إذا تراجعت بنا الأيام بعد ان استمرت المعارك العسكرية الاسرائيلية مع المقاومة اللبنانية لمدة ثلاثة وثلاثين يوما.. تعمدت اسرائيل خلالها تجاوز حدود العمليات العسكرية لتستهدف المدنيين من اطفال ونساء وشيوخ.. وتهدم البيوت الآمنة والجسور والبنية الفوقية والتحتية بكل آلياتها دون مراعاة لاي مواثيق دولية او اتفاقيات تحكم العمليات الحربية.. وجرائم الحرب غير المشروعة.. إلي أن جاء قرار مجلس الامن 1701 والذي تم البدء في تنفيذه صباح الاثنين 14 اغسطس 2006 بعد ان قبلت لبنان من جانب واسرائيل من جانب آخر تنفيذه رغم افتقاده لعنصري العدالة والتوازن لحق الجانب العربي... الا ان ما تضمنه في فقرته الاولي من ايقاف العمليات العدائية والعسكرية بين الطرفين ثم عودة المهاجرين واللاجئين من أبناء الجنوب اللبناني لمنازلهم واراضيهم.. مثل بلا شك خطوة ضرورية استمسك بها الجانب العربي والدولي علي الرغم من الاختلاف حول صياغتها وابعاد معانيها.. إلا انها كحد ادني.. توقف الخراب والضياع ورائحة العدوان والموت الذي حاق بالشعب اللبناني والذي عاد ليبحث بيد اطلال وخرائب بيوته عن باقي جثث لم تنتشل.. او مستلزمات يأمل في تواجدها.. او يجلس بين اعماق مخلفات الهدم والخراب يبكي الدِقن.. والبيت والجسر والشهيد. الذين غابوا عن الوجود.. ولكنه بعد حين يختزن حزنه ويبتلع خسارته.. ليلوح بعلامة النصر بيديه فهو جزء لا يتجزأ من نصر وصمود لحركة المقاومة اللبنانية.. التي تعيش فيه.. ويعيش فيها. وها هو السيد السنيورة رئيس الوزراء اللبناني الذي أسرع بتوجيه الجيش اللبناني للانتشار بالجنوب التزاما بقرار مجلس الامن ينظر للسماء في وسط جمع من مواطني لبنان.. ليصرح ويصف اختراق إسرائيل لقرار مجلس الامن بالعودة بغاراتها الجوية وقذفها لمواقع بالجنوب يستشهد فيها مدنيون آخرون.. بأن ذلك "اجراما اسرائيليا" تتحدي به كل مواقف وقرارات المجتمع الدولي ومؤساته. فإذا تراجعت بنا الأيام.. الي الاسبوع الثالث من الصراع العسكري والعدوان الاسرائيلي علي لبنان.. ووقائع هذا الصراع وآلياته والتي شكلت فيها صواريخ حزب الله في العمق الاسرائيلي موقفا مازال محور اهتمام الدوائر السياسية والعسكرية ومؤسساتها الي جانب الشارع العربي الذي انتفض ليؤازر المقاومة اللبنانية وارادتها وصمودها رغم تواضع عتادها ويدين العدوان الاسرائيلي الانساني بآلياته ومجازره وحساباته! فقد نشر لي مقال في هذا الاسبوع بعنوان "الموقف العربي.. والفتنة الكبري" وذلك بتاريخ 29 يوليو 2006.. حذرت فيه من مخاطر الفتنة مقررا انه لابد ان يوضع في الحسبان اليوم وغدا.. اي حتي بعد ما قد يتم من معالجة او حلول سواء جزئيا او كليا لايقاف نزيف الدم والتخريب بإيقاف تبادل اطلاق النار والعمليات العسكرية بين الطرفين في لبنان ثم ما يتبع ذلك من خطوات اخري.. الاعتبارات والمؤشرات التالية: 1 الخلافات الفكرية والايديولوجية التي تفجرت اثر الاحداث وما يرتبط بها من رؤي سياسية وابعاد مبدئية حول مدي صلاحيات المقاومة بفصائلها العربية في مقاومة الاحتلال والعدوان الاسرائيلي وفقا لحساباتها وتقديراتها دون النظر لمواقف ورؤي دول المنطقة او توازنات دولية. فالبعض يري في ذلك حتمية تاريخية للرد علي شرف الكيان العربي وكرامته وسيادته خاصة بعد ان تمادت اسرائيل في ظلمها سواء في قضايا العدوان او الاسري كما اصبحت تتمادي للنيل من المدنيين وبناتنا واطفالنا والذين صاروا سبابا وضحايا العدوان الاسرائيلي. وكان هذا الموضوع.. موضع بحث وتأصيل حقيقته في السياسة الاسرائيلية في مقال آخر بعنوان "التربية العنصرية في اسرائيل.. ومسيرة السلام" نشر في 19 اغسطس 2006". 2 الخلافات العقائدية والدينية والتي قد تتفجر بين أبناء الدين الاسلامي الواحد.. اي بين السنة من جانب.. والشيعة من جانب آخر.. او بين المسلمين من جانب والمسيحيين من جانب آخر بلبنان. وإذا انهيت استقرائي وتنبؤي بمخاطر تلك الفتنة المتوقعة.. والتي تمثل بلاشك جزءا من المخطط الاسرائيلي ومن يؤازرها ويدعم سياستها.. لتفتيت كيان المنطقة العربية.. وتخريب وحدتها الدينية والطائفية من داخلها.. بالعبارات التالية: "وقت العتاب والحساب عمن تسبب في الموت والخراب من جراء عمليات المقاومة اللبنانية وان كان التلاحم والتآزر بين الجميع في وقت الاحداث خاصة مع قسوة المحنة حد او خفف من الظهور لاي ظاهرة في هذا الاطار.. واخيرا فهل لنا ان نحذر من الفتنة الكبري التي قد تتفجر من داخلنا او تستهدفنا من خارجنا! والآن.. كأنما الفتنة بدأت تطل بجذوتها من جحورها.. ليست لتنال من لبنان فحسب بل لتحيط المنطقة العربية.. بهويتها وعقائدها وتطلعها الي السلام والتنمية. بكل الخطط والفتين التي تعود بها الي قرون الماضي والتخلف وتفتيت كياناتها.. لتنال منها وبيدها لا بيد عمرو..