العام الدراسي الحالي اشبه بفئران التجارب فقد حفل بقرارات متناقضة اوجدت نوعا من التخبط في المدارس وفي مديريات وادارات التعليم بل في وزارة التربية والتعليم نفسها فضلا عن المشكلات التقليدية مثل ارتفاع كثافة الفصول عن الحدود التي تتيح مناخا تعليميا ملائما لاطراف العملية التعليمية وكذلك عدم توافر المقاعد للتلاميذ لدرجة ان الاف التلاميذ يجلسون علي الارض وضيق المدارس والعجز في المدرسين وتعدد الفترات الدراسية وعدم وجود اماكن لممارسة الانشطة المختلفة. وقد بدأ العام الدراسي باعلان الوزارة ان جميع الكتب المدرسية متوافرة بالمدارس وستكون في ايدي التلاميذ منذ اليوم الاول ولم يحدث هذا بل ان بعض الكتب لم تسلم للمدارس الا بعد مرور اكثر من شهرين من بدء الدراسة. ومن اهم القرارات التي اثارت ازمة حادة في المدارس ما حدث عند الاعلان عن تعيين 50 الف مدرس حيث تدخلت العوامل السياسية والحزبية في مسألة التعيينات فالحكومة والحزب الوطني والمحافظون ارادوا ان يبينوا للناس ان لديهم القدرة علي توفير فرص العمل وارادوا مجاملة الرئيس مبارك بان تكون هذه التعيينات ضمن البرنامج الذي خاض علي اساسه الانتخابات الرئاسية في سبتمبر الماضي فتدخلوا في الضوابط التي وضعتها وزارة التربية والتعليم للتعيينات فبدلا من ان تكون الالوية في التعيين للمدرسين الذين يعملون بنظام الحصة او بالمكافأة ولخريجي التربية اصر هؤلاء علي ان تتم التعيينات بالمزاج وتم الغاء هذه الضوابط بل مارس هؤلاء ضغوطا من اجل الاستغناء عن مدرسي الحصة- رغم العجز الكبير الذي تعاني منه المدارس- فامتنع هؤلاء عن التدريس وكانت النتيجة مأساوية فلم تجد بعض المدارس مدرسين للقيام بالتدريس وهذا كان له بالغ الاثر علي العملية التعليمية. ولم يكد الفصل الدراسي الاول يصل الي نهايته وقبيل الامتحانات تم تغيير وزير التربية والتعليم وهذا احدث نوعا من الاضطراب داخل المدارس وادارات ومديريات التعليم ايضا وقبل ان يبدأ الفصل الدراسي الثاني اتخذت الحكومة قرارا بان يكون يوما الجمعة والسبت اجازة اسبوعية وتطبيق هذا النظام علي جميع المدارس باستثناء المدارس التي تعمل بنظام فترتين في اليوم دون اعداد او استعداد او دراسة ما اذا كانت المدارس الحكومية قادرة علي اختزال يوم دراسي كامل ام لا. اذا اضفنا الي ذلك كله المشكلات التي اوجدها تطبيق نظام التقويم التراكمي علي تلاميذ الصفوف الثلاثة الاولي في المدارس الابتدائية خاصة ان المركز القومي للامتحانات والتقويم التربوي اجري تقييما لهذا النظام وتوصل الي انه يحتوي علي عيوب جسيمة من اهمها عدم تأهيل المعلم لتطبيق هذا النظام وعدم صلاحيته للتنفيذ في ظل ارتفاع كثافة الفصول والعجز الكبير في اعداد المعلمين وتعدد الفترات الدراسية في بعض المدارس وعدم وجود الاماكن المطلوبة لممارسة الانشطة وازدحام الجداول بالحصص الدراسية كما ان التقويم التراكمي زاد من حدة الدروس الخصوصية التي كان من المفترض علي وزارة التربية والتعليم ان تعمل علي محاربتها اذا اضفنا هذه المشكلة اتضحت لنا ابعاد المأساة. ولا ادري ما الحكمة من كل هذه الاجراءات والقرارات؟ او لنطرح السؤال بشكل اكثر دقة وأكثر منهجية ما هي الاهداف التربوية التي تسعي الحكومة ووزارة التعليم الي تحقيقها من وراء كل هذه القرارات؟ انا علي يقين انه لا توجد اية اهداف ولا يوجد حرص علي استقرار العملية التعليمية ولا عناية بالمستوي التعليمي للتلاميذ بل هناك نوع من الاستهتار بالمدرسين واولياء الامور والتلاميذ حيث تتعامل معهم الحكومة كقطع الشطرنج تحركها في اي اتجاه دون ضوابط ودون عبرة بالنتائج ولو كانت الحكومة معنية بالعملية التعليمية بالفعل لما اتخذت مثل هذه القرارات المتضاربة التي اربكت كل من له صلة بالعملية التعليمية.