لقد شهد الأسبوع الماضي وقوع حدثين اثنين، بهما تتأكد دواعي وأسباب كل هذا القلق من نوايا إيران ومطامحها النووية. أولهما ما أعلنته طهران من نجاح في اختبار إطلاق صاروخ، تزعم السلطات الإيرانية عدم إمكان تتبعه بواسطة أجهزة الرادار، إضافة إلي كونه مزوداً بعدة رؤوس حربية، مما يمكنه من ضرب أكثر من هدف في لحظة واحدة. كما زعمت بعض المصادر الإيرانية أن لصاروخ "فجر3" مدي يمكنه من ضرب أهداف في العمق الإسرائيلي، مما يعني إمكانية استهدافه للقواعد الأمريكية المنتشرة في منطقة الشرق الأوسط. أما الحدث الثاني فقد جري الكشف عنه خلال جلسة استماع عقدها الكونجرس. ويتلخص هذا فيما توصل إليه اختبار أمني أمريكي لتمكن بعض المحققين من تهريب ما يكفي من المواد المشعة إلي داخل الولاياتالمتحدةالأمريكية، ومن ثم تصنيع قنبلتين قذرتين. وعلي أية حال فإن الموقف الإيراني الحالي هو سعي طهران كما هو معلن لتطوير تكنولوجيا الطاقة النووية السلمية، دون أن يؤدي ذلك وحده بالطبع إلي تصنيع الأسلحة النووية. ولكن الواقع أن الدول الغربية لا تقبل هذه المزاعم، بالنظر إلي سجل إيران الطويل في إخفاء نواياها النووية عن المجتمع الدولي. ومما لاشك فيه أن مجرد الشك في أن تكون لطهران نوايا نووية ومساعٍ سرية لتطوير السلاح النووي خاصة في ظل النظام الإيراني الحالي يمثل بحد ذاته مدعاة كبيرة للقلق. ثم يضاف إليه قلق آخر، يرتبط باحتمال وقوع أسلحة الدمار الشامل هذه، في أيدي جماعات إرهابية مدعومة من قبل إيران. وكما نعلم فقد عبر الإرهابيون وفي مقدمتهم تنظيم "القاعدة" عن رغبتهم في الحصول علي القنبلة النووية. وفي سبيل تحقيق هذا الهدف، فإن الخيارات المتاحة أمامهم هي إما سرقتها، أو شراؤها أو تطويرها بأنفسهم، علي أن تساعدهم في ذلك دولة ما مثل إيران بخبراتها وإمكاناتها. وفي دراسة حديثة حول كارثية تهديد الإرهاب النووي، والخطوات اللازم اتخاذها لتفاديه، قال الباحث "تشارلز فيرجسون": إن هناك حوالي 27 ألف قطعة نووية ضمن ترسانات ثماني دول هي: بريطانيا، الصين، فرنسا، الهند، إسرائيل، باكستان، روسيا، والولاياتالمتحدةالأمريكية. وكان السيد فيرجسون وهو عالم وخبير مختص بقضايا الأمن النووي، وضابط هندسي سابق في غواصات الصواريخ الباليستية قد اضطلع بإجراء الدراسة المذكورة لمجلس الأمن القومي الأمريكي، الذي يحظي بزمالته الآن. وقد جاء في تقريره أن الأسلحة النووية في الدول الديمقراطية الراسخة والمتقدمة، محفوظة في أمان إجمالاً. ولذلك فهي تصعب سرقتها أو تشغيلها وإطلاقها، دون الوصول إلي شفراتها المتطورة والمعقدة.