بينما كان الأشقاء الفلسطينيون في القاهرة وكل دول العالم يحتفلون في الخامس عشر من نوفمبر الجاري بذكري استشهاد الرئيس الرمز ياسر عرفات، كانت إسرائيل تجهز للاحتفالية بأخري موازية ولكن علي طريقتها كما اعتادت لمرات عديدة، وفي شهر نوفمبر بالذات، حيث قررت هذه المرة تصفية أحمد الجعبري القائد البارز في كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، وابنه ، في إطار عملية عسكرية تحمل اسم "عمود السحاب" ضمن سلسلة من الغارات الإسرائيلية علي قطاع غزة، راح ضحيتها خمسة فلسطينيين، فيما أصيب أربعون آخرون، وكأنها هدية الكيان الصهيوني للفلسطينيين فى ذكرى الشهيد الزعيم ياسر عرفات. يأتى شهر نوفمبر تحديداً من بين شهور السنة، دائماً بذكريات حزينة مؤلمة على الأشقاء الفلسطينيين من ناحية ، وكاشفاً لعورات العرب السياسية فى مواجهة الكيان الصهيوني من ناحية أخري، ثم مورطاً للدولة المصرية حين يمتد أثر العمليات العسكرية الإسرائيلية على غزة، إلى الضغط على القرار المصرى لفتح معبر رفح لعبور الغزاويين الى سيناء وإنقاذهم من لهيب النيران والحصار الاقتصادى، وما يترتب علي ذلك من تهجير قسري للفلسطينيين من أرضهم واحتلال الصهاينة لغزة، ثم الكارثة الكبرى وهي استوطان الأشقاء في سيناء وفق المخطط الذى ترمى إليه تل أبيب بسعى عسكرى حثيث، مدعوم بلؤم أمريكي لا يخفى استيعاب مراميه على كل من له عين واحدة ونصف عقل ، وما يترتب على ذلك أيضاً من نهاية «حس وخبر» الدولة الفلسطينية، ومحو خريطتها من الوجود، ينتهي معها النضال من أجل استرداد القدس كعاصمة للدولة الفلسطينية المأمولة، ومعها المسجد الاقصى، لتبدأ الأزمات الفلسطينية المصرية ، ومعها بالتوازى تنفيذ مخطط الصهاينة نحو تهويد القدس واعتمادها رسمياً عاصمة أبدية لإسرائيل ، لتبدأ مع كل هذا وذاك حلقة جديدة من حلقات تكريس الشرق الأوسط الجديد الكبير!! نهايته.. لشهر نوفمبر ذكريات مؤلمة وحزينة علي الأشقاء الفلسطينيين تجعل استقبالهم له مراً، ذلك منذ بلفور وزير الخارجية البريطاني في عهد الانتداب الذي أعطي في نوفمبرمن عام 1917 وعداً لليهود بإقامة وطن قومي لهم في فلسطين، على أنقاض وطن هو قائم بالفعل، وتهجير وترويع بشر، واحتلال أرض، واقتلاع شجر ، واغتيال دنيا عاش فيها الفلسطينيون آلاف السنين هانئين، سالمين مسالمين. بل ويحمل تشرين الثاني الشهير ب" نوفمبر" للفلسطينيين ذكرى النكبات وجرائم القتل والسجن والتعذيب والأسر والاعتقال الإداري، ثم انه يحمل جريمة أخري مروعة وصادمة ، لا يغفل الأدباء والكتاب والإعلاميون الفلسطينيون وبخاصة الفتحاويين نسبة إلى منظمة فتح التى أسسها وتراأسها عرفات - عن ذكرها فى ندواتهم وابداعاتهم واحتفالياتهم، في القاهرة وعواصم الدول العربية والأوروبية، ألا وهي جريمة قتل الرئيس الرمز ياسر عرفات، الذي كانت الرشاشات والمدافع والطائرات الإسرائيلية فوقه وحوله تسعي للنيل منه واغتياله، فأبي إلا ان يكون شهيداً، فهزمهم صموده ، وكان له قول مأثور: " يريدونني إما أسراً، أو طريداً أو قتيلاً، وأنا أقول لهم بل شهيداً شهيدا شهيدا" . هذه المرة وفي منتصف نوفمبر، يوم إحياء الذكري الثامنة لاستشهاد عرفات ، جاء اغتيال أحمد الجعبري القائد العسكري البارز بالجناح العسكرى لحركة المقاومة الإسلامية حماس مصاحباً لعملية عسكرية ضمن سلسلة من الغارات الإسرائيلية وعمليات عسكرية أعلنت تل أبيب عن إطلاقها ضد حركة حماس والفصائل المسلحة فى غزة، وسط إدانة عربية ودولية لا تثمن ولا تغني من جوع، باستثناء موقف مصر التى سحبت سفيرها من تل أبيب وأرسله رئيس حكومتها إلى غزة من بوابة " أضعف الايمان". بالمناسبة.. الأشقاء الفلسطينيون لا يستبشرون خيراً ب" نوفمبر" ، ويعتبرونه أكثر شهور السنة حملاً لويلات ونكبات لم يحملها شهر آخر في أي سنة. وبالمناسبة أيضاً .. باق من الشهر المعني نصفه تقريباً .. لطفك يارب. [email protected]