7 دساتير في 132 عاما.. و1971 الأكثر تعديلا أول برلمان حقيقي في تاريخ مصر ارتبط بدستور 1923 رحلة البحث عن الاستقلال والحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية في حياة المصريين، والنضال الدؤوب والمستمر لانتزاع تلك الحقوق بشكل قانوني ودستوري.. هي رحلة تستحق أن تسطر بأحرف من نور في كتب التاريخ.. وأن تصبح سجلا من الفخر الذي يتباهى به المصريون ويرويه الأجداد للأحفاد. تبدأ قصة المصريين مع الدساتير عام 1882 في عهد الخديوي توفيق، حينما صدر في هذا التاريخ أول دستور تعرفه البلاد، بعد أكثر من 75 عاما من النضال والكفاح الوطني خلال الفترة ما بين عامي 1805 و 1882.. إلا أن سلطات الاحتلال الإنجليزى سرعان ما سرقت فرحة المصريين بهذا الدستور وقامت بإلغائه. ورغم القهر الانجليزي وسعي سلطات الاحتلال المستمر لوأد أية محاولة لتمتع المصريين ببصيص من الأمل في الحرية والاستقلال والعدالة الاجتماعية، إلا أن الكفاح الوطني لم تخمد جذوته، وتواصل نضال المصريين لانتزاع الحرية على مدار 31 عاما كاملة، وهو النضال الذي تكلل في النهاية في 19 أبريل سنة 1923 بإصدار دستور 1923، الذي مهد لأول ظهور حقيقي للحياة النيابية في مصر، وانعقد بموجبه أول برلمان مصري في 15 مارس سنة 1924.. غير أن هذا الدستور لم تقدر له الحياة سوى 7 أعوام فقط، حيث تم إلغاؤه في 22 أكتوبر سنة 1930، قبل أن يبعث مرة أخرى من جديد في ديسمبر 1935، ويمتد العمل به حتى ديسمبر 1952. وفي أعقاب قيام ثورة يوليو عام 1952 صدر أول إعلان دستوري في 10 ديسمبر سنة 1952، أعلن فيه باسم الشعب سقوط دستور سنة 1923، حيث نص الإعلان على أنه "أصبح لزاما أن نغير الأوضاع التي كادت تودي بالبلاد والتي كان يساندها ذلك الدستور المليء بالثغرات...."، ومن ثم تم تكوين لجنة في 13 يناير 1953 لوضع مشروع دستور جديد، على أن تراعي الحكومة في أثناء تلك الفترة الانتقالية المبادئ الدستورية العامة. وفي 15 يناير سنة 1953 حددت الفترة الانتقالية بثلاث سنوات، قبل أن يصدر فى 10 فبراير سنة 1953 إعلان دستوري ثان متضمنا أحكام الدستور المؤقت للحكم خلال الفترة الانتقالية، إلى أن ألغيت الملكية في البلاد وأعلن النظام الجمهوري في 18 يونيو 1953. دستور الوحدة وعقب انتهاء الفترة الانتقالية في 16 يناير من 1956 صدر إعلان دستوري ثالث اعتبر بشيرا بدستور جديد، إلا أن العمل ظل مستمرا بالإعلان الدستوري الصادر في 1953 حتى أجري استفتاء في 23 يونيو 1956 كانت نتيجته بدء العمل بدستور 1956. وشهد عام 1958 متغيرا سياسيا جديدا على الساحة المصرية، حيث أعلنت مصر وسوريا الوحدة تحت اسم الجمهورية العربية المتحدة، وهو ما اقتضى إعلان دستور الوحدة في مارس من ذاك العام، والذي استمر العمل به حتى 25 مارس 1964، أي بعد سقوط الوحدة بثلاث سنين وبضعة أشهر، ليصدر دستور مؤقت لمصر التي ظلت تعرف رسميا باسم "الجمهورية العربية المتحدة". وعقب تولي الرئيس السادات للحكم عام 1971، صدر في 11 سبتمبر دستور 1971، الذي خضع للتعديل أكثر من مرة، كانت أولاها في 30 أبريل 1980 بقرار من مجلس الشعب في جلستة المنعقدة بتاريخ 20 أبريل 1980، ثم في سنة 2005 لينظم اختيار رئيس الجمهورية بانتخابات مباشرة، فيما عرف بتعديل المادة 76، التي جرت على إثرها أول انتخابات رئاسية في مصر. وفي 26 مارس 2007 جرى استفتاء عدل بموجبه الدستور للمرة الثالثة، وتضمنت تلك التعديلات حذف كل الإشارات إلى النظام الاشتراكي للدولة، ووضع الأساس الدستوري لقانون الإرهاب (المادة 179). واستمرت تعديلات دستور 1971 عقب قيام ثورة 25 يناير وتنحي الرئيس السابق محمد حسني مبارك، حيث كلف المجلس الأعلي للقوات المسلحة، الذي تولى إدارة شئون البلاد، لجنة للقيام ببعض التعديلات الدستورية، وتم عرضها للاستفتاء على الشعب في 19 مارس 2011.. وبعد موافقة الشعب المصري في الاستفتاء، أصدر المجلس الأعلي للقوات المسلحة في 30 مارس 2011 إعلاناً دستوريا من 63 مادة اشتمل على أغلب التعديلات التي تم اقرارها في الاستفتاء بالإضافة إلي بعض المواد الأخرى. أما سادس الدساتير المصرية فقد صدر عام 2012 بعد حوار وجدل عميق استمر لمدة ستة أشهر حول مشروع دستور مصر الجديد عقب انتخابات الرئاسة المصرية في 2012 ، وتباينت ردود فعل الشارع المصري بين مؤيد ومعارض للمسودة النهائية لمشروع الدستور الجديد، قبل أن يحسم المصريون خياراتهم مع الدستور في 25 ديسمبر 2012، ليتم إقراره بموافقة نحو 64 % واعتراض 36 % من الذين ذهبوا للجان الاقتراع. وأخيرا.. يستعد ملايين المصريين للتوجه إلى صناديق الاقتراع يومي 14 و15 يناير الحالي للإدلاء بأصواتهم في الاستفتاء على الدستور الذي وضعته لجنة الخمسين مؤخرا، والذي يعد المرحلة الأولى في خارطة الطريق التي أعلنتها القوات المسلحة، حيث يدلي 53 مليونا و423 ألفا و485 ناخبا بأصواتهم، من بينهم 52 مليونا و742 ألفا و139 ناخبا داخل مصر، موزعين على 30 ألفا و317 لجنة فرعية، يشرف عليها 13 ألفا و317 قاضيا.