هروب عالمة الذرة المصرية نهي حشاد الحاصلة علي درجة الدكتوراه في الفيزياء النووية عن طريق الأردن منذ عام حدث خطير يستوجب الوقوف أمامه طويلاً بدلاً من التقليل أو التهوين من أهميته كما فعلت بعض الصحف المصرية عندما ادعت أن شهادة الدكتوراه التي حصلت عليها نهي مزيفة وأنها رسبت بالامتحان النهائى لشهادة الدكتوراه أكثر من مرة.. أقول حدث خطير لأن القضية تمس الأمن القومي المصري خاصة أنه بات معلوماً للجميع أن تاريخ الموساد الإسرائيلي ملوث بدماء علماء الذرة المصريين الذين اغتالتهم يد الغدر الإسرائىلية وفي مقدمتهم الدكتور يحيي المشد الذي قتل مذبوحاً والدكتورة سميرة موسي التي تلقت دعوة لزيارة واشنطن فقتلت هناك والدكتور مصطفي مشرفة الذي مات مسموماً والدكتورة سلوي حبيب التي ماتت مذبوحة والدكتور جمال حمدان مات محترقاً والدكتور سعيد السيد بدير مات مشنوقاً واختفاء الدكتور نبيل القليني. الهدف الإسرائىلي معروف بالقطع وهو تفريغ مصر من العلماء سواء بالتجنيد أو التصفية الجسدية لمنعها من التقدم والوصول لقوة ردع تحول دون تنفيذ إسرائىل والدول الاستعمارية لمخططاتها العدوانية والإجرامية في المنطقة العربية. ومن هذا المنطلق فإنني أعتقد أنه لم يعد كافياً أن نعالج تصفية وتفريغ مصر من العقول والأدمغة البشرية من منظور أمني فقط.. ولم يعد كافياً أن نغلق ملف نهي باتهامها بالخيانة والتجسس والعمالة لإسرائيل بل لابد من معالجة أسباب استمرار نزيف العقول والكفاءات إلي الخارج من منظور شامل في ضوء التحذيرات التي تضمنتها بعض الدراسات وتكشف عن وجود 750 ألف مهاجر مصري إلي أمريكا ودول الاتحاد الأوروبي واستراليا وكندا من بينهم 450 ألفاً من أصحاب الكفاءات العلمية في المجالات المختلفة. وتضيف هذه الدراسات إلي هجرة 94 عالماً متميزاً في مجال الهندسة النووية و26 عالماً في الفيزياء الذرية و48 في كيمياء البلمرات و25 في علوم الفلك والفضاء و28 في البيولوجي والميكروبيولوجي و46 في استخدامات الأشعة السيزمية و22 في الجيولوجيا وطبيعية الزلال و67 في المؤثرات الميكانيكية و66 في الكباري والسدود و93 في الإلكترونيات و72 في استخدامات الليزر و31 في تقنيات النسيج. إن هروب أدمغة مصر يرجع للعديد من الأسباب التي ترتبط ارتباطاً مباشراً بالأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والنفسية كما يرتبط بتقدم الدول التي تجتذب المهاجرين وهو ما يتطلب من صانع القرار تنفيذ مطالب وأهداف ثورة 25 يناير في الديمقراطية والحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية من خلال التخطيط العلمي الجدي والجيد لعلاج التفاوت في نمط الحياة والمستوي المعيشي لأن الدول الجاذبة للعلماء توفر حياة أفضل لهم وتتمتع بحرية واستقرار سياسي واقتصادي واجتماعي انعكس بالطبع علي المناخ العام وما يتمتع به كل فرد من مستوي حضاري مادي ومعنوي في وقت واحد كما ينبغي علي الحكومة المصرية توفير امكانيات البحث العلمي من معامل ومختبرات وتمويل وتشكيل فرق عملية بحثية متكاملة لاشباع تطلعات من يرغبون في الاستزادة من العلم والمعرفة والانطلاق في البحث والابتكار وبذلك تعود مصر منارة للعلم والعلماء .