وزير الصحة يجتمع مع نظيريه اليوناني والقبرصي لبحث سبل تعزيز التعاون    وزير قطاع الأعمال يوجه بتسريع معدلات تنفيذ مشروعات تطوير شركة النصر للسيارات    «المشاط»: 42% من الاستثمارات الحكومية بخطة 2024-2025 موجهة لقطاعات التنمية البشرية    بدء اجتماع نتنياهو وبلينكن بالقدس.. ووقف إطلاق النار على الطاولة    كاف يمهد طريق أبوريدة لرئاسته بعد إلغاء بند ال70 عاما    موعد مباراة أرسنال وشاختار اليوم.. القنوات الناقلة لدوري أبطال أوروبا 2024    تأجيل محاكمة أحمد فتوح لاعب الزمالك لجلسة 16 نوفمبر    ضبط 7 أطنان زيوت ومواد غذائية مجهولة المصدر في الشرقية    محمد القس: أخطوا خطواتي الأولى في مصر وانتظروني في مسلسلات الذنب وموضوع عائلي 3    طرق طبيعية للوقاية من الجلطات.. آمنة وغير مكلفة    نائب محافظ المنيا يستعرض خطط وأنشطة المديريات لتفعيل مبادرة "بداية"    رسالة غريبة تظهر للمستخدمين عند البحث عن اسم يحيى السنوار على «فيسبوك».. ما السر؟    كلاب ربتها أمريكا.. شقيقة زعيم كوريا الشمالية تسب الجارة الجنوبية وأوكرانيا    قبل انتخابات الرئاسة الأمريكية.. إيلون ماسك يتحدث عن إفلاس الولايات المتحدة    "العمل" تشرح خدماتها في التشغيل والتدريب المهني بدمياط    وزير التعليم العالي: بنك المعرفة ساهم في تقدم مصر 12 مركزًا على مؤشر «Scimago»    وزيرة التضامن ب«المؤتمر العالمي للسكان»: لدينا برامج وسياسات قوية لرعاية كبار السن    مقابل 3 ملايين جنيه.. أسرة الشوبكي تتصالح رسميا مع أحمد فتوح    «سترة نجاة ذكية وإنذار مبكر بالكوارث».. طالبان بجامعة حلوان يتفوقان في مسابقة دبي    رئيس القومي للطفولة والأمومة: 60%؜ من المصريات يتعرضن للختان    النائب العام يبحث مع نظيره الإسباني مكافحة الإرهاب والفساد    هل يراجع «النقد الدولي» توقيت الاشتراطات مراعاةً لظروف مصر؟..عضو «اقتصادية الشيوخ» يكشف تفاصيل    الفنون الشعبية تستقبل تعامد الشمس على وجه رمسيس الثاني بأسوان    «القومي للسينما» يعرض الأفلام الفائزة بمهرجان «بدر»    لقاءات تثقيفية وورش فنية متنوعة للأطفال بثقافة الإسماعيلية    حركة حماس: ما تشهده جباليا وبيت لاهيا انتهاك صارخ لكل القوانين    بوتين يدعو للارتقاء بمجموعة بريكس وتعزيز التعاون    جامعتا بنها ووسط الصين الزراعية تبحثان تعزيز التعاون المشترك    ذوي الهمم في عيون الجامع الأزهر.. حلقة جديدة من اللقاء الفقهي الأسبوعي    لهؤلاء الطلاب بالأزهر.. إعفاء من المصروفات الدراسية وبنود الخدمات - مستند    «المحيربي»: مصر تلعب دور رائد بالشرق الأوسط في الطاقة المتجددة    ترسيخ التعاون ..تفاصيل اجتماع وزراء صحة مصر وقبرص واليونان    رائحة الموت في كل مكان.. مفوض الأونروا يطالب بهدنة بغزة ولو لبضع ساعات    الرعاية الصحية: انجاز 491 بروتوكولًا إكلينيكيًا ل الأمراض الأكثر شيوعًا    حقيقة الفيديو المتداول بشأن إمداد المدارس بتطعيمات فاسدة.. وزارة الصحة ترد    السجن المشدد 6 سنوات ل عامل يتاجر فى المخدرات بأسيوط    فيفي عبده تتصدر تريند جوجل بسبب فيديو دعم فلسطين ( شاهد )    الرئيس الإندونيسي يستقبل الأزهري ويشيد بالعلاقات التاريخية بين البلدين    وزير الخارجية الإيراني : طهران تنتهج سياسة حسن الجوار    بث مباشر.. وزير التربية والتعليم يلقي بيانا أمام الجلسة العامة لمجلس النواب    رومانو يكشف عرض نابولي لتجديد عقد كفاراتسخيليا    بيروح وراهم الحمام.. تفاصيل صادمة في تح.رش موظف في مدرسة بطالبات الإعدادي    منافس الأهلي - كريسبو: شباك العين تتلقى العديد من الأهداف لهذا السبب    أمين الفتوى: احذروا التدين الكمي أحد أسباب الإلحاد    تعرف على أسعار السمك والمأكولات البحرية اليوم في سوق العبور    وزير الزراعة يطلق مشروع إطار الإدارة المستدامة للمبيدات في مصر    رئيس الوزراء الباكستاني يوجه بإرسال مواد إغاثية فورًا إلى غزة ولبنان    مجلس النواب يوافق على تشكيل لجنة القيم بدور الانعقاد الخامس    أخواتي رفضوا يعطوني ميراثي؟.. وأمين الفتوى يوجه رسالة    ضبط عاطل متورط في سرقة الأسلاك الكهربائية في المرج    نائب وزير المالية: «الإطار الموازني متوسط المدى» أحد الإصلاحات الجادة فى إدارة المالية العامة    انعقاد مجلس التعليم والطلاب بجامعة قناة السويس    بعد إعلان التصالح .. ماذا ينتظر أحمد فتوح مع الزمالك؟    حريق هائل بمخزن شركة مشروبات شهيرة يلتهم منزلين فى الشرقية    جوميز يستقر على بديل مصطفى شلبي في نهائي السوبر المصري    الأمم المتحدة تدين القصف الإسرائيلي العنيف للمناطق الحضرية والسكنية في لبنان    اللهم آمين| أفضل دعاء لحفظ الأبناء من كل مكروه وسوء    صحة كفر الشيخ: تقديم الخدمات الطبية ل1380 مواطنا بقافلة فى دسوق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"أطفال الشوارع".. والرقص مع الذئاب!
نشر في نهضة مصر يوم 17 - 12 - 2006

تري من هو الفنان القدير أو نجم الشباك سعيد الحظ المرشح للقيام بدور "التوربيني" بطل مذبحة أطفال الشوارع بالتقسيط غير المريح علي مدي سبع سنوات؟!
كذلك كما حظيت كل من "نجمة ابراهيم" و"زوزو حمدي الحكيم" بأدوار "ريا وسكينة" في الخمسينيات من القرن الماضي.. كما فاز الفنان الراحل القدير شكري سرحان بدور "سعيد مهران" في فيلم "اللص والكلاب" في الستينيات والمأخوذ عن السيرة الذاتية لسفاح القرن العشرين محمود أمين سليمان الذي لازلت اذكر ملامح صورته وهي ملصقة بمداخل جميع اقسام الشرطة بالقاهرة.. وكان له الفضل في مداعبة خيال الصغار وقتها ببطولاته وصولاته مع رجال الشرطة وكنا مازلنا بالمرحلة الابتدائية فساعدنا خيالنا البريء النابع من طفولتنا الاشد براءة علي نسج القصص الخيالية والخرافية حول هذه الشخصية الاسطورية مما كان له اكبر الاثر في ملء نفوسنا البريئة بالرعب فنهرب بجلدنا داخل بيوتنا قبل حلول الليل خوفا من السفاح فلم نعد نخرج من بيوتنا بعد المغرب الا بعد ان نما الي علمنا ان السفاح قتل داخل "مغارة" في جبل المقطم برصاص الشرطة!
والخوف في الصغر من الامور الطبيعية سواء من "السفاح" وهو شخصية حقيقية عشناها بالفعل أو حتي الخوف من "امنا الغولة" وهي شخصية خيالية من نسج خيال الامهات والجدات في الزمن الماضي.. ولكن الخوف في الكبر له مدلولاته" وهذا هو الموضوع.
"ريا وسكينة" و"سعيد مهران" دخلوا عالم الجريمة من اجل الحصول علي المال بداية حيث لم يكن القتل هو الهدف ولكنه جاء في مرتبة متأخرة بعد الحصول علي المال أو بمعني ادق من اجل الحصول علي المال.. ويعرف القانون الجنائي هذه الحالة الجنائية بالجرائم المحتملة بمعني ان القتل قد يكون من الجرائم المحتمل وقوعها بسبب السرقة في حالة لو فاجأ صاحب المسكن اللص أو حاول الامساك به.. فلا يجد اللص مفرا من قتل صاحب المسكن من اجل الافلات من قبضته.. والقانون الجنائي نص من خلال قانون الاجراءات الجنائية علي معاقبة الجاني بالعقوبة الاشد وهي عقوبةالقتل دون وضع نية السرقة محلا للاعتبار عندما اخترق الجاني حرمة مسكن القتيل طالما باتت جريمة القتل من "الجرائم المحتملة" لجريمة السرقة.
والقانون الجنائي يعرف المجرم او القاتل بأنه الشخصية المفتقدة لنوازع الرحمة والشفقة الانسانية بسبب الانانية لتحقيق رغبات غير مشروعة.. ولذا فقد ارتأت "الفلسفة العقابية" المبنية علي اسس "الدفاع الاجتماعي" ارتأت ارساء مبدأ "الردع الخاص" لتحقيق مبدأ "الردع العام" لينحصر "الردع الخاص" في حتمية عقاب الجاني بالاساليب التي تتفق مع درجة خطورته الاجرامية ليتحقق بالتبعية مبدأ "الردع العام" من خلال اظهار العبرة لكل من تسول له نفسه ان يكون في موقع الجاني أو موقفه من المجتمع.. وهذا هو المفهوم الواسع والاشمل لنظرية "الامن الاجتماعي" التي يجب ان تظل المجتمع تحت سيادة القانون.
بعد هذا التحليل المبدئي يمكن ان نتساءل ماذا لو استجد علي المجتمع "تصنيف اجرامي" جديد في حالة لو ظهر "نموذج اجرامي" يرغب في القتل من اجل القتل بمعني ان القتل هو الغاية والوسيلة في نفس الوقت كما في حالة "التوربيني" وعصابته؟! أو بمعني آخر عندما تصل "الخطورة الاجرامية" الي اقصي مدي.
في تصوري ان هذا النموذج الاجرامي هو جدير بالدراسة من منظور اجتماعي وقانوني شامل .. لماذا؟! لأن الوقائع الاجرامية المستجدة علي المجتمع من هذا النموذج المفاجأة لو مرت علينا مرور الكرام دون تحصيل الدروس الاجتماعية والقانونية من اجل تحقيق وارساء مبدأ "العناية السابقة" من اجل اقتلاع بذور الجريمة واسبابها قبل حدوثها لو مر علينا ذلك فمعناه ان نستعد لما هو أشد خطورة من قبل بعد ان وصل "التوربيني" الي اقصي مدي من الخطورة الاجرامية ولا تحدثونا عن السيكوباتية - حسبما يري بعض السادة الاكاديميين حيث لا محل لها من الاعراب عند هذا المنحني المجتمعي الخطير بعدما كشف "التوربيني" عن نقاب المجتمع وفرق حجابه بل كشف عورته وسوءته الاجتماعية.
"التوربيني" بسقوطه كشف عن مرض ادمان المجتمع للغيبوبة وتعمده غض الطرف عن افرازات العصر الرديء.. عصر رقص اطفال الشوارع مع الذئاب البشرية.. في قانون الغاب الذئاب لا تأكل الذئاب ولكن في العصر الرديء ظهرت طائفة من البشر من اكلة لحوم البشر بعد اغتصابها والتمثيل بها! ..
مجتمع الفضيلة فاته ان يستر عورته قبل النزول الي ميدان النقاب والحجاب من اجل تحقيق بطولات وهمية وزائفة علي حرمات النساء وعورتهن! مجتمع الفصيلة تناسي ان "الطفل" البريء والضائع علي الطريق الدائري داخل المدينة الفاضلة أويوتوبيا النقاب والحجاب التي تحيط بالشوارع المظلمة واسطح القطارات "التوربينية" أو قاذفات الموت السريع والخرابات الاجتماعية تناسي مجتمع الفضيلة ان هذا الطفل هو من "العورات" الذكورية الاشد عورة من النساء التي يحاربون لهامن اجل سترها بالاكنان التي ما انزل الله بها من سلطان بعد ان اصبح الطفل يغتصب حيا من "التوربيني" ويؤكل ميتا من المجتمع الذي تجاهل آدميته وسلمه طواعية الي قدره المأساوي المحتوم.
كل ما يشغلنا في عصر "الديكورات الالكترونية" هو "التزويق" الالكتروني لتظهر في ابهي صورة من الحضارة ونسينا ان اصل الحضارات بدأت بالقيمة الادمية قبل القيمة الالكترونية أو "القرية الذكية" التي لا تقبل عضوية المخلوقات كريهة الرائحة من البشر المغضوب عليهم بلا ذنب ولا جريرة سوي انهم "أطفال الخطيئة" وهي خطيئتنا التي مستنا جميعا شعبا قبل الحكومة الذكية.
اكتفينا بمنظمات المجتمع المدني التي لمت شمل المرضي من المصابين بداء الوجاهة الاجتماعية للتسول باسم اطفال الشوارع بشياكة والاسترزاق علي موائدهم!
المجتمع الذي لا ترقي الي أسماعه صفارات "التوربيني" هو مجتمع اصم يحتاج لغسيل اذن وتطهير قلوب وغسيل صدور بعد ان لمست عجلات "التوربيني" مواضع الصفة الاجتماعية بعد اغتصاب اطفالنا نهارا جهارا وفي جوف الليل داخل أكبر خرابة اجتماعية عششت في داخلنا فاصبحت وكرا لكل من يرغب في التحرش! من عيوبنا الخلفية اننا نغضب فجأة.. ثم ننطفيء فجأة وكأن شيئا لم يكن علي الاطلاق.. ثم نروح في سبات عميق وما بين الغضب والخلود الي النوم نجلس لنتسلي علي الثرثرة حول مصائبنا "فهذا دكتور اكاديمي" من الطراز الفريد يشرح لنا معني "السيكوباتية".. وذاك اكاديمي آخر في "معهد البحوث الجنائية" يشرح لنا "تصنيف المجرمين" علي طريقة "لا مبرروزو" عالم الاجرام والعقاب المعروف.. الكل يستعرض عضلاته النظرية يمطرنا باحدث النظريات في علم الاجرام وعلم الاجتماع الجنائي بعد ان ينفض الغبار من علي احدي الرسائل العلمية المركونة علي الرف التي اخذت نصيبها من غبار الاهمال وعته الزمن دون تحقيق أي حرف منها علي أرض الواقع بعد ان اكتفينا بمنح اصحابها درجات الدكتوراة والماجستير نظام "حبر علي ورق" من اجل الابهة العلمية للمريدين علي حساب ضحايا المجتمع.
هل اصبحنا أمة تبني مستقبلها علي علم "الكلام" دون عمل؟! هل اصبحنا مكلمة" كبيرة في وسائل الاعلام؟! هل اصبحنا نخشي المواجهة مع داءاتنا المزيفة؟!
أين منظمات "حقوق الانسان"؟!.. أين "عقد الطفل"؟! اين المجلس الاعلي للطفولة والامومة؟!.. اين منظمات المجتمع المدني الشيك؟! أين الحلول الالكترونية سريعة المفعول؟!اين السادة "الاكاديميون" الذين تواروا خلف "التكييفات" المستوردة واستأنفوا النزول الي أرض الواقع؟!.. أين جامعاتنا التي ترفع لواء العلم والتنوير واعداد الاجيال للمواجهة القادمة؟!
قال رسول الله - صلي الله عليه وسلم اعوذ بك من قلب لا يخشع.. ومن عين لا تدمع.. ومن علم لا ينفع.. فهل اصبحنا قلوبا متحجرة؟! هل اصبحنا عيونا لا تدمع علي اطفالنا المهروسين تحت عجلات "التوربيني" كالعصف المأكول؟.. هل اصبحنا من اصحاب علم لا ينفع؟!.
الا قد آن الأوان لأن يستغفر المجتمع ربه ويقول: "استغفرك ربي واتوب إليك اني كنت من الظالمين".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.