بوش يحاول تفادي الحذاء إن كنت مسئولا أو ذو منصب سياسي رفيع .. فاحذر على رأسك لأننا في عصر الأحذية. وننبهك إلى التمرن الدائم على خفض الرأس وأتخذ من الرئيس الأمريكي السابق بوش الصغير قدوة في هذا المجال.
وأعلم أنه قد يباغتك في أي لحظة صاروخ أرض جو مقاس 42 ، وقد يكون حظك جيد فيكون الحذاء من النوع الرياضي "الكوتشي" الذي يضرب ولا يؤلم أو يترك إصابات.
أو قد يتطور - أو بمعني أصح يتدهور - به الحال وتتلقى رأسه ضربة من "شبشب زنوبة" لعل مرتديه ممن أكل عليه الفقر وشرب ولم تدخل أقدامه بعد عالم الأحذية.
الزيدي .. مؤسساً لعلكم تتسائلون لما كل هذه التحذيرات والتصورات من القذائف الأرضية ماركة الحذاء، فنرد قائلين لأن كثيرون من ذوي المناصب السياسية الرفيعة تعرضوا لهذا الموقف مؤخرا، وأول ما ظهرت هذه الحادثة كانت على يد الصحفي العراقي منتظر الزيدي نهاية العام الماضي، حيث فاجأ الجميع برشق حذائه باتجاه الرئيس الأمريكى المنتهية ولايته ونعته ب "الكلب" ، قائلا :"هذه قبلة الوداع يا كلب"، ولكن بوش تخطى هذه الضربات بمنتهى المهارة والخفة وكأنه يعلم بأنه مقذوف مقذوف ! بينما صدر الحكم ضد منتظر بالسجن مدة ثلاث سنوات. وفي الشهر التالي لحادث حذاء الزيدي شهد مجلس الشعب المصري مشادات ومشاجرات عنيفة بين نواب الحزب "الوطني" و"الإخوان المسلمين" على خلفية الدور المصري في الاعتداءات الإسرائيلية على غزة، لعب الحذاء بها دورا هاما، حيث رفعه النائب المعارض أشرف بدرالدين في وجه نواب في الحزب الحاكم خلال جلسة مجلس الشعب، مما دفع رئيس مجلس الشعب أحمد فتحي سرور إلى إحالته إلى "لجنة القيم".
ضربة خاطئة
وانتقلت موضة الحذاء من المنطقة العربي شمالا، ففي فبراير 2009 قامت قوات الأمن التركية بإلقاء القبض على مواطن قام بإلقاء حذائه على وزير التربية والتعليم حسين شيليك فى مؤتمر جماهيري فى مدينة فان شرق البلاد، ولكن الحظ حالف الوزير حيث أخطأه الحذاء وأصاب أحد الصحفيين.
وفي تبريره لإلقاءه الحذاء على وزير التعليم قال المواطن إنه يعانى ظروفا اقتصادية صعبة مما دفعه الى الاقدام على هذا التصرف .
كما حالف الحظ رئيس الوزراء الصيني وين جيابا في ختام زيارته إلى انجلترا الشهر الماضي .. حيث تلقى ضربة لم تصبه من حذاء رياضي ألقاه متظاهر خلال القاء الأول كلمة في جامعة كامبريدج شمال لندن في الخامس من فبراير 2009.
وأطلق المتظاهر جانكي صافرة وصرخ :"كيف يمكن للجامعة أن تسيء لنفسها مع هذا الدكتاتور" قبل القاء حذاء تجاه المسرح.
وتوقف وين في الوقت الذي سقط فيه الحذاء بعيدا عنه، ثم واصل كلمته بعد ذلك موضحا أن ذلك لن يؤثر على العلاقات الصينية البريطانية.
إسرائيل والضربات المباشرة الحذاء الذي القي على رئيس وزراء الصين في انجلترا
أما سفير إسرائيل في السويد بني داجان فكان في انتظاره المزيد من الأحذية وضرباتها المباشرة التي لا تخطيء، حيث ألقاها البعض عليه خلال القاءه محاضرة في جامعة استوكهولم حول الانتخابات الإسرائيلية، اعتراضا على السياسة الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين.
وذكرت إذاعة صوت إسرائيل أن الحاضرين في المحاضرة البالغ عددهم نحو 50 شخصًا ألقوا بالكتب والأحذية على السفير. فيما ألقت الشرطة القبض على شاب وشابة في الثلاثين من العمر ألقوا السفير بالأحذية والكتب مع بدء إلقاء المحاضرة. وكان السفير الاسرائيلي تلقى الضربات المباشرة بعد ان انتشر مرافقوه في أرجاء القاعة وخرجت الشرطة السويدية من المكان لفرض جو أكثر هدوءًا.
وأعلن التيار الشبابي في منظمة اليسار "النقابية" مسئوليته عن الهجوم على داجان وقال :"إن جامعة استوكهولم دعت متحدثا رسميا لقوة الاحتلال الإسرائيلي ليحاضر حول الانتخابات الإسرائيلية .هذه الخطوة تشرعن الإحتلال الإسرائيلي وحصاره على غزة وتوسيع المستوطنات في القدسالشرقية والضفة الغربية والمجازر الاسرائيلية بحق الفلسطينيين". وأضاف :"خلال هذا التحرك لم يقتل أحد إلا أن محتل تمرمغ شرفه بالتراب ...فدعوا الأحذية تمطر دعما لانتفاضة كونية".
حذاء طفولي
وللأطفال نصيبا في الاعتراض باستخدام الأحذية، وهو ما قام به صبي فلسطيني حيث رشق سيارة رئيس حكومة تسيير الأعمال سلام فياض بحذائه .
وذكرت تقارير صحفية إسرائيلية أن قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية ألقت القبض على ساهر أحمد (15 عاما) من مخيم الدهيش للاجئين الفلسطينيين بالقرب من بيت لحم بعد رشقه سيارة رئيس حكومة تسيير الأعمال سلام فياض بحذائه يوم 18 فبراير 2009.
ووصف الفلسطينيون هذا الحادث بأنه محاولة لتقليد الصحفي العراقي منتظر الزيدي الذي رشق الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش بفردتي حذائه خلال مؤتمر صحافي في بغداد . ونجح رجال الأمن المرافقين للموكب في القبض على الصبي ومازال الدافع وراء فعلته غير معروف.
أحمدي خليفة بوش
أما على المستوى الرئاسي .. فقد تعرض الرئيس الإيراني محمود أحمدي لحادث مشابه لما حدث للرئيس الأمريكي السابق، حيث ألقى مجهول الحذاء عليه خلال زيارته لمدينة أورومي بشمال غرب إيران.
وكشف موقع أورومي نيوز الإيراني، عن أن نجاد فوجئ بالحذاء يمر أمام وجهه إلى الجهة الأخرى عندما كان يلوح لحشد من الإيرانيين عبر سيارة مفتوحة في طريقه لإلقاء خطاب في ستاد رياضي محلي.
وأشار الموقع إلى أن الحذاء قذف من فوق الرئيس الإيراني عندما كانت سيارته تمر عبر الميدان الرئيسي وأن الحراس الأمنيين انتشروا بين الحشود لكنهم فشلوا في العثور على ملقي الحذاء. يذكر أن الرئيس الإيراني تعرض لحادث آخر مماثل في ديسمبر 2006 حيث تم قذفه بحذاء خلال مظاهرة طلابية بجامعة أمير كبير، حينما صدمت سيارة الرئاسة رجلا مسنا حاول تسليم رسالة لنجاد وأصابته بجروح.
بلا دلالة
الرئيس الايراني تعرض للضرب بالحذاء ايضا وتعليقا على هذه الظاهرة الحذائية الطائرة، إن جاز التعبير، يؤكد د. وحيد عبد المجيد نائب مدير مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام أن هذا النوع من التعبير ليس جديدا بل أنه موجود منذ أمد بعيد وحدث أكثر من مرة، وليس له دلالة في حد ذاته، كما أنه يختلف من حالة إلى أخرى ولا يربطهم سبب واحد.
وردا على اتهام البعض للمنتظر الزيدي بالهمجية لقذفه بوش بالحذاء يقول د. وحيد أن هذه الأحداث كثيرا ما تحدث في مظاهرات دول أوروبا، ويلقى فيها المتظاهرين المسئولين بالطماطم أوبالبيض الفاسد وغيرها من الأشياء.
ولكن العرب بالغوا في الاهتمام بما فعله الزيدي بشكل زائد عن الحد، وهو تهافت من جانبهم، حيث يعانون من الفراغ السياسي، حيث لا تحتمل الحادثة كل هذا الجدل . وما فعله الصحفي العراقي هو تعبير بأسلوب معين عن اعتراضه وليس له أي دلالة.
الحق مع الزيدي
بينما يختلف يحيي قلاش نائب رئيس تحرير جريدة الجمهورية مع د. وحيد حامد في الرأي، مؤكدا أن ما فعله منتظر الزيدي له ما يبرره ومعه كل الحق في ذلك، فهو شخص في بلد محتل يتعرض مواطنوه للتعذيب في السجون الأمريكية بالعراق، ولم يكن يملك أي وسيلة للتعبير عن نفسيته وايصال صوته للعالم كله إلا عن طريق الحذاء.
ويوضح يحيي أن ما حدث كان رد فعل طبيعي لاستفزاز رئيس أمريكي غارب وتارك للسلطة وقد زار العراق ليدشن، من وجهة نظره، ما بدأه في العراق الممزق والمستباح والمنهوبة ثرواته من حرية مزعومة، فتفتق ذهن الزيدي عن المشهد الذي رأه العالم أجمع.
ولأن وسيلة منتظر الزيدي تحمل كل هذه المعاني فقد استقرت في ضمير وعقول الناس، وغالبا ما تبقى أفعال بعض الأشخاص باقية في أذهان الناس لسنوات ممتدة حتى يصبحوا رموز، والدليل على ذلك بقاء بعض الأسماء كجيفارا حتى الآن، ونرى الشباب قد علقوا صورته على ملابسهم وفي بيوتهم وقد لا يعرفو سوى اسمه، لكنه بالنسبة لهم رمز حملت رسالته الخير للناس.
وسيلة تنتشر وتتوغل النصب التذكاري لحذاء الزيدي
ويكمل قلاش أن ما فعله الزيدي يحمل رسائل كثيرة لرئيس يحظى بكراهية شديدة في المنطقة العربية لارتكابه العديد من المذابح بها، مما أضفى على الموقف هالة من المصداقية والجاذبية وبالتالي خطفت الأضواء وأصبحت وسيلة كل غاضب ومتمرد للاعتراض على ما يلاقيه من ظلم، وهو الشيء الطبيعي والمنطقي وسوف تستمر الوسيلة وتنتشر في كافة أنحاء العالم.
ويقول نائب رئيس تحرير الجمهورية أنه اصيب بالحزن الشديد لوصف البعض ما فعله الزيدي بالهمجية، وللأسف الشديد أنه صادر عن بعض المثقفين العرب الجهلاء نتيجة انسحاقهم أمام الثقافة الغربية، حيث ترسخ لديهم تصورات خاطئة عن الثقافة الغربية، وبالتالي اعتبروا ما فعله الصحفي العراقي نوع من الهمجية. وهو ما لم يراه الغربيون أنفسهم، حيث اعتبروها إحدي وسائل التعبير عن النفس وهو ما رأه بوش نفه وزوجته أيضا وغيرهم.
ولأن الصورايخ الحذائية أصبحت واقع ، فقد مدحها الشاعر محمد نصيف بجانب مؤسسها منتظر الزيدي حيث قال في قصيدة
أطلقْ حذاءَكَ تسلمْ إنهُ قدرُ *** فالقولُ يا قومُ ما قد قالَ منتظرُ
يا بنَ العراق ِ جوابٌ قلتَهُ علناً *** على الملا و به ِ قولُ العراقيينَ يُختَصرُ