جلد الإنسان بدلاً من الأجنة للحصول على الخلايا الجذعية محيط - محمد السيد
الخلايا الجذعية هي خلايا جسدية تعمل كجهاز إصلاحي للجسم، عن طريق استبدال خلايا أخرى عاطلة والحفاظ على وظيفة الأعضاء الجسمية.. ويعتقد خبراء البحث الطبي أن هذه الخلايا قادرة على تغيير تاريخ الأمراض البشرية عن طريق استخدامها لإصلاح نسج متخصصة، أو عن طريق دفعها للنمو بشكل عضو حيوي معين.
ويتم الحصول على هذه الخلايا عادة من الأجنة، الأمر الذي يثير جدلا أخلاقيا واسعا، لأنه يتم القضاء على هذه الأجنة لتحقيق ذلك، وهو ما يعتبره البعض تلاعبا بالأجنة البشرية.
وللتخفيف من حدة الجدل الأخلاقي القائم بشان هذه المسالة، حقق علماء أميركيون ويابانيون إنجازا طبيا كبيرا عن طريق تحويل خلايا جلد بشري إلى خلايا جذعية، مما يفتح الباب أمام تحقيق طفرات كبيرة في عمليات زراعة الأعضاء، وعلاج العديد من الأمراض المستعصية كالسرطان والسكري وكذلك مرض الزهايمر.
وتوصل فريقان بحثيان أميركي وياباني بشكل متزامن إلى ذلك الاكتشاف عندما حصلا على خلايا جذعية دون القضاء على أجنة لتحقيق ذلك، حيث اعتبر جيمس طومسون معد الدراسة الأميركية -التي نشرتها مجلة "ساينس" الإلكترونية- أن هذا الاكتشاف "سيغير كليا" حقل الأبحاث في مجال الخلايا.
وتعتبر الخلايا الجذعية، وفقا لقناة العالم، علاجا ممكنا لبعض الأمراض القاتلة أو المعوقة، لأنها يمكن أن تتحول إلى خلايا ل220 نوعا مختلفا.
واوضح طومسون -الذي كان من الرواد في الحصول على الخلايا الجذعية عام 1998- ان هذا الاسلوب الجديد يمكن ان يتبع بطريقة بسيطة نسبيا في مختبرات عادية، وقال "تفاؤلي ازداد كثيرا" متوقعا لتمويل الابحاث الذي يعرقله حتى الان الجدل الاخلاقي ان "يزداد اخيرا".
من جانبه، اعتبر ديباك سريفاستافا مدير معهد جلادستون لأمراض القلب والشرايين ان هذا العمل "على قدر عظيم الاهمية في مجال الابحاث العلمية حول الخلايا الجذعية وفي تاثيره المتوقع على قدرتنا على تسريع تطبيقات هذه التكنولوجيا".
ونجح الفريقان في تحويل خلايا جلدية الى خلايا جذعية عن طريق إدخال أربع جينات "مورثات" مختلفة عليها بواسطة فيروس، كما تمكن الفريق الياباني بقيادة شينيا ياماناكا من جامعة كيوتو في تخليق سلالة من الخلايا الجذعية باستخدام خمسة الاف خلية.
وفي هذا الصدد، توصل علماء بريطانيون إلي طريقة جديدة لإنتاج الخلايا الجذعية من خلال أجنة ميتة، من أجل الوصول إلى الأمراض المستعصية.
وأشار ميودراج ستوجكوفك بروفسور علم الأجنة وعلم الخلايا الجذعية في جامعة نيوكاسل، إلى أن هذه الأجنة المستخدمة في البحث تكون قد توقفت عن النمو وبذلك فهي في عداد الميتة.
وأضاف ستوجكوفك أنه يمكن استخدام هذه الأجنة الميتة وذلك لإنتاج خلايا جذعية جنينية، وبذلك ستعطي مصدراً إضافياً للخلايا الجذعية لاستخدامها في البحوث لأن الأجنة البشرية ثمينة جداً.
من جانبه، أشار الدكتور روبن لوفل بادج رئيس قسم تطوير علم الأجنة في المعهد الوطني للبحوث الطبية، إلى أن أهمية هذا البحث تكمن في اكتشاف أن جميع الأجنة بما فيها الميتة يمكن استخدامها في بحوث الخلايا الجذعية.
الخلايا الجذعية وسرطان الأطفال
وفي إطار الحديث عن بعض استخدامات الخلايا الجذعية في علاج أنواع معينة من الأمراض، نجح أطباء روس في علاج أمراض سرطان الأطفال وأمراض الجهاز العصبي بواسطة الخلايا الجذعية لأول مرة في تاريخ الطب. وأشار البروفيسور جيورجي مينتكيفيتش نائب رئيس مركز علاج أمراض السرطان التابع لاكاديمية العلوم الطبية الروسية، بأن اللجوء إلى استخدام الخلايا الجذعية يتم فقط في الحالات المستعصية التي لا تستجيب للعلاج التقليدي بالأشعة والكيمياوي والجراحة، مؤكداً أن الخلايا الجذعية يحصل عليها أما من الشخص المصاب نفسه عن طريق جهاز المفرزة وأما من المتبرعين الأقارب.
وأضاف مينتكيفيتش أن استخدام الخلايا الجذعية أدى إلى حدوث تقدم ملموس في علاج بعض الأمراض السرطانية، مبيناً نجاح العلاج في حوالي 60 في المائة من الإصابة بمرض هلاك الكريات الحمراء وخمسين في المائة من أورام الجهاز العصبي المركزي.
وأوضح الأطباء أنهم ينقلون الخلايا الجذعية المأخوذة من النخاع العظمي في منطقة حوض المريض إلى النخاع الشوكي، مشيرين إلى أن هذه الخلايا تنتقل عبر النخاع الشوكي إلى منطقة الدماغ وتنقض على الأورام السرطانية في الرأس أو بقية أنحاء الجسم لدى المرضى، مؤكداً أن هذا الاسلوب العلاجي أدى إلى نتائج ملموسة تمثلت في القضاء على أورام الجهاز العصبي المركزي وزوال أعراض المرض لدى العديد من المرضى، حيث أن العلاج بهذه الخلايا يكون أكثر فعالية في بداية الإصابة بالورم السرطاني وانحسار رقعة انتشاره في جسم المريض.
أمل جديد لمرضى القلب كشفت دراسة أجريت على فئران أصيبت بأزمة قلبية أن الخلايا الجذعية الجنينية البشرية قادرة على التحول إلى خلايا عضلية قلبية نشيطة تحل محل الخلايا التالفة في تجربة على الفئران.
وقال فريق تشارلز موري من جامعة واشنطن في ولاية سياتل الأميركية ومن شركة جيرون في كاليفورنيا الدراسة -التي نشرت على موقع مجلة "نايتشر بايوتكنولوجي" الالكتروني- أن عمل قلب الفئران تحسن بعد أربعة أسابيع من حقنها بخلايا قلبية تم الحصول عليها في المختبر من خلايا جذعية.
وأكد الفريق الأمريكي أنه نجح في تحسين عملية تحول الخلايا الجذعية إلى خلايا وظيفية قلبية وكذلك إطالة أمد حياة هذه الخلايا بعد زرعها في قلوب الفئران باستخدام تحفظها من التلف، كما نجح الفريق في إبطاء عملية تلف القلب لدى الفئران المعالجة.
علاج لأمراض الأسنان والعيون
نجح باحثون في إنبات جذور وأربطة داعمة للأسنان، للمساعدة في عملية تصليح تاج أحد الأسنان، وذلك من خلال استخدام خلايا جذعية مأخوذة من ضرس العقل لأجسام بالغة في تجارب على خنازير صغيرة الحجم.
وأشارالدكتور سونجتاو شي في كلية طب الأسنان بجامعة جنوب كاليفورنيا، إلى أن استخدام تقنية الخلايا الجذعية يقود إلى إعادة بناء وظيفة الأسنان في نموذج حيواني مشابه للإنسان.
وأوضح شي أنه يأمل في السنوات القادمة أن يكون لدى مرضى الزرع عظماً كافياً في فكهم لدعم عملية الزرع، أما من ليس لديهم فإن هذا العلاج يعتبر بديلاً عظيماً. وتمكن علماء بريطانيون من إعادة النظر إلى أشخاص يعانون من العمي باستخدام خلايا جذعية، وذلك من خلال ترميم نظر مجموعة من المرضي الذين يعانون من تنكس بقعي باستخدام خلايا من عيون المرضي أنفسهم.
وأوضح العلماء أن الأشخاص الذين يعانون من هذا المرض حوالي 25 % وتزيد أعمارهم عن ستين عاماً ًفي بريطانيا، حيث ينقسم هذا المرض إلى نوعين، جاف ويتأثر به حوالي 90% ، ورطب ويتأثر به 10% ، وينتج عن تعطل خضاب الخلايا الظهارية في شبكية العين، وهي طبقة من الخلايا تقع تحت الشبكية.