أمر الرئيس البوليفي "إيفو موراليس" الجيش باحتلال حقول الطاقة في البلاد بعد أن قرر وضع احتياطيات بوليفيا من النفط والغاز تحت إشراف الدولة. وقد أمر موراليس، الذي كان محاطاً بالجنود بحقل نفطي تديره شركة النفط البرازيلية "بيتروبراز" العملاقة، المنتجين الأجانب بالتخلي عن مراقبة جميع الحقول، علي أن تتم عمليات بيع المحروقات من الآن فصاعداً عبر شركة الطاقة المملوكة من قبل الدولة. ومنح "موراليس" الشركات الأجنبية مهلة 180 يوماً من أجل إعادة التفاوض بشأن العقود الموقعة مع الحكومة، وإلا فعليها أن تغادر البلاد، إذ قال: "لقد حان الوقت، اليوم المنتظر، اليوم التاريخي الذي تعيد فيه بوليفيا السيطرة المطلقة علي مواردها الطبيعية. أما النهب الذي كانت تمارسه الشركات الأجنبية فقد انتهي". ويعد المرسوم الذي أصدره موراليس آخر حلقة في سلسلة الإجراءات التي اتخذتها فيما قبل حكومات من أمريكا اللاتينية كفنزويلا والإكوادور بهدف فرض سيطرة أكبر علي قطاع الطاقة، إجراءات أخافت كثيراً المنتجين الأجانب. وقد اغتنمت حكومات هذه الدول الفرصة لجني عائدات أكبر، ساعية في الوقت نفسه إلي استغلال سيطرتها علي إمدادات الطاقة في اكتساب نفوذ سياسي أكبر داخلياً وخارجياً، وذلك علي خلفية السياسات القومية وارتفاع أسعار النفط والغاز. وقال "أدريانو بيريس"، مدير "المركز البرازيلي لدراسات البني التحتية"، وهو مؤسسة استشارية في مجال الطاقة بريو دي جانيرو، "إن الحكومات في المنطقة تنظر إلي الطاقة كوسيلة يمكن استعمالها لتحقيق أجنداتها الشعبوية"، مضيفاً: "من وجهة نظر سياسية، يعتبر ذلك موضوعاً قوياً يمكن استغلاله. ولكن من وجهة نظر صناعية، يمكنه أن يتسبب في أضرار بالغة". ويمكن القول إن مرسوم "موراليس" القاضي بتأميم قطاع صناعة الطاقة في بوليفيا، التي تضم ثاني أكبر احتياطي من الغاز في أمريكا اللاتينية بعد فنزويلا، قد تسبب في حالة من القلق في أوساط المنتجين الأجانب الذين أعلنوا أنهم سيلتزمون الحذر إلي أن تكشف الحكومة تحت أية شروط تعتزم إعادة التفاوض بشأن العقود. وفي هذا السياق، قالت "بيجونيا إيليسيس"، مديرة العلاقات الخارجية في مدريد بشركة النفط الإسبانية "ريبسول"، التي تعد ثاني أكبر مستثمر في قطاع الغاز ببوليفيا، "نحن قلقون، ونتوقع أنه ستكون ثمة شروط كثيرة". أما شركة "بيتروبراز"، التي تعد أكبر مستثمر في بوليفيا بأزيد من مليار دولار، فقد انتقدت ما سمته "الموقف أحادي الجانب" الذي اتخذته الحكومة البوليفية، وأعلنت أنها ستتخذ الإجراءات اللازمة من أجل "حماية حقوق الشركة" وضمان إمدادات البرازيل من الغاز، التي يأتي نصفها من بوليفيا. والواقع أن الغاز البوليفي يكتسي أهمية كبيرة بالنسبة للبرازيل التي تعد أكبر سوق إقليمية. وقد أثارت التطورات الأخيرة قلق الرئيس لولا دا سيلفا شخصياً، وهو "اليساري" والزعيم النقابي الذي رحب علناً بصعود موراليس إلي السلطة. وفي هذا الإطار، عقد دا سيلفا اجتماعاً مع خوسي غابرييلي دي أسيفيدو، مدير "بيتروبراز"، إلي جانب مسئولين كبار في وزارة الطاقة والمعادن البرازيلية. ويعد الإعلان البوليفي وفاء بالتعهدات التي أطلقها "موراليس" خلال الحملة الانتخابية، والتي كان لها دور كبير في وصوله إلي السلطة في ديسمبر المنصرم. ومما يذكر أن الإعلان مهدت له إجراءاتٌ اتخذت العام الماضي حين أقرت بوليفيا زيادة كبيرة في الرسوم التي يدفعها المنتجون الأجانب مقابل حق العمل بالبلاد. والواقع أن الخطوة التي اتخذها موراليس يوم الاثنين تعد الأهم من نوعها في هذا الإطار حتي الآن، في وقت يخشي فيه العديد من المراقبين المتخصصين في صناعة الطاقة أن تؤدي هذه الخطوات إلي تخويف المستثمرين وتنفيرهم، وبالتالي تعريض اقتصادات المنطقة للخطر. وقال "غال لوفت"، مدير "معهد تحليل الأمن العالمي"، وهو مؤسسة استشارية بواشنطن تدرس قضايا الطاقة، "الأمر ليس كما في السعودية التي تمكنت علي مدي السنين من تطوير خبرة الإشراف علي القطاع بشكل مستقل"، مضيفاً "عندما تتسبب في مشاكل بالنسبة للمستثمرين الأجانب، فإنك تتسبب في مشاكل بالنسبة لأولئك الذين يعرفون كيف ينشئون القطاع ويطورونه".