الطريق من عرفات ومزدلفة ومني بالقطار الرحلة من عرفات إلي مزدلفة والتي كانت تستغرق عادة أكثر من سبع ساعات كانت مختلفة في المرة الأخيرة.. فقد بدت المشاعر المقدسة في كل من عرفات والمزدلفة ومني كخلية نحل يجري العمل في أنحائها علي قدم وساق.. آلات الحفر العملاقة تدق شوكاتها وأطرافها الصلبة في رحم الصخرة القاسي الذي يلين تحت ضرباتها ليفسح الطريق أمام المشروع التاريخي العملاق الذي تتبناه المملكة العربية السعودية والذي يهدف إلي تسهيل رحلة الحج. فمنذ 1400 سنة والرحلة من مكة إلي مني، ثم إلي عرفة ومنها إلي مزدلفة ومن ثم رمي الحجرات في مني... تشغل كاهل الكثيرين وخصوصاً كبار السن والمرضي، حيث يجتمع ملايين المسلمين معاً في وقت واحد ومكان واحد لأداء مناسك الحج من المشاعر المقدسة، وكان هذا الازدحام الشديد يؤدي إلي ضياع عشرات الساعات وسقوط كثير من الضحايا، فكان لابد من التفكير في حل لإنقاذ هذه الأرواح والعمل علي تمتعها بالمشاعر والشعائر. وبدأت الخطة السعودية بتوسيع الحرم الشريف وتوسيع منطقة السعي بين الصفا والمروة وتعلية منطقة رمي الحجرات إلي خمسة طوابق. وأخيراً وليس آخر.. جاء مشروع قطار المشاعر المقدسة الذي سينهي مشكلة تاريخية تمثل عقبة كبيرة أمام أداء الحجيج لشعائر الحج الرئيسية.. وقطار المشاعر سيقوم بربط مكةالمكرمة عبر خط سكة حديدي بالمشاعر المقدسة في مني وعرفة ومزدلفة ومنها إلي منطقة رمي الحجرات، وبهذا تكون مكةالمكرمة أول مدينة سعودية يدخل القطار في وسائل النقل الرئيسية لها، ضمن شبكة سكك حديدية عامة ستغطي أنحاء المملكة العربية السعودية. الخط الجاري إنشاؤه هو واحد من خمسة خطوط تعتزم المملكة تنفيذها في المشاعر المقدسة.. ويربط هذا الخط عرفات بمني عبر عدد من المحطات.. تصميم المحطات يبدو فريدا من نوعه، فهناك حاجز زجاجي يحيط بالقطارات كعامل أمان كي لا يسقط احد من الحجاج، تحت القطار وتحتوي كل محطة علي 20 مصعداً تبلغ حمولة كل مصعد نحو 50 راكباً وقد روعي في التصميم أن تكون المحطات فوق الأرض نظراً إلي الحاجة لكل متر تحت الأرض، خاصة في مزدلفة ومني. الصورة العامة للمشروع عبارة عن 3 محطات في عرفات و3 في مزدلفة و3 في مني، تبدأ رحلة القطار من طريق في عرفات متجهة إلي الدور الخاص بمنشأة الحجرات بالطابق الخامس بمنشأة رمي الحجرات وهو الطابق المخصص لخط القطار الذي تبلغ المسافة التي يقطعها من عرفات إلي مني 18 كم.. ويعمل علي هذا الخط 20 قطاراً يجر كل قطار 20 عربة وتستوعب كل عربة 250 راكباً، ويبلغ اجمالي الطاقة الاستيعابية للقطار الواحد نحو 3 آلاف حاج، بينما تستوعب المحطة الواحدة نحو 72 ألف حاج في الساعة الواحدة وهو ما يزيد عن كبري محطات القطار في باريس وهونج كونج وروسيا التي تستوعب 50 ألف راكب فقط. سيتم تشغيل 35% من الطاقة الاستيعابية للمشروع خلال موسم الحج الحالي، وسيعمل المشروع بكامل طاقته الاستيعابية التي تصل إلي نصف مليون حاج خلال العام المقبل بإذن الله. هذا المشروع سيخرج ثلاثة آلاف .باص. من الخدمة في المشاعر المقدسة، وعندما يكتمل سيخرج 30 ألف أتوبيس من الخدمة، ولنا أن نتصور مدي تأثير ذلك في الانسيابية وأثره الايجابي علي البيئة. وهكذا نجد أن الرحلة من عرفات إلي مزدلفة والتي كانت تستغرق أكثر من 7 ساعات لن تزيد بالقطار عن سبع دقائق ونصف.. وقد تصل 11 إلي 15 دقيقة، إذا امتدت إلي مني.. كل قطار به 60 بابا وذلك لسهولة التحميل والتفريغ.. العربة الواحدة تستوعب 540 مقعداً تمثل 25% من الطاقة الاستيعابية لكل عربة.. ستعمل جميع الخطوط بكامل طاقتها طوال فترة النفرة من وإلي عرفات ومزدلفة ومني، سيعمل علي خط المشاعر عشرون قطاراً وستحتوي مقصورة المراقب علي ثلاث شاشات عرض الكترونية يمكن للمراقب من خلالها الارتباط بمركز المراقبة والتحكم كما يمكن مراقبة الركاب من خلال 52 كاميرا مراقبة تشمل جميع أجزاء القطار. حقاً لقد تمكنت التكنولوجيا والعلم من تذليل الصعوبات والتحديات وأصبح من الممكن أن نقول تعالوا للحج جميعاً.. فالحج سيصبح نزهة عبر قطار المشاعر المقدسة السريع.