القاهرة : أثار كتاب “الدين والحياة.. الفتاوى العصرية اليومية" لمفتي مصر د. علي جمعة موجة من الجدل الشديد بين علماء الأزهر لاحتوائه على العديد من الفتاوى الغريبة والمثيرة للجدل ومنها تأكيده ان الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يتبركون بشرب “بول" النبي صلى الله عليه وسلم وإباحته لطواف المسلمين حول سور ضريح الإمام الحسين وتقبيله والتبرك به، وهو ما رفضه العديد من علماء وشيوخ الأزهر. حصلت “عكاظ" على نسخة من كتاب “الدين والحياة.. الفتاوى العصرية" لمفتي مصر وتنفرد بنشر جميع الفتاوى المثيرة للجدل التي وردت في صفحات الكتاب وتفنيد العلماء لها. يقع الكتاب في 250 صفحة من القطع المتوسط ويحتوي على 1500 فتوى شرعية وصفها مفتي مصر بأنها فتاوى عصرية يومية وتم تقسيم الفتاوى في الكتاب لخمسة عشر نوعا هي: الطهارة والنظافة –الصلاة وما يتعلق بها- الصوم- الزكاة- الحج- الأسرة (الزواج والطلاق والميراث) المعاملات الاقتصادية- الأطعمة والأشربة والذبائح- أحكام الميت- القرآن الكريم والتفسير- الحديث وعلومه- العقائد- أصول الفقه والقواعد الفقهية- الجهاد ومتفرقات. وأكد جمعة في صفحة 178 أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يتبركون بشرب بول النبي صلى الله عليه وسلم وقال: نعم يجوز التبرك ببول النبي، وأم أيمن شربت بول رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لها الرسول (هذه بطن لا تجرجر في النار) وهي لا تجرجر في النار لأن فيها جزءا من سيدنا رسول الله، ومن أحب عرف، ومن عرف أغترف، ويكون التبرك بلعابه الشريف، أو بعرقه الشريف، أو بشعره الشريف أو ببوله الشريف، أو بدمه الشريف فكل من عرف حب رسول الله لا يأنف كما لا تأنف الأم من غائط ابنها فما بالك بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نحبه أكثر من حبنا لأبنائنا وآبائنا وأزواجنا. وأضاف جمعة: فمن أنف أو تأفف من رسول الله فليراجع إيمانه ويعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرد جليل لم يأت مثله في العالمين ولن يأتي الى يوم الدين وانه حبيب الرحمن وسيد ولد آدم وخاتم المرسلين وأن الله تعالى قد قرن اسمه بأسمه وأنه أعلى ذكره وجعله عين الحضرة القدسية. كما أفتى جمعة في صفحة 190 من الكتاب بجواز تقبيل السور الحديدي لضريح الإمام الحسين والتبرك به وقال: يجوز تقبيل السور الذي يحيط بضريح الإمام الحسين لقول الشاعر: أمر على الديار ديار ليلى اقبل ذا الجدار وذا الجدارا وما حب الديار شغفن قلبي ولكن حب من سكن الديارا فقد كانوا يبكون على الأطلال ويقبلون رواحل الإبل وثياب الحبيب وما نهاهم الرسول صلى الله عليه وسلم عن ذلك، وانما القضية في جعل هذا قضية، فبعضهم يتهمك بعدم حبك لآل البيت أن لم تفعل ذلك، وبعضهم يتهمك بالكفر والابتداع أن فعلت ذلك فهذا كان فعل الصحابة والتابعين والشعر الجاهلي سمعه النبي صلى الله عليه وسلم وسكت. وأكد جمعة في ص99 ان ختان الإناث مكرمة رغم تنظيمه منذ فترة لمؤتمر دولي بالتعاون مع منظمة “تارجت" الألمانية دعا فيه إلى ضرورة إصدار قانون بتجريم ختان الإناث باعتباره عادة فرعونية وأفريقية قديمة لا علاقة لها بالإسلام . وفي رد على سؤال حول مدى اعتبار “اخناتون" أبا الأنبياء قال جمعة: ان هذا ضرب من الغيب بدون برهان وحول عدد المذاهب الفقهية في الإسلام قال: ان عددها يصل لنحو مائة مذهب. وقد أعلن العديد من علماء وشيوخ الأزهر رفضهم لفتاوى جمعة التي تضمنها كتابه وقال د. عبدالله سلامة نصر استاذ الحديث بالجامعة العالمية بإسلام اباد: لم اقرأ مطلقا في نص أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم أو السنة النبوية المطهرة ان الصحابة كانوا يتبركون ب"بول" الرسول أو أن أم أيمن شربته فعليا لأن هذا يخالف ليس فقط السنة النبوية وإنما العقل والمنطق. وتساءل نصر: هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يتبول أمام الصحابة حتى يأخذوا بوله للشرب؟ الرسول صلى الله عليه وسلم لا يرضى مطلقا بذلك ولا يقبله لأن بول الإنسان نجس، وإذا مس جلد المسلم أو ثيابه يجب أن يتطهر منه، فكيف يشربه، كما أكد نصر رفضه فتوى جمعة بإباحة تقبيل السور الحديدي لضريح الإمام الحسين قائلا: لا يجوز شرعا تقبيل ضريح الرسول فكيف الامام الحسين؟ وعندما مر سيدنا عمر بن الخطاب بالحجر الأسود وقبله قال: لولا انني رأيت رسول الله يقبلك ما قبلتك. وأعرب الشيخ عبدالحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوى بالأزهر عن استغرابه الشديد لفتوى جمعة بتبرك الصحابة بشرب بول الرسول مؤكدا أنه لم ير مطلقا هذا الحديث وانه ربما يكون ضعيفا أو موضوعا. وأضاف، بحسب جريدة " عكاظ" السعودية : أما القول بجواز تقبيل ضريح الإمام الحسين فهذا يخالف الشرع لأن تقبيل ضريح النبي صلى الله عليه وسلم غير جائز شرعا، فما بالنا بأضرحة أولياء الله وآل البيت، وأشار الأطرش إلى ن ختان الاناث لا يشترط تطبيقه الا في حالات الضرورة فقط مدللا على ذلك بأن المملكة العربية السعودية لا تطبق ختان الاناث في أراضيها وانه لو كان هذا من السنة لسارعت المملكة لتطبيقه. ومن جانبه تقدم المحامي نبيه الوحش ببلاغ إلى النائب العام المصري المستشار عبد المجيد محمود يتهم فيه مفتي مصر د. علي جمعة بازدراء الأديان والإساءة إلى الإسلام من خلال فتواه الأخيرة التي أكد فيها ان الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يتباركون بشرب بول الرسول صلى الله عليه وسلم. وقال الوحش في مذكرته انه أصيب بالصدمة مثل كل مسلم حينما قرأ تصريحات المفتي بأن الصحابة كانوا يتباركون بشرب بول الرسول صلى الله عليه وسلم وانه يجوز شرعا تقبيل ضريح الإمام الحسين مما يؤدي إلى تشويه صورة الإسلام في العالم. وطالب الوحش بضرورة التحقيق في أسرع وقت مع المفتي للوقوف على حقيقة فتواه الأخيرة المثيرة للجدل.