أفاد تقرير أصدرته وزارة الدفاع الأمريكية يوم الثلاثاء الماضي أن القيادة الصينية لم تقدم تفسيراً مقنعاً حول الأهداف الكامنة وراء تنامي قوتها العسكرية، خاصة وأن بكين منهمكة في تحديث قواتها المسلحة وتعزيز قدرتها علي مواجهة التحديات التي قد تشكلها قوات أجنبية في المناطق القريبة منها. ويشير التقرير الذي يقيم الحالة العسكرية الصينية لسنة 2006 ويحمل عنوان "القوة العسكرية لجمهورية الصين الشعبية" إلي أن "الإنفاق العسكري الصيني يفوق بمرة إلي مرتين الأرقام المعلنة رسمياً". يشار إلي أن التقرير الذي جاء في خمسين صفحة ويعرض كل سنة أمام أنظار الكونجرس متاح علي شبكة الإنترنت، حيث يضم بين دفتيه أنواع الأسلحة التي تملكها الصين، فضلاً عن إيراده لتفاصيل حول جهود الصين لتحديث صواريخها البالستية وتطوير قدرتها التدميرية. بيد أن التقرير الذي يحيل علي التنافس الصيني في مجال حيازة الأسلحة المتطورة يغلف لغته التحذيرية بكلمات انتقيت بعناية تعبر عن التفاؤل حيال مستقبل العلاقات بين واشنطنوبكين. والواقع أن التقرير استطاع في السنوات الأخيرة أن يوجد سجالاً خاصاً به علي الصعيد الدبلوماسي بين الدولتين. فهو من جهة يطلق العنان للانتقادات الأمريكية تجاه الإنفاق العسكري الصيني ويفتح المجال أمام التحليل والتكهنات، ومن جهة أخري يؤجج شهية المسئولين الصينيين بالرد علي الانتقادات وإجراء تحليلاتهم الخاصة علي ضوء ما ورد في التقرير. والملفت أن التقرير الذي أصدرته وزارة الدفاع الأمريكية حول تحديث الصين لقدراتها العسكرية جاء في وقت تسعي فيه الولاياتالمتحدة إلي إقناع الصين بالدخول في شراكة بهدف الحد من التطلعات النووية لإيران وكوريا الشمالية. ومن جهته أكد "بيتر رودمان"، مساعد وزير الدفاع لشئون الأمن الدولي مصادقة الجهات المختلفة في الحكومة الأمريكية علي التقرير بعدما وزع علي مراكز القرار الأمريكي، منوهاً إلي الاتفاق الواسع الذي حظي به في الأوساط الأمريكية. وتظهر النبرة المتفائلة للتقرير علي نحو واضح وجلي من خلال إبراز الموقف الأمريكي المرحب بصعود الصين إلي الساحة الاقتصادية الدولية، حيث جاء فيه "ترحب الولاياتالمتحدة بصين ناجحة ومزدهرة" مضيفاً أن "السياسة الأمريكية تشجع الصين علي المشاركة كطرف فاعل في القضايا الدولية وتدعوها لتحمل جزئها من المسئولية من أجل نظام عالمي سليم كانت هي إحدي أكبر المستفيدين منه". وحسب التقرير بذلت المؤسسة العسكرية الصينية جهوداً حثيثة علي المدي البعيد بهدف التحول من جيش ضخم موجه لخوض حروب الاستنزاف فوق أراضيه إلي "قوة أكثر حداثة قادرة علي الدخول في معارك قصيرة، أو خوض صراعات طاحنة ضد خصوم يمتلكون وسائل تكنولوجية متطورة". وبينما يقر التقرير بمحدودية القدرات الصينية علي تحمل عمليات عسكرية تجري علي مسافات بعيدة، إلا أنه يعترف من جهة أخري بامتلاك القوات الصينية القدرة علي منافسة الولاياتالمتحدة، لاسيما في مجال "إنتاج تكنولوجيا عسكرية تستعيض بها عن التفوق الأمريكي التقليدي في ميادين أخري". ويتابع التقرير أن تطوير الصين لقدراتها العسكرية يعني أن بكين ستواصل في المدي القريب حشد قواتها عبر مضيق تايوان التي تعتبرها الصين إقليماً متمرداً، لكنها في الوقت نفسه ستعمل علي "تطوير قدرات خاصة يمكن توظيفها في حالات الطوارئ التي قد تنشب في محيطها الإقليمي، مثل اندلاع نزاعات حول الموارد أو الأراضي". وانسجاماً مع هذه السياسة قامت الصين في السنة الماضية بنشر ما بين 710 و790 صاروخاً بالستياً قبالة تايوان مقارنة مع ال650 صاروخاً التي نشرتها السنة التي قبلها. ويشير التقرير أيضاً إلي قدرة الصين المتصاعدة علي منع قوات مسلحة من الوصول إلي المنطقة مستخدمة الضربات الجوية والغواصات، فضلاً عن الصواريخ الدقيقة، مؤكداً قدرة تلك الأسلحة علي "طرح تهديدات حقيقية للجيوش العصرية التي تعمل في المنطقة".