يحتفل العالم يوم 14 فبراير من كل عام بعيد الحب, بينما تحمل إلينا وسائل الإعلام صباح كل يوم أخباراً مؤسفة عن تفجيرات هنا وهناك, وعن قتلى وجرحى سواء من رجال الشرطة الأوفياء أو من المواطنين الأبرياء, وفي تصريحات الأسبوع الماضي لأحد الإرهابيين الذين قتلوا شرطياً أمام إحدى الكنائس بعين شمس, قال: إنه لابد من قتال الكفار من رجال الشرطة والنصارى, وصرح بأنه لا يتناول الطعام مع والديه لأنهم كفار على حد قوله, ما هذا الجنون ؟!! هل يمكن أن توجد فئة من البشر تكره الحب وتحب الكراهية إلى هذه الدرجة ؟!! يبدو أنه كلما خاصم الإنسان ذاته وعاش في صراع مع نفسه, كلما كره الآخرين بل وربما كره المحبة أيضاً, إن مثل هذه التصريحات الطائشة التي ربما استمع إليها هذا الإرهابي من الخطب الدينية المتطرفة غير المسؤولة لا يمكن أن تصدر إلا من نفوس مليئة بالكراهية ومشبعة بالبغضاء, ومثل هؤلاء الناس يحتاجون لأن يتصالحوا مع أنفسهم ومع الله سبحانه وتعالى حتى يمكنهم أن يتصالحوا مع أخوتهم في الإنسانية, فالله من أسمائه الحسنى وفقاً للمفهوم الإسلامي "الودود" ووفقاً للمفهوم المسيحي "الله محبة" ومن المنطقي أن من يقترب ويتعبد لله الودود المحب لا يمكن أن ينضح قلبه إلا بالمحبة للبشر بل ولسائر الكائنات التي خلقها الله. فالله الودود المحب يُطلع شمسه على الأشرار والأخيار, ويُنزل المطر على الأبرار والفجار, وهو لا يميز بين خليقته لأن محبته متساوية لجميع البشر, إن الحب هو بلسم كل الجراح ودواء كل الخطوب, والحياة بدون حب لا تساوي شيئاً, وبغير الحب تصبح الحياة صحراء قاحلة وغابة موحشة, تصبح الحياة جحيماً لايطاق, بدون الحب تصبح الحياة ميدان قتال وساحة حرب لا صوت يعلو فيها على صوت أزيز الطائرات, ورعد الصواريخ, ودوي المدافع, وانفجار القنابل, فعندما تختفي المحبة من قاموس حياتنا, وعندما تصبح نبتة الحب غريبة على عالمنا, تنضب العواطف, وتتحجر الأفئدة, وتتصلب المشاعر, وتتجمد الأحاسيس, وكنتيجة حتمية للتعصب قد يحب المرء فقط من يتفق معه في الدين, فقد لا يحب المسيحي إلا المسيحي, وقد لا يحب المسلم إلا المسلم, بل وكلما ازداد الإنسان تعصباً وكلما انغلق وانكفأ على ذاته قد لا يحب إلا من يتفق معه فقط في نفس طائفته, فقد لا يحب المسلم السني المسلم الشيعي أو العكس, وقد لا يحب المسيحي الأرثوذكسي المسيحي الإنجيلي أو العكس, الإنسان المتعصب هو الذي يحب قريبه الذي يدين بنفس معتقداته, ويبغض أي مخالف بل ويعتبره عدوا له, أما الشخص الناضج القريب من الله الودود فهو الذي يحب ليس فقط المغايرين لمعتقداته, بل ويحب أعداءه أيضاً, ويصلي ويتضرع إلى الله طالبا البركة لمن يضطهدونه ويسيئون إليه. كم نحتاج لأن نحب بعضنا بعضاً لأن المحبة من الله, من لا يحب لم يعرف الله لأن الله محبة, إذا كان الله قد أحب خليقته كل هذا الحب فعلى من يعبدون الودود أن يحبوا بعضهم بعضاً. This email address is being protected from spambots. You need JavaScript enabled to view it.