لا يمكنك ان تعرف قدر مصرنا الغالية الا إذا غبت عنها أو عشت خارجها، ولا يمكنك أن تقف على ناصية وزنها السياسى لدى الأشقاء والعالم إلا فى القضايا المصيرية و بخاصة إذا ما تعلق الامر بالصراع العربى الإسرائيلى، وخاصة مرة أخرى بعد ثورة يناير التى دفعت السياسة المصرية باتجاه المسار الصحيح فى علاقاتها بإفريقيا سيما دول حوض النيل، وكذلك دول الخليج وفى المقدمة منها طهران،ثم إدارة الملف المصرى الفلسطينى بصورة مختلفة عن ذى قبل حيث كان العداء لحكومة حماس واضحا جليا وإن ظهرت بين فترة وأخرى دعوات شكلية من القاهرة لاجراء مصالحة فلسطينية فلسطينية، وهو ما تغير شكله وموضوعه بعد ان تولى الرئيس محمد مرسى دفة القيادة المصرية . ولو كنت معى ضمن الوفد الإعلامى والوزارى العربى برئاسة الدكتور نبيل العربى الأمين العام للجامعة العربية وصحبة تسعة وزراء خارجية عرب يتقدمهم وزير خارجية مصر السيد محمد كامل عمرو ، وأحمد بن أوغلو وزير خارجية تركيا فى زيارتهم أول أمس للاشقاء الفلسطينيين فى غزة ، للمست من أول وهلة و بسعادة غامرة الحضور المصرى الطاغى لمصرنا ومنذ ان وطأت الاقدام مدينة رفح الفلسطينية فى سؤال الشباب والشيوخ " انتوا من مصر؟ " وحين كنا نجيب " ايوه أو إن شاء الله" كان الرد التلقائى " الله يبارك فيكم وربنا يخلى مصر". كانت تصريحات منسوبة إلى الرئيس مرسى تزف البشرى للشعب الفلسطينى بوقف إطلاق النار " امس" ترفرف فوق رؤوسنا ونحن نسمع أنباءها عبر راديو السيارة التى كانت تقل الوفد الإعلامى من حى آخر او من مدينة إلى أخرى من مدن غزة ، وكان مصدر سعادتنا كاعلاميين مصريين ليس فى سماع الخبر وحده، وإنما كذلك فى مباركة المذيع الفلسطينى لنجاح المهمة المصرية بالتوسط لدى إسرائيل والاشقاء فى حماس وكذلك نجاح الجهود المصرية أمريكيا وأوروبيا وعلى المسارالأممى فى الضغط على إسرائيل باتجاه قبول وقف اطلاق النار وحقن دماء الاشقاء فى غزة فى إطار عودة الاستقرار إلى المنطقة، ورفض مصر تجويع وحصار الشعب الفلسطيني. لو كنت معى - و شرفت مثلى - ضمن الوفد الإعلامى المصرى لمرافقة الوفد الوزارى العربى لبكيت وانت تتابع اصطفاف الشباب والشيوخ والنساء والاطفال فى شوارع غزة وعلى جانبى الطريق وفى المنازل يلوحون للوفد العربى بعلامة النصر ويباركون الزيارة أملا فى الوصول إلى نقطة فك الحصارعنهم ووقف العنف البربرى الوحشى باستهدافهم بتمييز او دون ذلك. كان المشهد يجمع بين البهجة بالصبر واحتساب قتلاهم شهداء وبين الحزن على فجيعة الفراق حين توجه الوفد الوزارى العربى والإعلامى المصرى لتقديم واجب العزاء فى استشهاد أحمد الجعبرى أحد قيادات حماس الذى تم اغتياله قبل أيام فى غارة إسرائيلية استهدفته وابنه فى عملية عرفت باسم "عمود السحاب"، وكذلك عند تقديم واجب العزاء لعائلة " الدلو" التى استشهد منها أكثر من شاب، وقد تلمح وللوهلة الأولى الصبر والرغبة منهم فى استشهاد المزيد من أبنائهم يلمع فى عيونهم وهم يستقبلون منك العزاء فى مصيبتهم ، دون ان يفوتك ملاحظة سؤال شبابهم وباهتمام ودود " انتم من مصر؟ "، وكأن زيارة الوفد الوزارى العربى والضيف التركى الذى كانت تسبقه أعلام بلاده فى الشارع الغزاوى أينما حل مع كامل التقدير لهم كانت مصبوغة فى عيون الاشقاء فى غزة بلون مصرى خالص بما يؤكد الحضور المصرى الطاغى فى غزة. ,لو كنت معى فى غزة لبكيت وبكيت وأنت تتابع دخول الجرحى والمصابين والشهداء مستشفى دار الشفاء هناك ، صحيح ان الاطباء وطاقم التمريض اصطفوا للترحيب بالضيوف للحظات، لكن دقائق المشهد غيبت الصمت بالدموع ، لم تستطع حبسها عينا وزير خارجية مصر محمد عمرو فانسابت، كاشفة وكأنها دموع كل المصريين ترثى شهداء غزة، لتؤكد ان مصر حاضرة بقوة فى المشهد الفلسطينى ، وأن غزة ليست وحدها . This e-mail address is being protected from spambots. You need JavaScript enabled to view it