ربما يبدو غريبا هذا التركيب اللغوي بما قد يحتاجه من تفعيل وإيضاح وتحليل ربما يعكس منه جانب من واقعنا التعليمي عبر بعض متناقضاته التي يمكن حلها عمليا في حالة ضمان تدفقات مصادر التمويل المجتمعي التي يحتاجها الأداء التعليمي عبر سعيه الدؤوب لتحقيق منظومة "الجودة" بكل مقوماتها وآلياتها ومتطلباتها. ربما تزول الغرابة إذا توقفنا عند مستوي ما يحققه التعليم الخاص من استثمار مادي من حصاد أي مشروع تعليمي، بما يعني أن ثمة فضلا للدولة وللمواطن في انجاح برامج التعليم الخاص؛ الدولة باعترافها به ومتابعتها له، والمواطن بحكم ما ينفقه من رسوم تتفاوت بين المدارس الخاصة والجامعات الخاصة علي اختلاف مستوياتها. وبحثاً عن إحدي صيغ التوازن المجتمعي، واعترافا بأن طالب التعليم الخاص في أي مرحلة هو أقل في مجموعه غالبا من طالب التعليم المجاني، فمن الممكن النظر في تخصيص نسبة (ما) تحددها الأجهزة المعنية بالتعليم حيث تخصص تلك النسبة للإنفاق علي التعليم المجاني وصولاً إلي زيادة موازنة المدارس الحكومية، والجامعات الحكومية، ومساندة الدعم الحكومي لها. يأتي هذا الطرح قياساً علي ما يحدث مثلا في الوحدات ذات الطابع الخاص وبعض المراكز، والتي يأتي ضمن فلسفة إنشائها وجوب الإنفاق علي القسم المجاني والبسطاء من موازنة القسم الذي يقدم الخدمة للمواطن المقتدر بأجور رمزية تحقيقا لمبدأ التكامل، وتحسين مستوي الأداء. وليس في هذا الطرح اجحاف بأحد لانه قد يعيد إلي الذاكرة فكرة التعليم الموازي التي اعتراها النسيان بقدر ما اعتراها من عدم وضوح الرؤي حين اختلطت حولها الأوراق في وهم المساس بالمجانية وشرك التخوف من انحسارها تحت أي من المسميات. من واجب المستثمر المصري أن يرد جميل الوطن راضياً، وأن يشارك مرضيا في صناعة هذا التوازن الممكن بالشكل الذي يروق له، حيث يمكن لصاحب المدرسة الخاصة أن يبني للدولة مدرسة حكومية في مقابل استثماراته في التعليم الخاص، ولأصحاب الجامعة الخاصة أن ينشئوا كلية أو أكثر للتعليم الحكومي، أو يعلموا عدداً من غير القادرين بالمجان بما يخفف الضغوط المالية التي يعانيها أساتذة الجامعات والمدرسون، وبما يسهم في رفع كفاءة الأداء، وتوفير الإمكانات والورش والمعامل بالشكل المناسب لتحقيق المعادلة الصعبة بالتوسع في مجال الإتاحة من جانب مع تحقيق فرص الجودة في ظل مفهوم الاستقلال المالي للجامعات علي النحو المرتقب من جانب آخر. أما أن يظل تضخم التعليم الخاص في اتجاهه (الخاص)، أو أن تقف المشاركة المجتمعية قاصرة عند حد مواكبة حركة المد للتعليم العام، فإن الامر يزداد صعوبة في تيسير سبل تحقيق ضمانات (الجودة) أمام ظاهرة التكدس الطلابي، وتدني مستوي الخريج، ورداءة أداء المعلم، وجمود المنهج مما يستدعي وجوب الانطلاق إلي تجديد صيغ الأداء والتقييم علي حد سواء في ظل عطاء مالي أفضل من خلال تداعيات تلك المشاركة المقترحة بكل دلالاتها علي ثقافات العطاء والإيثار والتطوع والتكامل والانتماء والمواطنة.