اهتمت صحيفة "واشنطن بوست" بالوضع الحالي في مصر، قائله إن التهم باتت غامضة، والأدلة أصبحت بعيدة المنال، مع قليل من الشفافية في فترة وصفها العديد من المحللين بأقسى حملة سياسية في مصر منذ عقود. وقالت الصحيفة الأمريكية في تقرير لها اليوم الخميس، هناك شعور سائد في مصر بعد ثلاث سنوات من الاضطرابات السياسية وهو الرغبة في عودة النظام العسكري والموافقة على ما يفعله الجيش من سحق الإسلاميين، وإسكات للمعارضة. وأوردت الصحيفة قول أحمد عبد الله سليمان، أحد موظفي الحكومة الذي رأى نوافذ مكتبه يتحطم في تفجير مركز للشرطة في مكان قريب منه، "أن البلاد الآن في وضع استثنائي.. ونحن الآن نواجه منظمة إرهابية بدرجة عالية من التنظيم، وكان من المنطقي أن يقابل العنف بالعنف" حسب قوله. وأضافت الصحيفة أنه من المفترض أن ينزل المصريين الأسبوع المقبل للتصويت على الدستور الذي صاغته لجنه الخمسين التي تم اختيارها عن طريق الحكومة المدعومة من الجيش، ولكن مع اقتراب الذكرى الثالثة للثورة التي أطاحت بالنظام المستبد للرئيس الأسبق حسنى مبارك فقد الكثير من المصريين الإيمان بالديمقراطية والحريات، حسب قولها. وذكرت الصحيفة ما قاله، أحمد جاد، مواطن مصري يعمل في خدمه توصيل الطلبات في أحد المطاعم بأن "كل عام هو أسوأ من سابقه وأن البلاد ستزدهر إذا تخلصت من الإخوان المسلمين التي تم إعلانها مؤخرا جماعة إرهابية من قبل الدولة". فيما قال إتش إيه هيلير، الباحث في معهد بروكينغز، "لم يعانِ المصريين فقط من الصعوبات الاقتصادية والاضطرابات السياسية، بل من العنف الذي تولد بعد الانقلاب"، مضيفا أن "كثير من المصريين وخاصة المعدومين لم يعد يروا في الديمقراطية وحرية الرأي آليات لحل مشاكلهم الاقتصادية" . واعتقد هيلير أنه "عندما يُخير الشعب المصري بين النظام ديمقراطي الذي قد يستطيع تحقيق الاستقرار أم لا ونظام تدعمه مؤسسة عسكرية قوية فإن غالبية المصريين للأسف ستتجه نحو الخيار الأخير". وأشارت الصحيفة إلى أن جماعة الإخوان المسلمين التي حصلت على النصيب الأسد في الأصوات في أول انتخابات ديمقراطية في مصر قبل عامين التي نبذت العنف في عقود سابقة واكتسبت شعبية من خلال إنشاء شبكة واسعة من المنظمات الخيرية خسرت تلك الصورة عند المصريين من خلال الأفكار القومية التي تروج لها الحكومة مصورة الإخوان المسلمين على إنهم "إرهابيين متعطشين لدماء الأمة". وأضافت الصحيفة أن الكثير من الفقراء المصريين احتشدوا حول الحكومة المدعومة من الجيش باعتبارها المنقذ الاقتصادي ولكن النخبة المثقفة في البلاد مناهضة لاستخدام الحكومة العنف لقمع المعارضة وهو المنهج الذي وصفه العديد من العارضين بأنه يعكس الرغبة في عودة امتيازات وسيطرة عهد مبارك. وقال طارق مسعود، أستاذ العلوم السياسية وخبير مصر في جامعة هارفارد "بالتأكيد مصر لم تعد دولة ديمقراطيه و على الجميع أن ينتظر مصيره"، حسب تعبيره. وأضاف مسعود أن قبل ثورة يناير 2011 كان هناك ستة عقود من الحكم العسكري الفعال، كما أن شعبية العسكريين ونفوذهم المتفشي لم يهتز أبدا بعد الثورة. وأوضح مسعود أن "الديمقراطية تميل للظهور في الدول التي تتمتع باقتصاد منتعش ونسبة تعليم عالية، ومصر تفتقر لهذه العوامل".