هموم الناس ترشيح الوزراء مفسدة انتخابية عملاً بالمثل الشعبي القائل (إن بيت أبوك خرب خد منه قالب) هرول عدد من وزراء حكومة رجال الأعمال لترشيح أنفسهم في انتخابات مجلس الشعب ضاربين عرض الحائط بمبدأ الفصل بين السلطات وكذا نصوص الدستور الملزمة بتحقيق المساواة وتكافؤ الفرص بين جميع المرشحين. هذه الهرولة التي تشبه الهجمة التتارية إلي حد كبير أثارت ردود أفعال غاضبة في الشارع المصري خاصة بعد فشل تجربة الوزير النائب تحت القبة علاوة علي فشل الحكومة في الحفاظ علي النظام الجمهوري ورعاية مصالح الشعب الذي يعاني الأمرين من ارتفاع جنوني في الأسعار، وزيادة في معدلات الفقر وطوابير البطالة وقضايا الفساد، وتراجع الدور المصري علي الساحة العربية والدولية. وتفعيلاً لمظاهر الرفض الشعبي لتسابق الوزراء للحصول علي مقاعد ممثلي الشعب تقدم نبيه الوحش المحامي بدعوي قضائية لمجلس الدولة ضد كل من وزير الداخلية ورئيس اللجنة المشرفة علي الانتخابات البرلمانية مطالباً بوقف تنفيذ قرار قبول أوراق ترشيح الوزراء وما يترتب علي ذلك من آثار من أهمها استبعاد الوزراء الذين تم قبول أوراق ترشيحهم لخوض انتخابات برلمان 2010. استندت الدعوي إلي مخالفة ترشيح الوزراء للمادة الثامنة من الدستور والتي تكفل الدولة بموجبها تكافؤ الفرص للجميع، والمادة (40) التي تؤكد أن المواطنين سواسية أمام القانون وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة. وأشار المدعي في دعواه إلي استخدام الوزراء لإمكانيات وزاراتهم في الدعاية الانتخابية الأمر الذي يعد إهداراً للمال العام اضافة إلي أن السادة الوزراء المهرولين يمتلكون من الوسائل التنفيذية التي تؤهلهم لأن يكونوا أفضل من المرشحين العاديين مما يؤدي إلي خلق تفرقة عنصرية وكان حرياً بهؤلاء الوزراء أن يتقدموا باستقالاتهم قبل تقديم أوراق ترشيحهم للمجلس الموقر شأنهم في ذلك شأن ضباط الشرطة حتي يتفرغوا للعمل النيابي. وفي اعتقادي أن دعوي الوحش وإن كانت تعبر عن نبض الشارع إلا أنها افتقرت للعديد من النصوص الدستورية التي تعضد القضية لعل من أبرزها المادة (89) التي تجيز للعاملين في الحكومة ترشيح أنفسهم لعضوية مجلس الشعب بشرط أن يتفرغ النائب لعضوية المجلس.. وكذا المادة (86) التي حددت اختصاصات مجلس الشعب في التشريع وممارسة الرقابة علي أعمال السلطة التنفيذية. أما المادة (95) فتنص علي أنه لا يجوز لعضو مجلس الشعب أثناء مدة عضويته أن يشتري أو يستأجر شيئاً من أموال الدولة أو أن يؤجرها أو يبيعها شيئاً من أمواله أو يقايضها عليه أو أن يبرم مع الدولة عقداً بوصفه ملتزما وفي شأن الرقابة البرلمانية علي الحكومة أعطت المادة (125) لكل عضو الحق في توجيه الاستجوابات إلي رئيس مجلس الوزراء أو نوابه أو الوزراء أو نوابهم لمحاسبتهم في الشئون التي تدخل في اختصاصاتهم، كما تقضي المادة (127) بأن الوزراء مسئولون أمام مجلس الشعب عن السياسة العامة للدولة، ولمجلس الشعب أن يقرر سحب الثقة من الوزراء ونوابهم بعد استجوابهم. وإذا كان الدستورلم يحظر ترشيح الوزراء في انتخابات الشعب بشكل صريح فإن الوزير النائب لا يستطيع ممارسة الصلاحيات والالتزام بالنصوص الدستورية الملقاة علي عاتق البرلمان وأعضائه، فهل سمعتم عن وزير رشح نفسه في الانتخابات البرلمانية السابقة ولم يسخر إمكانيات وزارته من أراضٍ وشقق سكنية واسطول مواصلات وتقديم ما لذ وطاب من الرشاوي الانتخابية لتحقيق الفوز الساحق علي منافسيه من المواطنين العاديين?!. وهل سمعتم عن وزير نائب زار دائرته بعد حصوله علي عضوية مجلس الشعب? وهل سمعتم أو رأيتم حتي في المنام أن أحداً من الوزراء النواب قد تقدم بسؤال أو طلب إحاطة أو استجواب لحكومته تحت قبة البرلمان? والله لعمري أن ترشيح الوزراء لخوض انتخابات مجلس الشعب مفسدة سياسية وبرلمانية وتعطيل مؤكد لدستور البلاد ومصالح العباد!!