انهيت المقال السابق بمقالة جان جاك روسو في كتابه الخطير "اميل" عن التعليم "بأن التعليم يجب أن يخدم المصالح العليا للدولة" وأوضح أهمية هذه المقولة بأن الدولة اذا أرادت صنع الحضارة استخدمت التعليم كوسيلة لترسيخ أنماط التفكير الايجابية لبناء الحضارة مثل التفكير التحليلي والابداعي والشامل أما اذا أرادت شعب مطيع يصدق تماما المبررات الواهية للحكام والحكومات بدون اعمال الفكر فيها رسخت انماط التفكير السلبية من أمثال التفكير الايجابي المطلق "كله تمام" والسلبي المطلق "ما فيش فايدة" أو العاطفي من خلال التعليم والمستهدف منه كخطوة أولي لوضع المناهج والذي سنبين كيفية فعلها ذلك. فما هي مستويات التعليم حسب أحد أشهر التصنيفات العالمية وهي تقسيم بلوم والذي قسم مستويات التعليم وبالتالي المستهدف منه والذي يحدد مصالح الدولة في المستقبل الي ستة مستويات. يشتمل المستوي الأدني للتعليم علي استرجاع المعلومة ويتم امتحان الطالب فيه بأذكر وعدد. والمستوع التالي بفهم المعلومة ويتم سؤال الطالب فيه بناقش. والمستوي الثالث للتعليم بحل المشاكل ويتم امتحان الطالب فيه علي سبيل المثال عن رأيه علي سبيل المثال في كيفية حل مشاكل الهجرة الي المدن وكيفية تشجيع الهجرة العكسيه. ويتشكل المستوي الرابع من التحليل وتقدير الأولويات في مشاكل مركبة. ويتشكل المستوي الرابع من الابداع مثل مشاريع التخرج. أما المستوي الأعلي فهوالتقييم الشامل. ولتوضيح خطورة ما نحن فيه أقول أن أفضل العقول في مصر وخاصة أوائل الثانوية العامة هم من يقوم باسترجاع كتاب الوزارة حرفيا سواء كان السؤال بأذكر أو عدد (المستوي الأدني) أو بناقش (المستوي اخامس) أو باذكر رأيك (المستوي الرابع) ويتباهي وزراء التعليم المتعاقبين بأن الأسئلة لم تخرج عن كتاب الوزارة ويعتذرون بالغاء درجات الأسئلة التي خرجت عن المنهج ويسعد أولياء الأمور والطلبة بذلك وتضيع أعظم العقول المصرية وتهدر مصالح وأحلام الدولة في الحضارة بهذا التوجه. أقول هذا الكلام من مكاني كأستاذ جامعي تم تدريس الحقائق له في دورات لم يكن ليحصل علي وظيفته الا باجتيازها. ولتوضيح المآرب الخبيثة لترسيخ التعليم التلقيني في حوار واحد مع سائق تاكسي وآخر مع طبيب في موقفين متباعدين زمانيا ومكانيا أثناء حكم الرئيس الأسبق بترديدهم وموافقتهم لقوله "بأن الزيادة السكانية تأكل عوائد التنمية" و كبف لا يقولون ذلك وهم علي اختلاف درجاتهم في التعليم ولا أقول الثقافة هم الذين استهدفهم التعليم التلقيني لصنع مواطن يصدق كل ما يقال له.