انطلقت في العاصمة الكزاخستانية الأستانة أعمال قمة منظمة التعاون والأمن في أوروبا بمشاركة عدد من الرؤساء ورؤساء الوزراء ووزراء الخارجية، لبحث العديد من القضايا الدولية والإقليمية، وعلي رأسها الحرب في أفغانستان. وهي الأولي لمنظمة التعاون والأمن في أوروبا منذ انعقاد القمة الأخيرة في إسطنبول قبل 11 عاما- كل من الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ووزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون، إلي جانب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، ورئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا فيون الذي سينوب عن الرئيس نيكولا ساركوزي. ويعتبر اجتماع امس أول تجمع إقليمي تلتقي فيه روسيا وجورجيا التي يمثلها الرئيس ميخائيل شاكشفيلي وجها لوجه منذ حرب صيف 2008، كما يشارك في القمة الرئيس الأفغاني حامد كرزاي. وذكرت مصادر رسمية داخل المنظمة أن القمة ستبحث العديد من القضايا الإقليمية والدولية، مثل الوضع في أفغانستان وقرغيزستان، والبحث عن حل دبلوماسي للأزمة بين أرمينيا وأذربيجان بخصوص إقليم ناغورني قره باغ. ولم تستبعد المصادر نفسها أن تهيمن علي كواليس القمة تداعيات الوثائق المسربة التي نشرها موقع ويكيليكس، بالإضافة إلي بعض القضايا الداخلية مثل حقوق الإنسان، لا سيما في كزاخستان نفسها. الدبلوماسي الفرنسي والقاضي السابق المولود في المغرب عام 1948- قال الأخير إن قمة الأستانة ستشكل منبرا لمناقشة العديد من القضايا وليس مجرد بروتوكول احتفالي، مشيرا إلي أن بيانا ختاميا سيصدر عن القمة يضع الخطوط العامة للتهديدات والمصاعب التي تواجه المنطقة. غير مسلح- إلي جنوب قرغيزستان، حيث وقعت في يونيو الماضي مواجهات بين المواطنين القرغيزيين ونظرائهم من قومية الأوزبك، وأسفرت عن مقتل أكثر من مائتي شخص، وذلك لمراقبة وضع حقوق الإنسان في تلك المنطقة. ولفت سالبر إلي أن دول آسيا الوسطي مطالبة حاليا بأن تحارب علي جبهتي "التطرف الديني والعنف العرقي"، لكن دون التفريط بحقوق الإنسان، لافتا إلي أن قضية التنسيق الأمني بين دول المنظمة وباقي دول العالم ستكون من الأولويات الرئيسية في قمة الأستانة. وفي هذا السياق، نقل عن مسئول في الكرملين قوله إن الاستفادة من إمكانيات منظمة التعاون والأمن في أوروبا لم تستنفد بعد، ويمكن استغلالها بشكل أفضل لا سيما علي صعيد التنسيق السياسي والأمني. بيد أن أصواتا داخل كزاخستان انتقدت عقد القمة في الأستانة، واعتبرت أن مثل هذا التصرف يعطي النظام اعترافا دوليا به، علي نحو يعفيه من المساءلة في مجال حقوق الإنسان. وتساءل زعيم حزب "الحرية" المعارض أمرزان كوسانوف عن السبب الذي سيجبر كزاخستان بعد القمة علي الالتزام بحقوق الإنسان التي لم تلتزم بها أثناء رئاستها لمنظمة التعاون والأمن في أوروبا، بعد هذا الحضور الدولي الذي يشكل تشجيعا لها علي سحق قوي المعارضة، علي حد تعبيره. لكن وزير الخارجية الكزاخستاني قنات سعودباييف نفي هذه الاتهامات، وشدد علي التزام بلاده بالمعايير والمبادئ التي وضعتها المنظمة لاحترام حقوق الإنسان.