الذين يرفضون تكرار زيارة كاثرين آشتون - المفوض الأعلي للعلاقات الخارجية بالاتحاد الأوروبي لمصر- ثلاث مرات خلال الشهرين الأخيرين يقرأون ما بين سطور الزيارات علي طريقتهم الخاصة، وبحسب، هويتهم السياسية، وفرص ظهورهم في الفضائيات واحدة بعد الأخري خاصة عندما يتكلمون عن مفردات بعينها، مثل رفض الضغط الأوروبي علي مصر لإرجاع التيار الديني للحياة السياسية، أو مثل الحديث عن جرأة المسئولة الاوروبية حين تقول انها تطرح مبادرات بممارسة دور إقليمي للإفراج عن الرئيس المعزول محمد مرسي، أو مثل توجيه الأجندة الأوروبية في إطار نصح رموز الإخوان بضرورة الاعتذار عن كل ما بدر منهم في الفترة السابقة من أعمال تخريب وتدمير. أما المؤيدون فيرونها وسيلة لتقريب وجهات النظر والإسهام في تحقيق الاستقرار من خلال تحقيق المصالحة الوطنية بين القوي السياسية دون إقصاء لأي فصيل دون أن يكون ذلك لفرض الرأي. ومن الملاحظ أن أيا من الطرفين الرافض للزيارة منهما أو المؤيد، لم يفطن إلي أن الاتحاد الأوروبي أو الولاياتالمتحدةالأمريكية لا يهمهما نظام الحكم في مصر ولا في أي دولة من دول المنطقة، إخوانيا .. مفيش مشكلة، ليبراليا .. علي العين والرأس، علمانيا.. شغال، ما دام سيحقق مصالحهما في المنطقة، أما الحديث عن الديمقراطية وحقوق الإنسان وما شابه من فلسفات سياسية فإنها وكما تعلم للاستهلاك الإعلامي لا عائد منها ولا طائل سوي اختبار قدرات الأنظمة الحاكمة علي التجاوب مع الضغوط الدولية، بالخنوع وقبول الاملاءات من عدمه، كما في الحالة المصرية علي خلفية 30يونيه و4 يوليو ففشل الاختبار أمام إصرار الإرادة الشعبية علي رفض التدخل الأمريكي والأوروبي في القرار الشعبي المصري وما تبناه من ضرورة اسقاط النظام الإخواني السابق بعد أن وضع الأخير كل مقدرات الدولة المصرية علي المحك سواء ما كان يتعلق بالأمن القومي منها أو يتعلق بالأمن الاقتصادي أو الأمن الداخلي. في أغسطس الماضي حاول الإخوان المسلمون التلويح بورقة الضغط الأوروبي علي مصر لعودة ما وصفوه »بالشرعية الدستورية« والافراج عن الرئيس السابق مرسي، ففشلت المحاولة بعد ان تركت السيدة آشتون قبل مغادرتها القاهرة رسالة من ثلاث كلمات: »الحوار هو الحل« في اشارة مهمة الي أن الاستقواء بالخارج لن يفيد ، وأن الوساطات الدولية لا يمكن إن تقول للمصريين ماذا يفعلون بعد أن وقف العالم علي حقيقة فشل النظام السابق في قيادة البلاد إلي بر الأمان منددة بالعنف أو التهديد به ما لم يعد مرسي للحكم، قبل أن تؤكد علي عزم الاتحاد الأوروبي مساعدة الشعب المصري لتحقيق الاستقرار والديمقراطية في دلالة واضحة إلي قناعتها بشرعية ما بعد 30يونيه. وفي زيارتها الأخيرة قبل أيام راهنت جماعة الإخوان المسلمين علي ضغوط الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي للضغط علي الحكومة من أجل منع حظرها، ففاجأتها الحكومة بقرار تشكيل لجنة لإدارة أموال الجماعة تنفيذا للحكم الذي اصدرته محكمة القاهرة للأمور المستعجلة يوم 23 سبتمبر الماضي، لتفسد الدولة بذلك رهان الإخوان علي آشتون. من المؤكد أن زيارات السيدة آشتون للقاهرة أصبحت تمثل عقدة للجماعة المحظورة، فلا هي نجحت في الحصول علي مساندة أوروبية بوصف ثورة 30 يونيه انقلابا ، بل إن الحاصل هو الاعتراف بالإرادة الشعبية المصرية فيما حسمت من ضرورة عزل الرئيس السابق، ولا هي نجحت بغباء سياسي منقطع النظير في الحفاظ علي توازنها والاعتراف بالشرعية الجديدة فاجترت منهجها العدواني القديم واستمرأت العنف سبيلا للدفاع عن شرعية أكل عليها الدهر وشرب لتخسر كل شيء. This email address is being protected from spambots. You need JavaScript enabled to view it.