ولم تحصل الوكالة علي م قامت وكالة الأمن القومي بجمع أكبر قاعدة بيانات من نوعها بالتاريخ من السجلات الهاتفية لملايين الأمريكيين والتي حصلت عليها من الشركات "إيه تي تي"، "فيرزيون" و"بيل ساوث" مقابل مبالغ مالية. وتقول وكالة الأمن القومي إنها استخدمت السجلات للبحث عن انماط مثيرة للشبهات بطريقة التنقيب في البيانات بحثا عن الإرهابيين. ذكرة قضائية أو حتي إذن قانوني من محكمة استطلاع المعلومات الاستخبارية الخارجية، واعترف رئيس اللجنة القضائية الجمهورية أرلان سبكتر انه تم بالفعل انتهاك قانون مراقبة المعلومات الاستخبارية الخارجية. لكن الانتهاكات لم تقتصر علي هذا فحسب. ينص التعديل الرابع للدستور علي حماية حرية الأمريكيين وخصوصيتهم الفردية، ويقول انه لا يمكن للحكومة تفتيشك أو احتجازك بدون استصدار مذكرة قضائية مبنية علي سبب مرجح للاعتقاد بأنك ضالع في جريمة. وهذا الحق هو الخط الفاصل بين الحرية والدولة البوليسية التي تستطيع فيها اجهزة الحكومة تفتيشك أو توقيفك متي شاءت. وهذا هو الخط الذي أزالته وكالة الأمن القومي. لقد أجاز الرئيس بوش البرنامج ودافع عنه، وقال في كلمة له قبل أيام: "نحن لا ننتهك الحياة الشخصية لملايين الأمريكيين". لكن كيف لنا ان نعرف حقيقة ما يجري؟ لقد تم تجاهل المحكمة التي انشئت أصلاً من أجل هذا الغرض. وتم الدوس علي القانون الذي أقر من أجل تحديد ضوابط هذا النظام. كيف لنا ان نعرف أن الرئيس يقول الحقيقة؟ الرئيس يطلب منا ان نثق به وبإدارته لنا. هل نثق بالرئيس الذي قادنا إلي الحرب علي اساس معلومات مغلوطة ومضللة؟ هل نثق بالرئيس الذي قبل أسابيع فقط قال لنا ان برنامج وكالة الأمن القومي لا يشمل سوي المكالمات الهاتفية الدولية مع القاعدة؟ (هذا التفسير يبدو الآن "عديم التأثير" إذا استعرنا عبارة نيكسون الشهيرة). وهذا الرئيس نفسه هو الذي قال إنه سيطرد أي شخص في البيت الأبيض يثبت تورطه في تسريب فاليري بلوم، عميلة ال "سي آي ايه" السرية التي ساهم زوجها في تعرية اكاذيب بوش بشأن قدرات العراق النووية؟ والآن بعدما تبين ان كارل روف كان ضالعا بشكل رئيسي في المساعي لتدمير ويلسون وكشف هوية بلوم كعميلة سرية للاستخبارات الأمريكية المركزية يقول الرئيس انه ليس لديه أي تعليق حول الموضوع لأن التحقيق لايزال مستمراً. هذا ليس شجارا عادياً من شجارات واشنطن الروتينية. بل ان هذا الأمر يتعلق بانتهاك التعديل الرابع للدستور من قبل الحكومة وبيع خصوصيتنا الفردية من قبل شركات الاتصالات الهاتفية (باستثناء شركة كويست التي كان لها موقف رافض مشرف). وهي ليست حالة منعزلة. فالرئيس بوش بالإضافة إلي نائبه تشيني، الذي يعتبر القوة المحركة الرئيسية وراء هذا البرنامج غير القانوني، يعتقد أن من حق الرئيس التصرف فوق القانون في الحرب علي الإرهاب. ويدعي بوش لنفسه حق شن الحروب بدون إعلان رسمي من الكونجرس، مراقبة الأمريكيين بدون مذكرة قانونية، اعتقالنا بدون سبب مقنع، احتجازنا بدون سماع اقوالنا، حرماننا من حق الاستشارة القانونية أو حتي سماع التهم الموجهة ضدنا، إذا قررت الحكومة، بناء علي ادلة ليست مضطرة للكشف عنها، ان تتنصت علينا باعتبارنا متواطئين مع الإرهاب. الان يبدي معظم الأمريكيين استعدادهم للتضحية عن طيب خاطر ببعض حرياتهم إذا كان ذلك سوف يساعد في حماية امنهم ضد 11 سبتمبر آخر. وبوش يعتمد علي هذا الاحساس عندما يتصرف فوق القانون. لكن نسيج حرياتنا دستورنا الذي يقسم كل رئيس علي الدفاع عنه، حرياتنا التي يفترض أن الحرب علي الإرهاب انطلقت للدفاع عنها يقوم برمته علي نظام من التوازنات والضوابط. "ليس بوسع أحد زجنا في الحرب" لا يستطيع أي عميل استخبارات أو وكالة أمن أو مسئول سياسي أو سجان أو حتي الرئيس نفسه احتجازنا بدون مذكرة توقيف أو زجنا في السجن بدون مراجعة. فنظام حرياتنا لايقوم علي الثقة في الشخص الذي يمسك بزمام السلطة، بل يقوم علي نظام من التوازنات والضوابط وعلي اجراء مراجعات مستقلة لكبح تجاوزات المسئولين. لكن هنا تم تجاهل كل التوازنات والضوابط ولقد كانت كويست الشركة الشريفة الوحيدة التي رفضت التعاون مع وكالة الأمن القومي في هذا البرنامج بدون تفويض قضائي رسمي أو اذن محكمة استطلاع المعلومات الاستخبارية المختصة. ورفضت وكالة الأمن القومي تقديم أي تفويض أو إذن من المحكمة وتم بذلك تجاهل القانون والمحكمة المعنية. ويعترف السيناتور سبكتر انه لم "يكن هناك اشراف يذكر من الكونجرس علي هذا البرنامج". لقد رفضت وكالة الأمن القومي والإدارة تقديم المعلومات للكونجرس ورفض الكونجرس الجمهوري الكسيح مساءلتهم. وعندما قام المكتب المستقل للمسئولية المهنية التابع لوزارة العدل بفتح تحقيق بشأن المحامين الذين وقعوا علي هذا البرنامج، رفض البيت الأبيض توفير التصاريح الأمنية الضرورية للمضي قدما في التحقيق. "ثقوا بنا" هذا ما يقوله لنا الرئيس ثم يعمل بكل الوسائل لضمان ألا يبقي لدينا أي خيار آخر سوي الثقة به، بعد تعطيل كل الموازين والضوابط القانونية. حان الوقت للمساءلة، ولقد قام محاميان متخصصان في قضايا المصلحة العامة، برفع دعوي قضائية ضد شركة فيرزيون تطالبها بتعويض بقيمة خمسة مليارات دولار للانتهاكات التي قامت بها، وهذا سيرغم الإدارة علي الدفاع عن البرنامج امام محكمة مستقلة. وبالطبع لا يمكننا توقع إقدام هذا الكونجرس الجمهوري بعقد جلسات استماع في هذا الشأن. لكن يجب علي الديمقراطيين التعهد بإطلاق سلسلة من التحقيقات في ممارسات هذه الإدارة وخروجها عن القانون من العقود التي منحت لشركة هاليبرتون بدون منافسة ونهبت منها الشركة مليارات الدولارات إلي السجون السرية والتعذيب وسحق الحريات هنا في الوطن. نحن نخوض الحرب علي ارهابيي القاعدة دفاعا عن حرياتنا. وحري بنا ان نتأكد من عدم قيام إدارة بوش بتمزيق هذه الحريات في سياق هذه الحرب