تشهد مصر منذ فترة عشرات الكوارث التي يروح ضحيتها العديد من الأرواح سواء كان ذلك في الأرض أو تحت الأرض.. في الجو.. وعلي سطح البحر. وجاء حادث قطار مرسي مطروح الذي وقع منذ أيام قليلة الذي تحمل العنصر البشري مسئوليته ليفجر قضية تناقشها "الأسبوعي" في هذا التحقيق حول الكوارث المصرية ومسئولية الخطأ البشري عنها، وهل تحولت مثل هذه الاخطاء إلي "شماعة" لاخفاء أو تحاشي تحديد المسئول الحقيقي عنها؟ نحاول أن نسأل ما حدود العنصر البشري في وقوع هذه الكوارث.. وكيف يمكن تحديد مسئولية الخطأ البشري..؟ وهكذا كان ذلك التحقيق لم يكن حادث قطار مرسي مطروح الأخير أول الحوادث التي يتحمل العنصر البشري وحده المسئولية عنه فالحادث الذي راح ضحيته 40 مواطنا، بخلاف 60 جريحا آخرين هو أول الكوارث فقد سبقته كوارث من قبل سواء كانت بحرية أو جوية أو حتي برية.. وفي كل واحدة كان العنصر البشري هو الشماعة التي يعلق عليها الخطأ. المراقب للأحداث خلال السنوات الأخيرة يرصد وقوع سلسلة من أسوأ حوادث القطارات، والطائرات ، والسفن راح ضحيتها آلاف الأبرياء، ولعل من أشهر هذه الحوادث التي مازالت عالقة بالذاكرة حادث قطار الصعيد الذي وقع في فبراير 2002 ، حيث قتل 361 قتيلا، بخلاف المصابين، ومن قبلها كارثة كفر الدوار وبالتحديد في عام 98 حينما استيقظت مدينة كفر الدوار علي كارثة دموية عندما خرجت القاطرة الرئيسية للقطار القادم من الإسكندرية والذي كان يحمل رقم 894 عن القضبان واخترقت السور الخرساني، واقتحمت ميدان المدينة وتسبب ذلك في وفاة أكثر من 47 قتيلا و80 مصابا، وجاءت أوراق القضية وقتها زاخرة بالمتناقضات، في محاولة للهروب من المسئولية لتقع بذلك المسئولية علي السائق حينما أكد التقرير الفني وجود تلاعب في كشوف التشغيل، وأن السائق غير مدرب. لم تمض سوي أشهر قليلة حتي كان الصدام بين قطارين علي خط واحد عند البدرشين، وهو كان الأسوأ في تاريخ هيئة السكك الحديدية، ونتج عنه وفاة 62 مواطنا و66 مصابا، وتحمل العنصر البشري متمثلا في قائد القطار المسئولية والخطأ بجوار الشبورة، وأخيرا كان حادث قطار مرسي مطروح هذا بخلاف حادث قليوب والتصادم بين قطار الإسكندرية والمنصورة. الضحايا بالمئات وإذا كان هذا هو الحال في النقل البري فقد شهد النقل البحري، ربما أسوأ الكوارث والتي شهدها البحر الأحمر علي خط ضبا سفاجا وجاء ذلك علي مدار سنوات متتالية بدءا من العبارة سالم أكسبرس عام ،91 التي ابتلعتها مياه البحر ولقي أكثر من 500 راكب مصرعهم وحملت الشركة وقتها قبطان السفينة "حسن مورو" المسئولية ثم كانت الكارثة الثانية عندما انحرفت السفينة السلام "95" منذ أعوام قليلة عند المدخل الجنوبي لقناة السويس بعد اصطدامها بسفينة شحن قبرصية، ثم الكارثة الثالثة وهي العبارة السلام "98" التي غرقت، وعلي متنها أكثر من ألف راكب في مياه البحر وتم تحميل المسئولية إلي ربان السفينة "السيد عمر". ولم ينج قطاع النقل الجوي هو الآخر من الكوارث وتحمل البشر الخطأ والمسئولية، وكان أشهرها الحادث المأساوي للطائرة المصرية التي انطلقت من قاعدة نيويورك في أكتوبر 99 وسقطت في مياه المحيط الاطلنطي قبالة سواحل نيويورك، والذي راح ضحيته 212 شخصا، هذا بخلاف ما شهده عام 2002 حينما تحطمت الطائرة المصرية طراز بوينج بالقرب من مطار قرطاج بتونس وكان علي متنها 62 راكبا ولقي 26 منهم حتفهم. ثم كان عام 2003 حينما شهد حادثا مأساويا بسقوط طائرة بوينج التابعة لشركة فلاش ايرلاينز عند خليج نعمة بالبحر الأحمر علي بعد 8 كيلو مترات من مطار شرم الشيخ وراح ضحيتها 138 راكبا. وفي كل كارثة تبقي الاتهامات موجه إلي العنصر البشري أو قائد المركبة، ويتحمل بمفرده المسئولية والأخطاء.. فلماذا يكون دائما هو المسئول عن وقوع الكوارث، هل لأنه يكون في تعداد الموتي، وبالتالي لا يمكن استجوابه؟