إن قرار المحكمة العليا بالولاياتالمتحدة اعتبار المحاكم العسكرية، التي اقيمت لمحاكمة المعتقلين في جوانتانامو، غير شرعية، لا ينبغي فهمه بشكل ضيق باعتباره قراراً ضد المحاكم العسكرية وحسب؛ بل انه من الاهمية بمكان الانتباه الي انه تأكيد علي حكم القانون حتي في حالات الحرب. ان حكم القانون هو ما يقرره الدستور، والقوانين المتفرعة عنه، ومواثيق جنيف، وليس ما يأمر به رئيس الولاياتالمتحدةالأمريكية. سليم أحمد حمدان مواطن يمني اعتقل واتهم بمساعدة القاعدة. وقد رأت الادارة الأمريكية انه وزملاءه لا تغطيهم القوانين الصادرة عن الكونجرس لحالات الحرب، ولا تلك المشرعة في جنيف بشأن معاملة اسري الحرب، ولذلك فقد قدمته الادارة لمحكمة عسكرية حكمت عليه بناء علي ادلة ظلت سرية عنه وعن محاميه. ويستطيع المدعون العامون ما داموا لا يتعرضون لأي رقابة أو مراجعة الاستناد الي الشائعات والاعترافات الاكراهية والشهود الذين لم يؤدوا اليمين القانونية! لقد قررت المحكمة العليا ان هذه الامور تنكر للقواعد التي وضعها الكونجرس في قانون المحاكمات العسكرية، والتي تطلب للأسري حماية متساوية عندما يمكن تطبيق ذلك، وفي سائر المحاكم العسكرية، كما قررت المحكمة العليا ان الاجراءات التي اتبعتها المحاكم العسكرية تتجاوز ما تقرر في اتفاقية جنيف الرابعة. ورفضت المحكمة دعوي الادارة ان هذه القواعد الدولية لا يمكن استخدامها في المحاكم الأمريكية. وتستطيع الادارة الأمريكية الان ان تطلب من الكونجرس اشتراع قانون خاص لمحاكمة معتقلي جوانتانامو بالذات. بيد ان هذا الادعاء ان حصل فلوقت آخر، اما الان فان قرار المحكمة العليا معناه ان السلطة التنفيذية لا تستطيع بحجة الحرب علي الارهاب، الاستمرار في تجاهل الاجراءات الضرورية في اي محاكمة عسكرية كانت أم غير عسكرية. لقد رفضت المحكمة كل حجج الادارة بشأن "المحاربين غير الشرعيين" وبشأن السماح لوكالة الامن القومي بالتجسس في الداخل الأمريكي، فالظروف المحيطة بالحرب علي الارهاب بعد 11 سبتمبر، وصلاحيات رئيس الولاياتالمتحدة في زمن الحرب. كل ذلك لا يتيح للرئيس بوش الدوس علي القوانين المرعية الاجراء عندما يري ذلك ملائماً! ان المحرك وراء القرار كان القاضي انطوني كنيدي، الذي اضاف الصوت الخامس للحصول علي الاغلبية، كما انه كتب رأياً بليغاً أكد المبادئ الرئيسية: احترام القوانين التي اقرها الكونجرس، ووقعها الرئيس، ضروري في الازمات. وبذلك يكون الدستور محفوظا نصاً وروحاً، ومنزهاً عن ارغامات اللحظة. لقد كان قرار المحكمة العليا حلقة في سلسلة من الخيبات لادارة بوش، فقد رفضت المحكمة من قبل دعوي الادارة ان معتقلي جوانتانامو لاحق لهم في سماع شكاواهم امام المحاكم الأمريكية، وان مواطنا أمريكيا وصف بأنه "محارب غير شرعي" يمكن ان يظل في السجن الي ما لا نهاية دونما محاكمة! ان قضاة المحكمة المحافظين اليوم ليسوا معادين لسلطات الرئيس. بل اثبتوا انهم نموذج في الحرص علي الحريات الفردية وحكم القانون. ويكون علي الرئيس بوش، بدلاً من تلقي الضربات علي هجومه كل الوقت؛ ان يتابع الحرب علي الارهاب من ضمن القانون.