لست أدري السبب في اختيار الدكتور محمود حمدي زقزوق لشغل وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية وبقائه بها فترة طويلة علي كثرة التعديلات الوزارية، وهو رجل صاحب ثقافة غربية لا يتعايش مع الثقافة الإسلامية بالطريقة التي تقنع العامة بتوليه وزارة ذات خصوصية دينية، وهنا لم أشأ أن أتعرض لحياته الخاصة بالقدر الذي أدخل في صميم الموضوع، وهو ضرورة اختيار الرجل المناسب في المكان المناسب، وتقودني هذه الملاحظة الأولية إلي تساؤل طبيعي هل نقبل أن يتولي وزارة الدفاع أو الداخلية أحد من غير أبنائها ؟ إذا كانت الاجابة بالنفي فلماذا نستكثر علي الأزهر أن يتولي أحد من أبنائه "الخلص" شئون وزارة الأوقاف وهي ترتبط ارتباطا يصعب فصمه عن الأزهر وشئون الفتوي، أو ننقل اختصاص الاشراف علي المساجد بما يحتاجه إلي خصوصية فقهية إلي الأزهر وتبقي إدارة الأوقاف "لأفندي" من أفندية الوزارة. قد يقول قائل إن الرجل خريج جامعة الأزهر وحاصل علي العالمية في اللغة العربية، وبالضرورة ليس كل هؤلاء الخريجين من كليات الأزهر المختلفة في شتي العلوم الانسانية يمكن وصفهم "أزهريين"، فقد تعمقت صلة الرجل "بالفلسفة" وحصل علي الدكتوراة في الفلسفة من جامعة ميونخ بألمانيا، واستمرت مسيرته في تدريس الفلسفة في جامعة الأزهر بعد عودته، كل هذا جميل، لكن ما صلته بالأوقاف وشئون الإفتاء وهي أمر أخر مختلف تماما عن تخصصه!! لم أكن أود الاستغراق في هذه الاشارة الشكلية مع تولي وزارة الاوقاف لغير أبناء الأزهر، فهذا الوزير زقزوق لا يقنع أحدا بجدارته بشغل تلك الوزارة ذات الأهمية الخاصة للمسلمين بشكل كبير، ومنذ تولي هذه المسئولية وهو صاحب إجراءات شاذة يستهدي فيها بسواقط الفقه أو مرجوحات أحكامه ويولي دبره عامدا متعمدا للراجح المتفق عليه. لا يحتمل المقام أن أتتبع قراراته المعيبة التي منها علي سبيل المثال لا الحصر تخصيص مجموعة من العلماء الرسميين قرابة بضع وعشرين دون غيرهم هم من يسمح لهم بارتقاء منبر التلفاز الرسمي عبر قنواته الثماني بمعني تأميم الخطاب الديني وبالتأكيد أنه أمر مختلف عن التجديد في الخطاب الديني الذي صدعوا رؤوسنا به، ويكشف عن خلل في طريقة التعامل سواء مع الرسالة الإعلامية المطلوب توصيلها لعموم الناس أو مع الملقن وهم العلماء فعلي الأقل داخل المؤسسة الدينية الرسمية الأزهر قصر مهمة الظهور في البرامج الدينية علي قلتها وندرتها علي مجموعة صغيرة من العلماء فيهم هو أمر يكرس عدم الثقة في علماء الازهر فضلا عن حرمان المشاهدين من علماء غير رسميين أو رسميين لديهم تصور معكوس لتصورات السلطة ومنها عزمه حسب قوله وقف فوضي المساجد خصوصا الأهلية أنه سيضع قيودا علي أداء صلاة التراويح بجزء كامل من القرآن يوميا في شهر رمضان المعظم المقبل في العديد من المساجد. أهم هذه القيود اشتراط موافقة الجهات الأمنية علي قيام أي مسجد بختام القرآن الكريم في رمضان.. وأنه سيادته قصر صلاة التراويح وختام القرآن بجزء كامل من القرآن يوميا علي 51 مسجدا فقط من بين 85 ألفا و870 مسجدا علي مستوي جمهورية مصر العربية بمعدل أقل من 1% من هذه المساجد. وقال انه لن يتم السماح بختام القرأن الكريم خلال صلاة التراويح إلا في ثلاثة مساجد بالقاهرة هي: النور والأزهر وعمرو بن العاص.. يا ناس يا عالم أليس فيكم رجل رشيد؟! وحسبي أن ألقي الضوء علي صلفه وعناده وكبره في تنفيذ فكرة جهنمية فهي لا تصدر إلا عن جاهل بقواعد الإفتاء والالمام بشعيرة دينية مستقرة ومتواترة هي الأذان حينما خرج علينا بقرار "توحيد الأذان" وحجته في هذا بحثه عن نداوة الصوت!! فسيادته حريص حرصا عاليا علي مزاج "النائمين" عن صلاة الفجر، فهم بالطبع متعبون من أعمالهم يكدون في اجتماعات مستمرة ويبذلون العرق من أجل تنمية البزنس حقهم فقال لا فض فوه ولا تهشمت أسنانه "توحيد الأذان لا يخالف الأمور الفقهية والشرعية وهذه المسألة لا تعدو أن تكون مسألة تنظيمية"، وتابع أن توحيد الأذان "مهم في تحسين صورة الإسلام في الداخل والخارج وتحبيب الناس في أمور دينهم"، نبئوني بعلم إن كنتم تعلمون ما العلاقة بين توحيد الأذان علي هذا النحو الذي يريده صاحبنا وبين تحسين صورة الإسلام ؟! هذا كلام رجل مشوش في عقيدته منهزم أمام الغرب والآخر عموما، منكسر يري في الأذان إساءة تستلزم الإزالة، والحقيقة أن قرار الوزير زقزوق مربح لأصحاب الأجهزة اللاسلكية التي ستروج بضاعتها في المساجد !! فقد أبرم لتوه عقدا لتوريد أربعة ألاف جهازالاسلكي!! وبقي أن يطلب في مرحلة لاحقة بعد اجتياز عقبات توحيد الأذان "توحيد خطبة الجمعة" أو الصلاة جماعة خلف إمام التلفاز تيسيرا علي المصلين بدلا من الذهاب إلي المسجد!!، وزيرنا الهمام لا يعرف أن مدار العبادات علي الاتباع والأذان عبادة نتعبد ربنا بها علي النحو الذي بلغ عنه رسول الله صلي الله عليه وسلم الذي قال عنه ربنا في القرآن الكريم (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم) يادكتور الفلسفة اعلم أن كل بدعة في الدين ضلالة وكل ضلالة في النار، يادكتور الفلسفة كافح من أجل استعادة الوقف الأهلي الذي ألغاه القانون 180 لسنة 52، يادكتور الفلسفة كافح من أجل مساواة وقف المسلمين بوقف النصاري!! القانون سلب الواقف حقه في إدارة وقفه واستثني صاحب الوقف النصراني من هذا الحظر!! تكلم يا رجل ! تكلم عن أراضي المسلمين التي نهبت بالقانون 152 لسنة 57 وسلمت إلي ما يسمي بالإصلاح الزراعي!! كتبت من قبل عن أوجه شبه كثيرة بين الدكتور زقزوق والحاكم الشهير قراقوش، غير أن الأخير كان حاكما مهابا قراره من رأسه غير أن زقزوق قراره ليس من رأسه فهو وزير في حكومة، المسئولية فيها تضامنية ولا تعفي الحكومة من مسئوليتها فيما يسنه وزيرها من تشريعات ساقطة حتي ولو سايرها مبدئيا مفتي الديار المصرية وظاهرهم شيخ الأزهر الدكتور سيد طنطاوي!!