لم يملك المراقبون سوي الربط بين البيانات الصحفية المتتالية، التي تصدر عن قطاع الهندسة الإذاعية، فجأة، والهجوم الذي طال هذا القطاع، والذي وصل إلي الاتهام بوجود فساد وإهدار للمال العام، وهو ما بادر أحمد أنيس رئيس مجلس أمناء اتحاد الإذاعة والتليفزيون إلي نفيه أكثر من مرة، وتأكيده أن الاتحاد لن يتستر علي الفساد، وسيلاحق المتورطين فيه. وجه الغرابة في هذه البيانات، التي بدت وكأنها بيانات عسكرية تصدر عقب كل عملية حربية في جبهة القتال، أن المهندس حمدي عمارة رئيس القطاع لم يكن، يوما، من المؤمنين بدور الصحافة في تغطية نشاطات الهندسة الإذاعية، بل كان من المعارضين، دوما، لإجراء أي أحاديث أو حوارات صحفية، ووجهة نظره المعلنة في تبرير هذا بأن قطاعه لا يشكل مادة جاذبة للصحافة، لكونه لا يملك شاشة أو شبكة إذاعية، ومن ثم فهو بعيد عن أية مواجهات من هذا النوع، وليس طرفا يجعله عرضة لانتقاد أو تقييم، وفي سعيه الحثيث لإقناع الصحافة بوجهة نظره هذه كان يردد، في كل مناسبة، أن أحدا، من غير العاملين في قطاع الهندسة الإذاعية، أو القيادات المعنية، لا يهمه أن يقرأ عن قيام القطاع بشراء أجهزة حديثة أو معدات لتقوية البث وغيرها من الأمور التقنية. كانت هذه قناعة رئيس قطاع الهندسة الإذاعية، التي احترمها الجميع، قبل أن تتبدل بين ليلة وضحاها، فيؤمن، فجأة، بالدور المهم الذي تلعبه الصحافة، ويقرر، طواعية أو ربما رغما عنه، الانفتاح عليها بالصورة الراهنة التي أثارت دهشة الكثيرين؛ خصوصا أن البيانات الصادرة حتي الآن، والتي وصلت إلي ثلاثة بيانات، لم تحمل أي جديد أو إضافة نوعية بأكثر من إشادة بالقطاع وإنجازاته المشهودة ونجاحه الباهر في توفير 80 مليون جنيه سنويا للاتحاد، وهو ما نص عليه البيان رقم (1) الذي جاء فيه أنه في إطار جهود الهندسة الإذاعية لمواكبة تطورات البث الفضائي حول العالم تم تحويل البث من النظام التناظري إلي النظام الرقمي، وبذلك تم توفير 80 مليون جنيه سنويا تقريبا لاتحاد الإذاعة والتليفزيون، كما تم استخدام عدد من الأقمار الأوسع تغطية والأكثر انتشارا بالإضافة إلي زيادة عدد القنوات، حيث تم بث قناة النيل للأخبار علي القمرين "هوت بيرد" و"آسياسات" وبث قناة النيل الدولية علي القمر "هوت بيرد" والقناة الفضائية المصرية علي نفس القمر مع الباقة العربية وجميعها تبث بالنظام الرقمي. وهي معلومات تنقصها الدقة؛ نظرا لأن كل متابع لقنوات القمر الاصطناعي "هوت بيرد" يكتشف بسهولة كثرة احتجاب بعض قنواتنا، لأسباب هندسية بكل تأكيد، وفي البيان رقم (2) وبنفس الديباجة التي جاءت في مقدمة سلفه "في إطار مجهودات الهندسة الإذاعية" واصل القطاع الإعلان عن نفسه بالقول إنه "تم تركيب عدد 25 محطة F.M لبث الشبكات الإذاعية المختلفة بجودة عالية في جميع أنحاء الجمهورية؛ خاصة في المناطق النائية لتشمل إذاعة القرآن الكريم لتغطية منطقة سيناء وتحديدا مدن دهب وسانت كاترين وشرم الشيخ ورفح كما تغطي الشبكة مدينتي القصير وشلاتين في محافظة البحر الأحمر وأيضا مدن دمياط وسيوة وسيدي براني ومناطق الواحات البحرية والمناجم البحرية والفرافرة والخارجة والداخلة وواحة باريس، كما تغطي مناطق أبو سمبل وإدفو وإسنا وكلابشة في محافظات الوجه القبلي. أما بالنسبة لإذاعة البرنامج العام فتم تقويتها حسب البيان رقم (2) لتغطي مدن دهب وسانت كاترين وشلاتين وبالنسبة لإذاعة وسط الدلتا فأصبحت الشبكة قادرة علي أن تغطي منطقة دمياط (!) وتغطي إذاعة الوادي الجديد واحة الفرافرة وتغطي إذاعة صوت مصر التابعة لشبكة صوت العرب منطقة حلايب. وهنا نلاحظ أن الطفرة التي تحدث عنها البيان لم تشمل إذاعة صوت العرب، التي مازالت مسجونة في نطاق ترددات الموجة المتوسطة، ولم ينجح قطاع الهندسة الإذاعية حتي هذه اللحظة في بثها عبر ال F.M وهو الأمر الذي ينطبق علي أسوان والأقصر اللتين لا يصلهما إرسال ال F.M في الوقت الذي وصلت فيه إذاعتا البرنامج العام والقرآن الكريم إلي شلاتين والفرافرة (!!) وأغرب ما كشف عنه البيان أن إذاعة وسط الدلتا صارت للتو تغطي منطقة دمياط (!!) وعلي الرغم من التكثيف الذي جاء عليه البيان رقم (3) فإنه لم يحمل الجديد المتوقع، بل تصور أنه يحمل بشري للمواطنين لما أكد أن "الهندسة الإذاعية تبذل جهودا واسعة لتحقيق نقل متميز دائم لمباريات الدوري المصري منها إعادة استخدام أجهزة البث الخاصة بالبطولة الإفريقية (28 كاميرا)، وذلك بتركيب كاميرات رقمية لكل من وحدات الإذاعة الخارجية الخاصة بالمباريات، كما تم استخدام الكاميرات الباقية في تجديد استوديوهين بمبني ماسبيرو بحيث تحقق أقصي استفادة ممكنة من تلك الأجهزة، والسؤال الذي يتبادر للذهن فورا: أين الإنجاز في هذا؟! أليس هذا هو الطبيعي بدلا من أن يتم إيداع هذه الكاميرات في المخازن، منذ انتهاء بطولة كأس الأمم الإف