عندما شرعت إسرائيل في هجومها العسكري علي مقاتلي "حزب الله" في لبنان قبل أكثر من أسبوعين، كانت تأمل أن تقضي آلتها العسكرية عالية التقنية بسرعة علي مقاتلي المنظمة التي تتلقي دعمها من إيران. غير أن ما بدا كمحاولة للقضاء علي مقاتلي "حزب الله" بواسطة ضربات جوية مدروسة في وقت وجيز أصبح عالقاً في البلدات الصغيرة في جنوب لبنان، حيث تعاني القوات البرية الإسرائيلية عدداً لم يكن متوقعا من الإصابات، وحيث قتل سلاح الجو الإسرائيلي نحو ستين مدنياً لبنانياً يوم الأحد. ويمكن القول إن الخسارة الأخيرة التي تكبدها سلاح المدفعية الإسرائيلية وارتفاع عدد القتلي المدنيين، إنما يشير إلي حدود التفوق التكنولوجي الذي تتوفر عليه إسرائيل. وفي هذا السياق، يقول جيرالد ستينبورغ، المتخصص في العلوم السياسية بجامعة بار إيلان خارج تل أبيب، "يبدو أن التكنولوجيا الحربية التي تتوفر عليها إسرائيل لم تثبت نجاحها كما كان مؤملا"، وأضاف قائلا "عندما يتعلق الأمر بحرب غير نظامية وبمنظمة إرهابية تعمد إلي استعمال الأذرع البشرية، فلا توجد أي تكنولوجيا يمكنها أن تخبرك بوجود العشرات من الأطفال في قبو أحد المباني التي تُستعمل لتخزين الأسلحة أو بالقرب من إحدي منصات إطلاق الصواريخ". والواقع أنه لا توجد تكنولوجيا يعتمد عليها الجيش الإسرائيلي أكثر من طائرات التجسس غير المأهولة التابعة للكتيبة 200 من سلاح الجو، وهي طائرات "درون" مزودة بأجهزة متطورة تتراوح ما بين القنابل الذكية ونظام تحديد المواقع (GPS). وتحلق هذه الطائرات من قاعدة جوية تقع إلي الجنوب من تل أبيب، وتقوم بعمليات مسح للأودية والبلدات في جنوب لبنان وضرب منصات إطلاق الصواريخ التابعة ل"حزب الله" قبل أن يتمكن مقاتلو الحزب من إطلاق صواريخ الكاتيوشا علي شمال إسرائيل. وقد أطلقت طائرة "درون" إسرائيلية أول أمس صاروخاً علي مركبة عسكرية لبنانية اعتقدت أنها ل"حزب الله"، وهو ما أسفر عن مقتل جندي لبناني. ويذكر أن الهجوم أتي عقب إعلان سلاح الجو الإسرائيلي عن تعليق معظم عمليات القصف لفترة 48 ساعة من أجل إتاحة الفرصة أمام سكان الجنوب اللبناني لإخلاء منطقة الحرب. والواقع أن هذا الخطأ في تحديد الهدف إنما يبرز مدي الصعوبة التي يواجهها سلاح الجو الإسرائيلي للحفاظ علي شدته وقساوته في القتال، مع الحرص في الوقت نفسه علي تلافي الخسائر البشرية خلال تعقبه لأهداف "حزب الله". وبالرغم من أن هذا النظام معمول به منذ سنوات في أجواء قطاع غزة، إلا أنه أثبت عجزه عن تفادي مقتل العشرات من المارة في محاولات اغتيال زعماء الفصائل الفلسطينية النشطين.