هل التاريخ يصنع الرجال.. ام العكس.. الرجال يصنعون التاريخ؟! يتردد هذا السؤال علي ذهن الانسان عندما تستمع الي ما تكلم به الاستاذ خالد محيي الدين مؤخرا عن مسيرة حياته ونضاله- في احدي القنوات الفضائية يوم الجمعة 14 ابريل 2006- والتقي في جانب ليس بالقليل مع سطور في مذكراته التي نشرها بكتاب اسماه "والان اتكلم" وصدر عن مركز الاهرام للترجمة والنشر. وخالد محيي الدين من الشخصيات المضيئة.. والتي اجمع الشعب المصري- بصرف النظر عن الرؤي المختلفة حوله "ايجابا او سلبا" من زاوية انتمائه السياسي ومواقفه سواء منذ قيام ثورة يوليو 1952.. او ما بعد تشكيله حزب التجمع الوحدوي- علي انه رمز تمسك بكل ما يملك من ارادة بمبادئه ومعتقداته.. وخرج من ذاته ليعطي نموذجا ومثلا للدفاع عن رسالة حرص عليها منذ قيام الثورة وحتي الان... وهي المطالبة بتحقيق الديمقراطية.. والتأكيد علي منهاجها وممارستها من اجل وطن يحبه.. وشعب آمن بطموحاته وآماله.. خاصة الطبقات الفقيرة.. التي تحتاج الي دعم ومؤازرة. رأيت خالد محيي الدين.. علي الشاشة الفضائية لا يترك ابتسامته المريحة التي تزدان به شفتاه طوال حديثه وحواره.. ولا يغفل عن دقائق الامور في ذكرياته والاحداث المهمة.. والتي تمثل للمشاهد اضافة جديدة في سطور تاريخ طويل.. يعلم بعضها.. ويجهل اغلبها فمازال.. الكثير سرا خلف الكواليس. كان الاستاذ خالد محيي الدين من بين الستة الاوائل الذين شكلوا تنظيم الضباط الاحرار بالجيش المصري والذي قام بثورة يوليو عام 1952.. الي ان مسيرة نضاله وكفاحه لها "مذاق خاص" اذ ان الواقع يؤكد انه الوحيد من بين اعضاء مجلس قيادة الثورة.. الذي مازال حتي الان يتعامل "بالسياسة" ويمارس حقوقه في التعددية الحزبية "سواء رئيس الحزب او خارجه". وتحققت له آماله وطموحاته في هذه الممارسة الديمقراطية ويطالب بالمزيد منها علي الرغم من انه كان في مقتبل الثورة.. عضو مجلس الثورة الوحيد الذي نفاه مجلسها خارج البلاد لفترة لتأمين مسيرتها.. وتجفيف اصراره علي تحقيق الديمقراطية في مسيرة الثورة ذاتها. يقول خالد محيي الدين في حواره ومذكراته: انه قبل وقبيل اربعين عاما.. وهو عمر ثورة يوليو التي شارك فيها.. احتك واقترب ومعه الرئيس الراحل جمال عبدالناصر- وذلك ابان حكم وعهد الملك السابق فاروق- مع جماعة الاخوان المسلمين.. وكان ذلك تقريبا في عام 1944- وكان همزة الوصل معهم البكباشي عبدالمنعم عبدالرءوف والصاغ محمود لبيب- والاخير كان يعتبر مسئول الجناح العسكري في جماعة الاخوان المسلمين حينذاك.. وكان معهم بعض الضباط القلائل ومنهم الفنان الراحل احمد مظهر.. الا ان خالد محيي الدين كان متحيرا ومتسائلا.. عما اذا كان الاخوان المسلمين لديهم برنامج واضح- اقتصادي واجتماعي متكامل.. وماذا سيقدمون مثلا للشعب.. في مجال التعليم والاسكان والزراعة.. وغيرها من القضايا. ويضيف: انه من كثرة ما وجهه لهم من هذه الاسئلة كان يشعر بانهم يراوغون في الاجابة حتي احتاروا هم ايضا معه.. فاصطحبوه بحضور الرئيس الراحل جمال عبدالناصر الي الاستاذ حسن البنا مرشد الاخوان في ذلك الوقت!! وقد علق الاستاذ حسن البنا علي تساؤلاته حول ضرورة وجود برنامج وطني اجتماعي واقتصادي للجماعة بالاتي "انه لو وضع برنامجا محددا لارضيت البعض.. واغضبت البعض الاخر.. وكسبت اناسا وخسرت اخرين.. وانا لا اريد ذلك".. ولذلك اترك الموضوع عاما بان الحلول موجودة لدينا.. اي يقصد ان البرامج بنوعياتها في عقيدتهم موجودة ولكن دون برامج مكتوبة وموضحة ومعلنة. ومن هنا.. افاد الرئيس الراحل عبدالناصر.. زميله خالد محيي الدين بان الجماعة تستخدم مجموعة من الضباط لتحقيق اهدافها الخاصة فقط! وبناء علي ذلك فهو شخصيا يرتاب في اهدافها ومقصدها.. وبدأت مرحلة التشكك.. قبل قيام الثورة.. في اهداف الجماعة الا انه علي الرغم من ذلك فكلاهما الرئيس جمال الناصر.. وخالد محيي الدين بايعا المرشد العام للاخوان الاستاذ حسن البنا في نفس التوقيت واقسما علي المصحف والمسدس يمين الطاعة له! وبعد ثلاث سنوات من ذلك.. اي في عام 1947 هكذا يقول السيد خالد محيي الدين.. انضم الي منظمة "ايسكرا الشيوعية" من خلال صديق له وكان معظم اعضائها من الشباب ولا يوجد احد فيها من العسكريين.. الا ان الخلية التي تم توجيهه للانضمام بها.. كان يرأسها باشكاتب في سلاح الفرسان يعمل في الشئون الادارية بينما هو "خالد محيي الدين" كان ضابطا في نفس السلاح.. الا انه علي الرغم من ذلك تعلم من برامج الخلية "القراءة المنهجية". وكان عام 1954 مليئا بالاحداث والوقائع ويسردها السيد خالد محيي الدين في سطور نوجزها: - اصدر مجلس قيادة الثورة في 15 يناير 1954 قرارا بحل جماعة الاخوان المسلمين بالاجماع.. وكان من بين الموافقين علي اصداره الرئيس محمد نجيب وعلق خالد محيي الدين علي ذلك ان تنصل نجيب فيما بعد من هذه