كشف جوش روجين مراسل صحيفة "دايلي بيست" الأمريكية، أنه قبيل الرحلة الأخيرة لوزير الخارجية الأمريكي جون كيري إلى القاهرة، أخبرته مستشارة الأمن القومي سوزان رايس بالإدلاء بتصريحات قوية حول محاكمة الرئيس السابق محمد مرسي ولكنه قرر من تلقاء نفسه أن يتجاهل تعليمات البيت الأبيض ويتبع بيروقراطيته. وأشار روجين إلى امتداد التوتر بين كيري ورايس إلى الرأي العام في أمريكا الأسبوع الماضي عندما أقرت رايس تقديرها الانتقادي للحكومة المصرية الحالية والذي يتناقض مع تقييم كيري الذي يقول أن الحكومة المصرية في طريقها إلى الديمقراطية. ونوه الكاتب إلى أن هذا الصدع كان مختبئ لمدة شهور وراء الكواليس كما أنه يبين السياسات المتباينة التي تتبعها وزارة الخارجية الأمريكية والبيت الأبيض تجاه مصر. ويرى المشرعون والخبراء والمسئولون داخل كلا الحكومتين أن ذلك الارتباك الداخلي يعرقل نهج الإدارة تجاه مصر. من جانبه، قال مسئول بالإدارة الأمريكية ل"ديلي بيست" أن كيري لا يتفق مع سوزان رايس في أجزاء كبيرة من سياسة الولاياتالمتحدة في مصر حيث أنه اتخذ قرارا متعمدا وواعيا بأن لا يذكر مرسي في اجتماعاته بالقاهرة منوها إلى أن رايس لم تكن سعيدة بذلك. وأشار روجين إلى تأكيد مسئولين آخرين في الإدارة الأمريكية على الانقسام بين كيري ورايس حول مصر منوهين إلى أن الخلاف بين الاثنين حول كيفية التعامل مع العلاقة الأمريكية المصرية المضطربة ما هو إلا أحدث مثال على كيفية توجيه البيت الأبيض للنهج الأمريكي تجاه مصر بطريقة تتعارض مع وجهات نظر ورغبات وزارة الخارجية والبنتاجون. وذكر روجين ما صرحت به رايس بأن الحكومة المصرية لابد أن تكون شاملة من خلال عملية يشارك بها جميع المصريين بدون عنف. وقال إنه قبيل الخلاف العلني بين كيري ورايس كان هناك خلافا سريا بين البيت الأبيض والخارجية الأمريكية تجاه سياسة الإدارة في مصر موضحا أنه أثناء مراجعة الإدارة لإرسال المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر، تم دفع وزارة الخارجية وزارة الدفاع للحفاظ على معظم المساعدات، في حين أصر البيت الأبيض على وقف معظم المساعدات العسكرية لمزيد من التقدم من قبل الحكومة المصرية. ونقلت الصحيفة عن أحد الخبراء الذي له علاقات وثيقة مع الإدارة الأمريكية أن "هناك خلافات حقيقية بين سوزان رايس وجون كيري في النهج الأساسي لمصر". ويرى روجين أن رايس التي أمضت الجزء الأكبر من حياتها المهنية في التعامل مع أفريقيا، لديها سجل طويل من التأكيد على حقوق الإنسان والشواغل الديمقراطية، في حين أن كيري يميل أكثر نحو الدبلوماسية الاقتصادية والمشاركة مع الأنظمة التي لا تمارس أفضل سلوك لديها كما أن تشاك هيجل وزير الدفاع الأمريكي لديه علاقات وثيقة مع القادة العسكريين في مصر وتحدث إلى نظيره المصري عبد الفتاح السيسي أكثر من 20 مرة منذ الإطاحة بحكومة الرئيس السابق محمد مرسي. ونقلت الصحيفة عن مسئولين آخرين أن تلك الانقسام نابع أيضا من تحيز وزارة الخارجية الأمريكية نحو العمل مع الحكومات التي تتولى السلطة والحفاظ على العلاقات الهامة. وقال باتريك فنتريل المتحدث باسم رايس ل"دايلي بيست" إن فريق الأمن القومي بأكمله بما في ذلك رايس وكيري وهيجل يعمل في خطوة مغلقة لتنفيذ سياسة الرئيس أوباما في مصر التي تتمثل تشجيع تحول مصر إلى حكومة شاملة ومنتخبة ديمقراطيا وذات قيادة مدنية تحترم حقوق وحريات جميع المصريين. من جانبه، قال مسئول كبير بوزارة الخارجية الأمريكية للصحيفة أن كيري كثيرا ما طرح أثناء رحلته قضية حملة القمع التي تشنها الحكومة المصرية، حسب قوله، على جماعة الإخوان بالرغم من أنه لم ينطق اسم مرسي منوها انه ضغط مرارا وتكرارا على الحكومة المصرية المؤقتة جراء الاعتقالات التعسفية ذات الدوافع السياسية مؤكدا ضرورة انخراط جماعة الإخوان في العملية السياسية. وقالت تمارا كوفمان ويتس، مدير مركز سابان في معهد بروكينغز والمسؤول السابق بوزارة الخارجية، إن "الإدارة الأمريكية تفتقد في تصريحاتها رؤية واضحة لكيفية الحفاظ على المصالح الأمريكية في مصر على المدى الطويل مشيرة إلى أن أوباما أدلى بوضوح بحكم تحليلي أن السلطوية في الشرق الأوسط لن تستقر على المدى الطويل لذلك لابد أن يقلق بشأن مسار مصر والمصالح الأمريكية وأن معالجة تلك القلق مفقودة في السياسة الأمريكية الراهنة. ونوه روجين أن المسئولين المصريين يتلقون رسائل متباينة من أجزاء الحكومة الأمريكية المختلفة، ما يتسبب في الارتباك بشان اتخاذ قرار بكيفية الرد على تصرفات الولاياتالمتحدة مؤخرا, واستدل على ذلك بما قاله مصدر قريب من الحكومة المصرية أن الإدارة الأمريكية لم تخبر حكومة بلاده ماذا يجب أن تفعل لاستعادة إرسال المعونة. وفي نفس السياق, قال السناتور الامريكي ليندسي غراهام في مقابلة مع الصحيفة انه يعارض منح الحكومة المصرية مزيد من المساعدات حتى يتم اتخاذ خطوات بارزة نحو استعادة سيادة القانون وحكومة ديمقراطية زاعما "هدفي هو تعزيز التحول وليس الانقلاب"، كما أنه أعلن تأييده لرايس في الخلاف الناشب بينها وبين كيري.