مسكين هو الشعب المصري فما يكاد يخرج من مشكلة إلا ويقع في كارثة، فمن كارثة قطار الصعيد، إلي كارثة العبارة، إلي أنفلونزا الطيور، إلي حادثة قطاري قليوب التي راح ضحيتها ما يقرب من 60 شهيدا و200 مصاب، إلي ازدياد نسبة البطالة، وزيادة الأسعار وخصوصًا الوقود، إلي تدهور الحالة الاقتصادية، وزيادة حالة الاحتقان السياسي في الشارع المصري، وانتشار الفساد الإداري في كل مؤسسات الدولة، نتيجة للسياسات التي يتبعها النظام الحاكم، ولفت نظري تعبير أحد المشاهدين لبرنامج العاشرة مساءً علي قناة دريم في مداخلته بقوله "إننا وصلنا إلي حالة الكحرتة"، وهذا التعبير شائع في الصعيد بالكحراتة بمعني النزول من الأعلي إلي الأسفل حسب توضيح الزميل العزيز الدكتور ضياء رشوان بصفته رجلا قناويا أصيلا والسؤال المطروح هل السياسة التي ينتهجها النظام الحاكم وحكومته تسير في الاتجاه الصحيح؟! أم أن المشكلة في قوي المعارضة وحركات التغيير؟ أم أين الخلل؟ أتصور أن هناك عوامل كثيرة أدت إلي الحالة التي وصلنا إليها أذكر منها: 1 طريقة تعامل النظام المصري مع الشعب تنم عن عدم الاهتمام من قريب أو بعيد بمشاكله، والدليل علي ذلك التعديل الوزاري الأخير، فكل المحللين أجمعوا علي غياب الرؤية الصحيحة لهذا التعديل، والذي شغل القيادة السياسية هو تكريم من كان له دور بارز في الانتخابات الرئاسية وهو المستشار "ممدوح مرعي" الذي يختصمه معظم القضاة، وكما قال الأستاذ "سليمان جودة" في صحيفة الوفد (30-8-2006) أن النظام يريد أن يقول للشعب "موتوا بغيظكم"، وبعض الكتاب وهم قليل ذكر أن هذا التعديل جاء في وقته ومكانه، مثل الأستاذ خالد إمام في صحيفة "روزاليوسف" حيث قال "بكل المقاييس فإن التغيير المحدود الذي تم الأحد الماضي جاء في وقته ومكانه"!! كأنه لا يعيش في مصر . 2 الشغل الشاغل للبعض موضوع التوريث، والدليل علي ذلك تعديل المادة 76 من الدستور بشكل أساء إلي سمعة مصر، وتمديد العمل بقانون الطوارئ، وتأجيل الانتخابات المحلية برغم الفساد المستشري فيها حتي وصل إلي الركب، وتزوير الانتخابات البرلمانية لدرجة أن المستشار هشام البسطويسي صرح بأن الانتخابات البرلمانية تزور منذ عام 1952م وحتي الآن. 3 تعامل النظام المصري مع المعارضة بطريقة استبدادية، فالأحزاب أصبحت عددًا في الليمون كما يقال في المثل العامي، فلا يستطيع أي حزب عقد مؤتمر جماهيري لشرح برنامجه وعرضه علي الشعب، والحزب الذي يعارض سياسة الدولة يتم التعامل معه بطريقة بوليسية كما حدث مع حزب الغد، وحزب الوفد، وحزب الأحرار، وسابقًا حزب العمل، وعدم السماح بتكوين أحزاب جادة، والذي يسمح له أحزاب تابعة للنظام بصورة أو بأخري من خلال لجنة الأحزاب المخالفة للدستور. 4 التضييق علي جماعة الإخوان المسلمين برغم وجود 88 نائبًا لهم في مجلس الشعب، بحجة أنها جماعة (محظورة!) قانونًا، وكان آخرها اعتقال مجموعة من القيادات الإخوانية، علي رأسهم الدكتور محمود عزت الأمين العام للجماعة والأستاذ لاشين أبو شنب عضو مكتب الإرشاد والمصاب بشلل نصفي، واقتحام بيوتهم وأخذ متعلقاتهم الشخصية، والغريب أنه لأول مرة يتم محاصرة نقابة أطباء الغربية وتشميعها بحجة وجود مستندات خاصة بالدكتور مصطفي الغنيمي المقبوض عليه في نفس القضية، والهدف من ذلك تحجيم الجماعة لعدم التحرك في الشارع، وتوجيه رسالة للنواب بعدم محاربة الفساد الذي ينخر في مؤسسات الدولة. 5 التبعية شبه الكاملة للإدارة الأمريكية، مما أفقد مصر مكانتها علي المستوي الإقليمي والدولي، ولعل أقرب شاهد علي ذلك موقف النظام المصري من حرب لبنان وحزب الله، وعدم التفاعل مع الشقيقة لبنان بالنصرة أوالتأييد، أو إبداء الموقف المناسب، وكذلك في فلسطين والعراق، فقد غاب التنسيق بين القوي الداخلية في فلسطين بطريقة واضحة، والتعامل مع الملفات الإقليمية بطريقة تُرضي أمريكا، علي أن تتغاضي الإدارة الأمريكية عن الإصلاحات السياسية في مصر.