رؤية غير واضحة يشهدها جهاز الرقابة على المصنفات الفنية خلال هذه الأيام، فبعد استقالة الدكتور أحمد عواض، عقب أزمة منع فيلم "حلاوة روح"، لم يعلن عن اسم رئيس الرقابة الجديد، وهو ما يعنى عدة تساؤلات أهمها هل الصمت في الإعلان عن الاسم سيأتى بعد انتهاء أزمة "حلاوة روح"؟ وذلك حتى لا يثار الرأى العام ثانية بناءً على القرار الذي سيتخذه الرقيب الجديد في مسألة عرض الفيلم أو منعه أو أن ذلك من الممكن أن يكون بشرى مستقبلية لالغاء هذا الجهاز، الذى بات الجميع معترضاً على وجوده خصوصاً بعد هذه الواقعة. ومازالت أزمة فيلم "حلاوة روح" تنتظر قرارا نهائيا لإغلاقها، تلك الأزمة المستمرة منذ أسبوعين، ومن المفترض أن الرقباء بجهاز الرقابة على المصنفات الفنية حالياً يقومون بإعداد تقرير نهائي عن الفيلم لاتخاذ قرار حاسم ونهائي بشأنه. واكد مصدر بجهاز الرقابة أنه بشكل مبدئي فأنه مسألة حذف مشاهد بعينها من الأحداث لن تحدث، وأن الأمر سيتعلق بحذف ألفاظ معينة فقط حيث أن فكرة حذف مشاهد بعينها ستطيح بأحداث العمل كاملة وتؤثر على السياق الدرامي. ولكن التساؤل الأهم، من الذي سيحسم الأمر بعد إعداد التقرير النهائي للرقباء، هل سيتخذون القرار مرة أخرى ويعرضون الفيلم على مسئولياتهم الشخصية أم أنهم سيرجعون الأمر على مسئولين بالدولة ووقتها ستشتعل الأزمة من جديد. وبخلاف ذلك، فإن من يقوم بإدارة وتسيير أعمال جهاز الرقابة الآن، هو عبد الستار فتحي مديرها العام ورئيس جهاز الرقابة السابق، في حين ترددت أنباء أن فتحي هو الرئيس الجديد للرقابة، وأنه تم إبلاغه بالأمس بالأمر، رغم عدم صدور قرار رسمي من وزارة الثقافة حتى الآن. ولعل فتحى سيتحفظ عن الحديث في مسألة عودته كرئيس للرقابة من جديد أم لا، لكونه لا يهتم بمسألة المناصب من ناحية، وأن الأمر يثير جانبا من الإحراج من ناحية أخرى حيث سبق وتم إعفاءه من المنصب فجاءة منذ 8 شهور دون أسباب واضحة وفوجئنا بأن الدكتور أحمد عواض هو الرئيس الجديد للرقابة دون أى إشارة لذلك. وبشكل كبير فإن المشهد في جهاز الرقابة الآن، وما يترتب عليه من قرار إيجازة الفيلم أو منعه قد يوحي للبعض بأنه من المحتمل أن يتم التصديق على قرار مجلس الوزراء لعدة أسباب أهمها أنه من غير المنطقي أن تعرض الرقابة الفيلم رغم أنف الحكومة التى رفضت عرضه، وعادت لتجدد رفضها وتمسكها بقرارها في اجتماعها مع مجموعة من الفنانين، هذا بخلاف جموع المراكز والمؤسسات الحقوقية التى دعمت ورحبت بالقرار، كل ذلك بجانب أن الفترة القادمة التي ستشهد أوضاع حساسة للبلاد حيث اجراء الانتخابات الرئاسية. ومن جانبه، قال الناقد طارق الشناوى، إن فيلم "حلاوة روح" سيتم عرضه بالتأكيد لأن هناك ما يسمي بلجنة التظلمات في حال رفض الرقابة لمسألة عرض الفيلم، وأضاف: المشكلة الحقيقية تتمثل في أن الحكومة أوجدت الأزمة، وبالتالى هى تريد أن تخرج بأقل الخسائر، وبناءً عليه سيتم حذف بعض اللقطات من المشاهد أو الألفاظ، وقد تصل الملحوظان إلى "20" مثلاً وهو ما يجعل المنتج يلجأ للتظلمات التى ستجيز الفيلم مع ابداء ملحوظتين أو ثلاثة على الأكثر، كل ذلك بعيداً عن تدخل الحكومة ثانية لأنها لا تريد أن تورط نفسها في الأمر أكثر من ذلك. واستكمل الشناوي: بالنسبة لمسألة الرقابة، فمعلوماتى أن عبد الستار فتحى، هو الرئيس الحالى للرقابة حيث يقوم بإدارة الأعمال كاملة، وبصفة عامة فإن الدولة ستفكر ألف مرة في اختيار الرقيب الجديد حتى ينفذ تعليماتهم، وأظن المشكلة الأكبر في أن "الدولة مش عارفة هى رايحين على فين". وعلى مدار العصور، فإن الرقابة هى صوت النظام والدولة لن تستغنى عن هذا الجهاز، وحتى إذا حدث إلغاء للجهاز، كما يطالب كثير من المبدعين، فإن الدولة ستنظل "وصية" عليها، ومسألة التصنيف العمري للأعمال هى تابعة لجهات مدنية وليس رسمية تابعة للدولة، وأعتقد أن عدم الإعلان عن اسم الرقيب الجديد، لأنهم لم يستقروا بشكل نهائي على الرجل الذي سيمثلهم. أما الناقدة ماجدة خير الله فقالت: إن الوضع الحالى حالياً يشهد ارتباك في اتخاذ القرار، فمثلاً إذا حدث وأعلنوا عن رقيب جديد، ستكون جموع كثيرة ضده حيث سيعتقد البعض أنه جاء لتنفيذ أجندة معينة، والأمر معلق لحين أن يهدىء الجميع، فالمسألة لم تتوقف عند حد فيلم "حلاوة روح" فقط، حيث سبق وكان للرقابة أزمة مع فيلم "نوح" منذ فترة قريبة. واستكملت: لا أعتقد أن هناك أحد في وزارة الثقافة لديه المنطق وحسن التصرف أنه يتدارك الأمر ويتصرف بحكمة، ولو كان التأخير لسبب كنا سنطمئن كثيراً. وعن مسألة اعادة عرض "حلاوة روح" قالت خير الله: من الممكن أن يعاد عرضه، ويقال أنهم حذفوا أشياء بداخله، وفي الحقيقة أنهم لن يفعلوا به أى شىء، وسيكون الأمر مجرد حدث كان ل "انتصار غضب وتصورات البعض". وأضافت خير الله: ستكون هناك كارثة حقيقة إذا بعثت الرقابة بتقريرها النهائي عن الفيلم إلى مجلس الوزراء "مش معقول هسيبوا شغلهم ويقعدوا يراقبوا الأفلام" كما أنه من غير المنطقي أن يقوموا بحذف أجزاء ومشاهد كبيرة من الفيلم، خصوصاً وأن الرقباء سبق وأجازوا الفيلم ورفعوا شعار "للكبار فقط". وحول مسألة الغاء الرقابة، قالت خير الله: لا أعتفد إنه من الممكن اتخاذ قرار بإلغائها، فليس لدى أى ثقة أن أى إجراء ثوري سيحدث على أرض الواقع، فجميع الرؤي تؤكد أن مستسلمين لقوانين رقباء مطاطة تحكمنا على مدار أكثر من 50 عاماً، فهناك أيدى ثقيلة تبسط يديها على كل الأشياء.