لم يفاجأ الشارع الفلسطيني والعربي بالفيتو الذي أصدره مجلس النواب الأمريكي ضد إعلان دولة فلسطينية من طرف واحد في حالة قيام الدول العربية بطرح القضية في مجلس الأمن بسبب التعنت الإسرائيلي والمماطلة. ولم يفاجأ العرب بالسلوك الأمريكي الممنهج ضد كل ما هو عربي في المحافل الدولية حيث اعتادوا عليه وتعاملوا معه في إشكالية معقدة رغم الإجماع الدولي علي الحقوق الفلسطنيية والاتفاق علي ضرورة قيام دولة فلسطينية علي حدود 1967 التزاما بالقرارات الصادرة عن الأممالمتحدة ومجلس الأمن وتنفيذا للشرعية الدولية. الولاياتالمتحدةالأمريكية تضرب عرض الحائط بتلك الشرعية باستخدام الفيتو ضد الحقوق العربية وهي بذلك تشجع إسرائيل علي المضي قدما في الاستهتار بكل المواثيق الدولية والاستهانة بالمطالبات الدولية بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس والاستخفاف بالعرب معتمدة علي الفيتو الأمريكي. إذن أمريكا وإسرائيل وجه واحد ضد الحقوق العربية والقضية الفلسطينية وعلي العرب إدارة معركتهم بحنكة وصوت واحد، فالعالم لن يقف مكتوف الأيدي أمام استغلال واشنطن لعضويتها الدائمة في مجلس الأمن واستخدام الفيتو بشكل عنصري ضد كل ما هو عربي. فقد سبق وأن استخدمت واشنطن الفيتو ضد عشرات القرارات الصادرة عن مجلس الأمن وهيئات الأممالمتحدة ومحكمة العدل الدولية وأشهرها الاعتراض علي إدانة جدار الفصل العنصري رغم رفض العالم كله لسلوك إسرائيل المشين بل ومكافأتها بمزيد من الأموال والأسلحة من أجل قتل المزيد من الأطفال. وحسناً احتوت الجامعة العربية القضية من جديد من خلال لجنة المبادرة العربية التي أكدت أنه لا عودة لمفاوضات مباشرة أو غير مباشرة بين الفلسطينيين وإسرائيل ما لم تقم واشنطن بتصحيح سلوكها واتخاذ موقف جاد وتحديد مرجعية للسلام. وفي اعتقادي أن ذلك لن يحدث لا في ولاية باراك أوباما الحالية ولا حتي في القادمة إذا ما فاز بسبب سيطرة الحزب الجمهوري علي مقاعد الكونجرس بمجلسيه. ولذا.. فإن اتجاه الدول العربية نحو مجلس الأمن خطوة إيجابية يجب أن يعد لها جيداً.. وهناك بشائر بقبول القضية في مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة وأمامنا اعتراف البرازيل والارجنتين والسويد.. وحتي لو رفضت واشنطن المطلب العربي واستخدمت الفيتو فإن العالم كله سوف يضغط علي أمريكا من أجل احترام الشرعية الدولية والتعامل مع فلسطين كدولة لها نفس الحقوق المنصوص عليها في المواثيق الدولية. لقد فضح مؤتمر فالداي الذي عقد في مالطا مؤخراً حول سيناريوهات التسوية في الشرق الأوسط والموقف الإسرائيلي والأمريكي في آن واحد.. فاعتراف الولاياتالمتحدة بفشلها في الضغط علي إسرائيل لوقف بناء المستوطنات أخرجها من معادلة الوسيط إلي شريك منحاز في الوقت الذي استمات الوفد الإسرائيلي في الإبقاء علي الدور الأمريكي رغم فشله وعدم الترحيب بالدور الروسي بنفس القوة لأن روسيا وسيط نزيه وليس شريكا لإسرائيل وهي تتمتع بعلاقة قوية مع كل الأطراف وأن جولات المبعوثين الأمريكيين للمنطقة وآخرهم ميتشل تضييع للوقت والقضية لا تحتاج لافكار جديدة بقدر ما تحتاج لتنفيذ القرارات الدولية فالشعب الفلسطيني من حقه العيش تحت دولة ذات سيادة وليست منزوعة السلاح وحدود مؤقتة وتأجيل قضايا القدس والحدود والمياه واللاجئين كما طالبت إسرائيل. الأمل في توحيد الموقف العربي وحشد الدول الإفريقية و دول عدم الانحياز وآسيا وأمريكا اللاتينية من أجل الضغط علي واشنطن والاعتراف بحقوق الفلسطينيين في دولة فلسطينية عاصمتها القدس. مؤتمر فالداي كشف الارتباط العضوي بين إسرائيل وأمريكا في الوقت الذي تؤيد 190 دولة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. أمريكا وإسرائيل في مأزق حقيقي.. وليس العرب. [email protected]