بفعل فاعل يجري تهميش دور مجالس الأمناء ولإجهاز عليها بل والتخلص منها. لقد استقبل المجتمع المصري قرار السيد الدكتور أحمد جمال الدين موسي وزير التعليم الأسبق تحت رقم 258 لسنة 2005 بتكوين مجالس الأمناء والآباء والمعلمين علي مستوي المدرسة الخلية الأولي في التعليم ووحدة التطوير الأساسية، وعلي مستوي الإدارة والمديرية فالوزارة- استقبالاً رائعاً ومتفائلاً، أملا أن يقوم المجلس بتقديم يد العون لإدارة المدرسة في تسيير العملية التعليمية وتذليل الصعاب التي تعوق عملية التطوير. وبالفعل بدأت مجالس الأمناء عملها التضامني والرقابي بتأصيل مبادئ الديمقراطية واللامركزية مع توثيق العلاقة بين الآباء والمعلمين وتعظيم دور المدرسة في خدمة البيئة واحترام الرأي والرأي الآخر للارتقاء بالعملية التعليمية مع نشر ثقافة الإصلاح وتوكيد الجودة وتعريف المجتمع بمعاييرها وتشجيع الجمعيات الأهلية والمجتمع المدني ووسائل الإعلام علي المساهمة في شرح وتوضيح هذه الثقافة الجديدة بما ينعكس بالإيجاب علي المدرسة من عملية التقويم الذاتي والمتابعة واتخاذ القرار لصالح الطالب المنتج الحقيقي للتعليم. وفي عام 2006 صدر القرار 334 وتلاه تعديل ثان بالقرار 200 لعام 2009 بتوقيع السيد الدكتور يسري الجمل وزير التعليم السابق وكان اللافت للنظر في القرارين هو تحجيم الدور الفاعل لمجالس الأمناء بفتح باب الصرف لمدراء المدارس قبل موافقة المجلس وإطالة فترة الانعقاد من شهر إلي شهرين في المدرسة وثلاثة في المديريات وهكذا. واليوم وبعد خمس سنوات من التجربة الجديرة بالدراسة والاهتمام نجد أن لها من الايجابيات ما يغفر سلبياتها التي يمكن تجاوزها مع الوقت والوعي. فلقد ساهمت مجالس الأمناء في نشر ثقافة التطوير والجودة في التعليم وعاونت المدارس في التصدي لأزمة إنفلونزا الطيور والخنازير وتقوم بسداد مصروفات غير القادرين والمساهمة في حل مشكلة العجز في عمال الخدمات والنظافة والمساهمة في محاربة العنف في المدارس والدروس الخصوصية وأعمال الصيانة الدورية والطارئة وقبل ذلك في وضع خطة المدرسة والإدارة والمديرية وفق الخطة العامة لاستراتيجية التعليم في مصر بما يجعل المدرسة جاذبة للتلاميذ. وكانت السنوات الأربع الأولي من تكوين مجالس الأمناء علي كل المستويات نموذجاً يحتذي لعمل ملحمي بين المدرسة والبيئة والمجتمع المحيط بشكل ايجابي وفعال وجديد وأصبحت مجالس الأمناء حديث الشارع لما قامت به من أعمال ملموسة لا ينكرها إلا جاحد. ولكن الذي حدث منذ عام تقريباً لم يتم دعوة مجلس أمناء مديرية كفر الشيخ التعليمية للانعقاد ولم تدع بعض مجالس أمناء الإدارات للانعقاد منذ ستة شهور تقريباً. وتم اختصار مجالس الأمناء في المدارس فقط فمنهم من ينعقد بشكل منتظم ومنهم من يقوم بعمله علي فترات وبقية المجالس لا تنعقد علي الإطلاق. هذا علما بأن مجالس الأمناء في مدارس وإداة قلين ومديرية كفر الشيخ التعليمية تضم نخبة متميزة من الشخصيات العامة والمهتمة بالتعليم وتبذل قصاري جهدها وفكرها للقيام بالدور المنوط بها. ولعل الجميع في حيرة من هذا الأمر فكأنه بفعل فاعل يجري تهميش دور مجالس الأمناء ولإجهاز عليها بل والتخلص منها وإذا كنت ألقي باللائمة علي بعض رؤساء المجالس إلا أنني أري أن موقف المديريات والإدارات قد خانه التوفيق، فبدلاً من تشجيع هذا المولود الجديد ودعمه ليصبح أكثر صلابة واشد مناعة إذا بالجميع يتفقون بوعي أو بدون وعي علي موته بالسكتة واجتهد في تفسير هذه الظاهرة الغريبة علي التعليم فأقول: 1 عدم قناعة بعض المسئولين بدور مجالس الأمناء وهو ارث ثقافي للمدراء التقليديين والذين وقفوا عند حدود مجالس الآباء القديمة والتي يختصر دورها في تقديم كوب شاي وبسكويت للأعضاء وتبقي الإدارة أهم نقاط الضعف في العملية التعليمية حتي بخصوص مجالس الأمناء. 2 في بداية عمل المجالس غضب بعض المدراء من إعطاء بعض الاختصاصات للأعضاء كالمشاركة في اختيار مدراء المدراس وقصر الصرف علي موافقة المجلس.. وكان الصدام المباشر بين الطرفين بالإضافة إلي شكاوي المسئولين من كثرة انعقاد الجلسات شهريا. 3 كثرة عملية تغيير القيادات وعودة البعض إلي مكانه بحكم القانون وعملية التنسيق والتعيينات والتنقلات للسادة المسئولين علي كل المستويات أثناء العام الدراسي يسبب القلق وعدم الاستقرار للإدارة فينصب تفكير كل مسئول علي نفسه فقط وإهمال العمل العام.. وكان يجب أن تتم كل الأعمال الإدارية قبل بدء العام الدراسي. 4 وجود بعض أعضاء المجالس والذين يقصرون العضوية علي الوجاهة الاجتماعية والعزوة العائلية تشبها بالانتخابات العامة فلا تراهم بعد جلسة الانتخابات إلا عند الحاجة لطلبات شخصية. والسؤال الذي يطرح نفسه كيف تتم عمليات الصرف في المدارس والإدارات والمديريات بدون وجود مجالس أمناء? ولماذا المد لعام آخر يا معالي الدكتور أحمد زكي بدر كان الله في عونك ! لقد كانت الآمال ولا تزال كبيرة علي دور مجالس الأمناء فالبعض قام بدوره كما ينبغي والبعض قصر ولابد من إعادة التقييم الموضوعي ولو عن طريق استبيان عام نخلص منه إلي نتائج تساعدنا علي تصحيح المسار والسير في الطريق الصحيح مع تكثيف نشر ثقافة المشاركة المجتمعية والعمل التطوعي وتسليط الضوء علي الجانب الإيجابي لمجالس الأمناء في البرامج الحوارية الشهيرة والتي تصل إلي الناس بسهولة بالإضافة إلي تفعيل الدورات التدريبية والتثقيفية لأعضاء المجالس أما السادة الإخصائيون الاجتماعيون فيلزم تدريبهم بكل جد وحزم علي القيام بعملهم الذي هو همزة الوصل بين المدرسة والمجتمع ومطلوب منهم جذب المهتمين بالتعليم للمشاركة في مجلس فاعل وفاهم وقوي. ففي الوقت الذي يبحث فيه العالم عن تطوير الخدمة التعليمية بطرق أكثر حداثة بدءاً من دمج الوسائل التعليمية المختلفة وانتهاء بمشروع القمر الدائري الذي يدور حول الأرض لينقل رسائل من جميع الشعوب ويمد جسور الحوار بين الثقافات يقوم بعض المدراء الأفاضل وبعض أعضاء مجالس الأمناء بغلق باب الحوار الجديد وقطع جسور التفاهم بين المدرسة والمجتمع المتمثلة في مجالس الأمناء ليغرق الجميع والمركب واحد. WWW.mahmoudhammam.blogspot.com