يقول محللون ان اغتيال وزير الصناعة اللبناني بيار الجميل قد يضعف الآمال في اجراء محادثات بين الولاياتالمتحدة وسوريا ويقوض الجهود الامريكية لاقامة شرق اوسط جديد يكون لبنان نموذجا فيه. وكانت اولي ضحايا عملية الاغتيال فكرة فتح حوار بين الولاياتالمتحدة وعدوتيها اللدودتين دمشق وطهران. وكان من المرجح ان تكون هذه الفكرة بين توصيات مجموعة الدراسة الامريكية التي يرأسها وزير الخارجية الاسبق جيمس بيكر والمكلفة بوضع استراتيجية امريكية جديدة في العراق. وذكر جاشوا لانديس الخبير في الشؤون السورية ومنسق دراسات السلام في جامعة اوكلاهوما ان الامر "سيصبح اكثر صعوبة". وفي اعقاب عملية الاغتيال الثلاثاء، لم يصدر عن الرئيس الأمريكي جورج بوش اي مؤشر علي تخفيف لهجته تجاه سوريا وايران. وقد اتهمهما بمحاولة "زعزعة" لبنان واشاعة "عدم الاستقرار" فيه، الا انه تجنب توجيه اللوم المباشر لهما في اغتيال الجميل. وردت السفارة السورية في واشنطن علي ذلك بالقول ان القاء اللوم علي دمشق في اغتيال الجميل "مهزلة" ترمي الي تشويه سمعتها. ورأي بعض المحللين ان عملية الاغتيال هي احدث خطوة في محاولات ايران وحزب الله الشيعي اللبناني المدعوم من سوريا للاطاحة بحكومة رئيس الوزراء فؤاد السنيورة التي تدعمها الولاياتالمتحدة. واعتبر البعض الاخر ان عملية الاغتيال هي محاولة سورية لمنع حكومة السنيورة من المصادقة علي تشكيل المحكمة الدولية التي وافق عليها مجلس الامن الثلاثاء لمحاكمة قتلة رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري. ولكن ومع تزايد المؤشرات علي الرغبة السورية بفتح باب الحوار مع واشنطن، يتساءل البعض ما الذي قد يدفع سوريا لخلق توترات جديدة؟ واجاب ديفيد شينكر الخبير في السياسة العربية في معهد دراسات الشرق الادني في واشنطن علي السؤال قائلا "اعتقد ان السوريين (...) يعلمون انهم سيتهمون (من قبل المحكمة الدولية) علي اعلي المستويات "..." لذلك عليهم ان يوقفوا ذلك". واضاف ان سعي سوريا الي التواصل مع ايران والعراق في الايام الاخيرة ينسجم مع محاولاتها الماضية في تخفيف الضغوط الدبلوماسية عنها، بعد ان بدأ الخناق يضيق عليها في الاممالمتحدة. ويشير المحللون كذلك الي ان اغتيال الجميل يمكن ان يكون من تدبير مجموعات خارجة عن السيطرة في سوريا او اجهزة الاستخبارات السورية او حتي يمكن ان يكون نتيجة تصفية حسابات في "غابة" السياسة اللبنانية. واوضح بلال صعب المحلل في معهد بروكنجز انه اذا كانت نية قتلة الجميل وقف محاكمة قتلة الحريري سواء بدعم او بدون دعم لبنان، فقد فشلوا في تحقيق ذلك. وقال "بغض النظر عما اذا كان الأمريكيون سيتحدثون الي السوريين او الي الايرانيين، فان المحكمة الدولية هي اولوية قصوي ولا عودة عنها". الا ان اغتيال الجميل يهدد بالاطاحة بالسنيورة ويزيد المخاطر من ان تتحول التظاهرات الشعبية التي ينوي حزب الله القيام بها الي الشرارة الاولي في حرب اهلية لبنانية جديدة. وحتي لو سقطت حكومة السنيورة بشكل سلمي، فان ذلك سيوجه صفعة كبيرة الي برنامج الولاياتالمتحدة باحلال الديموقراطية في المنطقة. وقال شينكر الذي عمل مستشارا لشؤون الشرق الاوسط في وزارة الدفاع الامريكية في ادارة جورج بوش، ان لبنان "هو جوهرة التاج بالنسبة لجهود الادارة الامريكية في الشرق الاوسط". واضاف بلال صعب ان فشل حكومة السنيورة سيشكل "انتكاسة لادارة بوش". واوضح ان "الأمريكيين يعتقدون ان هذه الحكومة قادرة علي دفع المصالح الامريكية - - في نشر الديموقراطية في المنطقة -- ويرون في لبنان مثالا علي الديموقراطية". وكان لانديس اكثر وضوحا حين قال ان "لبنان هو اخر قصص النجاح. واذا فشل فستكون هذه هي النهاية". واشاد مؤيدو بوش بالانتخابات البرلمانية التي جرت في لبنان العام الماضي وانسحاب القوات السورية من لبنان ووصفوا ذلك بانه انتصار للديموقراطية وتحقيق لدعوة الرئيس الأمريكي لتطبيق موجة من الاصلاحات في الشرق الاوسط "الجديد". الا ان الانتخابات التي دعمتها الولاياتالمتحدة في عدد من دول الشرق الاوسط جلبت حركة المقاومة الاسلامية "حماس" الي السلطة في الاراضي الفلسطينية، كما عززت موقع الجماعات الاسلامية المتشددة في مصر، ولم تساعد كثيرا في تخفيف العنف في العراق. ويبدو لبنان مرة اخري ساحة معركة للتوترات السياسية الدولية الخارجية. واوضح مثال علي ذلك الحرب التي شنتها اسرائيل علي حزب الله الصيف الماضي. ويقول لانديس ان "الولاياتالمتحدة ستستخدم لبنان" في مواجهة سوريا وايران، بينما "تشعر سوريا بانحسار مد الهيمنة الامبريالية الامريكية في الشرق الاوسط".