوة المشنقة، وانضم للحاج أبو منذر عدد آخر من الحضور مؤكدين ترديده لعبارة "تحيا فلسطين". وعلي الرغم من تسرب تصوير فيديو، يوثق ما جري في اللحظات الأخيرة من إعدام صدام حسين، والعبارات والكلمات التي رددها، إلا أن ذلك لم يقنع الكثير من الأردنيين، الذين أكدوا أن معلومات "تسربت إليهم" تشير إلي أن صدام هتف لفلسطين والأمة العربية، فيما يقول آخرون إن معلومات سمعوها من "مصادر موثوقة" تقول إن الرجل "لكم" أحد جلاديه قبل صعوده إلي منصة الإعدام، حيث تم توثيقه بشدة بعد ذلك. ورصد مراسل وكالة "قدس برس" في العاصمة عمّان نحو 15 رسالة، يجري تناقلها بين المواطنين عبر عدد من الوسائل، تشير كل واحدة منها إلي أنها "الوصية" التي كتبها صدام قبيل تنفيذ حكم الإعدام فيه. وتشير مصادر إلي أن كل محام من محامي الرئيس الراحل نقل عنه وصية ما، إلا أن بنات الرئيس المقيمات في الأردن وزوجته المقيمة في الدوحة لم يتلقيا أي وصية من الرجل حتي الآن، في الوقت الذي قال فيه أحد محامي الرئيس السابق إن وصيته وكافة متعلقاته ما زالت بحوزة الحكومة العراقية ولم يفرج عنها حتي الآن. ويقول ناشطون إسلاميون في الأردن متعاطفون مع صدام، إن الوصية التي وصلتهم تشير إلي أن الرجل أوصي بأسلمة حزب البعث العربي الاشتراكي الذي كان زعيما له، وتشير الوصية إلي أن صدام بدأ بالفعل مشروعا لأسلمة الحزب الذي طالما اصطدم مع الإسلاميين. أما البعثيون فإنهم يؤكدون أن وصية صدام كانت التأكيد علي ضرورة دعم الشعوب العربية والإسلامية لكي تتم إعادة الحزب إلي حكم العراق، أما المواطنون العاديون فإنهم يتناقلون وصية عبر البريد الإلكتروني تشير إلي الرئيس صدام أوصي بأن يتم توزيع النفط العراقي توزيعا عادلا علي كافة الشعوب العربية، مستذكرين المنحة النفطية التي كانت تصل إلي بلادهم خلال العقدين الماضيين. ولم تتوقف الأمور عند هذا الحد، فمرة أخري تمكن عدد من الأردنيين من مشاهدة وجه صدام علي سطح القمر، وهي نفس الحالة التي أصابتهم عشية إقدام صدام علي احتلال الكويت عام 1990، ويؤكد المواطنون أن القمر الذي كان مكتملا في حال البدر ليلة الرابع من يناير الجاري بعد أربعة أيام علي الإعدام، كان يضم في طيات تضاريسه صورة لوجه الرئيس صدام مبتسما. أما تلك الأشعار التي يجري تداولها، فهي الأخري تصب في نفس المسار، فقصائد المتنبي وأبو تمام وحتي أبو القاسم الشابي، بدأت تتسلل عبر البريد الإلكتروني وأجهزة الهاتف النقال للأردنيين علي أساس أنها قصائد كتبها صدام أثناء الأسر وقبيل إعدامه. وبحسب ما يتم تناقله بين الأردنيين حاليا من قصائد منسوبة للرئيس صدام كتبها أثناء الأسر، فإن صدام تمكن من تأليف ديوان شعر كامل في ثلاث سنوات!