توقعت مصادر مقربة من الحكومة المصرية إجراء تعديل وزاري "محدود" خلال الفترة القادمة، في ظل عدم رضا عدد من القوى السياسية عن أداء حكومة "حازم الببلاوي" رئيس الوزراء المصري، بعد مرور 100 يوم على تأديتها اليمين بعد أيام من الإطاحة بالرئيس المصري السابق محمد مرسي. وقالت المصادر التي رفضت الكشف عن هويتها، إنه "هناك توجه لدى تيار داخل السلطة الحالية بإجراء تعديل وزراء محدود" وصفه بالسياسي الطابع، حيث يتوقع أن يشمل بعض الوزراء المحسوبين على "تيار محمد البرادعي"، نائب الرئيس المصري المؤقت للعلاقات الدولية المستقيل، خاصة أن هؤلاء الوزراء المحسوبين على البرادعي يقودون تيار "المصالحة" مع أنصار الرئيس المصري السابق محمد مرسي"، وهو ما يرفضه التيار الغالب داخل السلطة. وأضافت المصادر إن "البرادعي كان له اختيار عدد من الوزراء والمسئولين في الدولة، ممن ينتهجون نفس تفكيره فيما يخص التعامل مع الأحداث الحالية وكذلك التعامل مع أنصار الرئيس مرسي". واستقال البرادعي من منصب كنائب رئيس الجمهورية للعلاقات الدولية يوم 14 أغسطس/آب الماضي؛ احتجاجا على فض قوات من الجيش والشرطة لاعتصامي لمؤيدي الرئيس المصري المعزول، محمد مرسي، في ميداني رابعة العدوية (شرقي القاهرة)، ونهضة مصر (غرب العاصمة)؛ مما أسقط مئات القتلى وآلاف الجرحى. وأكدت المصادر أن "هناك تيارين داخل الحكومة الحالية تيار يرى ضرورة التعامل وفق قبضة أمنية قوية مع الفعاليات الاحتجاجية لأنصار مرسي، فيما يرى تيار أخر ضرورة التفاوض والتعامل وفق مصالحة وطنية شاملة، ومن بينهم نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية، زياد بهاء الدين"، الذي سبق أن طرح مبادرة للمصالحة لكنها لم تحقق النجاح المرجو منها بسبب موقف التيار الأول. وطرح نائب رئيس الوزراء، زياد بهاء الدين، مؤخرا مبادرة من أهم بنودها: "التزام كافة الأطراف الراغبة في الانضمام إلى المبادرة بنبذ العنف دون تحفظ أو شرط، والتزام الدولة بأقصى درجات ضبط النفس في مواجهة أية أعمال عنف أو بلطجة أو تعرض لأمن وسلامة المواطنين وممتلكاتهم والمنشآت العامة والطرق، ووقف التعرض للكنائس في كل أنحاء الجمهورية أو للمواطنين المسيحيين أو لحقهم في العيش الهادئ". كما أكدت المبادرة على أن يكون الإطار المرجعي لها هو استكمال خارطة طريق المرحلة الانتقالية التي أعلن عنها الرئيس المصري المؤقت، عدلي منصور، عقب قيام الجيش المصري بالتشاور مع قوى سياسية ودينية بعزل الرئيس مرسي في 3 يوليو/تموز الماضي، وتنص على تعديل الدستور إجراء انتخابات برلمانية ثم رئاسية. وقالت المصادر إن "هذا التغير الوزاري المتوقع قد يمتد إلى الوزارة ذات الأداء الضعيف خلال الفترة الماضية ومن بينها الوزارات الخدمية". ولم تستبعد المصادر تغير وزير الداخلية بسبب عدة ثغرات تثار حالاً على مستوى قيادة 30 يوليو ومنها "محاولة أنصار مرسي الدخول لميدان التحرير" الأمر الذي حالت دونه قوات الجيش، ومؤخراً قضية تأمين الكنائس، إثر تعرض كنيسة في منطقة الوراق بالقاهرة لهجوم دامي الأحد الماضي. المصادر نفسها قالت إن المجموعة الاقتصادية داخل الحكومة سوف تستمر لأنها "قوية" على حد وصفها. ومع انتهاء المائة يوم الأولى لحكومة الببلاوي، اعتبر عدد من القوى السياسية المشاركة في خارطة الطريق يوم 3 يوليو/تموز الماضي، وعدد من الإعلاميين الذين أيدوا أحداث 30 يونيو أداء الحكومة بطيئا، مما دفع بعضهم للمطالبة ب"تعديل وزاري محدود". وقال محمد عثمان عضو المكتب السياسي لحزب مصر القوية إن "الحزب غير راض عن أداء الحكومة الحالية لكنه تعامل معها على أنها أمر واقعي، ففي إطار الممارسة الأمنية لم تحقق الأمن حتى الآن بسبب المئات الذين سقطوا في أحداث متفرقة وكذلك التفجيرات التي حدثت في سيناء وكنيسة الوراق. وأضاف عثمان "نطالب أن يكون أداء الحكومة أفضل من ذلك، فالحكومة لم تصدر حتى الآن قوانين موفقة مثل قانون دور العبادة الموحد أو قانون منع التمييز وانصبت جهودها على قانون تنظيم التظاهر لكن بشكل عام نحن لسنا راضون عن أداء الحكومة". وأوضح عثمان أن الحكومة الحالية نجحت في مسألة واحدة وهي توفير الموارد الرئيسية للمواطنين من سولار ووقود لكنها في الوقت نفسه تسببت في تضخم رفع الأسعار بمعدلات لم تشهدها مصر من قبل". من جانبه قالت مي وهبة المسئولة الإعلامية لحركة "تمرد" الشعبية (التي دعت إلى تظاهرات 30 يونيو/حزيران الماضي)، في تصريح للأناضول: نطالب بصفة عامة أن يكون أداء الحكومة أسرع مما هو عليه لكننا نتفهم أننا نمر بمرحلة انتقالية نسعى خلالها ببناء الديمقراطية ومواجهة الإرهاب الذي يصعب مهمة الحكومة وإن كان الأداء بطيء ونتمنى أن تتحرك عجلته بصورة أفضل. وقال الإعلامي تامر أمين مساء أمس في برنامجه "ساعة مصرية" على فضائية "روتانا مصرية" إن "التحديات التي تواجهها الحكومة لا تبرر حالة البطء الشديد والتلكؤ في الحكومة .. وليس معنى أننا اختارنا حكومة برئاسة الببلاوي التي اختارها عادلي منصور (الرئيس المصري المؤقت) أن تبقى بكامل أشخاصها وكامل أفكارها وكامل أدائها طوال المرحلة الانتقالية لحين يكون عندنا رئيس منتخب وبرلمان منتخب وبالتالي تشكل الحكومة .. التغيير ودوام الحال من المحال". وطالب أمين بالتعديل الوزاري المحدود بقوله "المنطق يقول إن الببلاوي والقائمين على الدولة يرصدوا أداء الحكومة خلال الشهور الماضية .. هناك ترس يعمل أكتر من ترس وهناك ترس كُسر لأنه لا يعمل مع بقية النظام، وهناك ترس بطئ لا يستطيع التوافق مع بقية المجموعة .. النظام كله أبطأ بكثير من حرك الشارع .. أنصح بتغيير رأس الحكومة لكن فإذا أمرت بما يستطاع.. يكون هناك رئيس وزراء أكثر حيوية وأكثر ديناميكية وقدرة على الواكبة مع الإيقاع السريع لمطالب الشارع". وتابع أمين "نحن في حالة ثورية والحكومة يجب أن تكون ربع ثورية أو نصف ثورية لكن لا تكون ضد الثورة .. لن أطالب بتغيير الببلاوي لكن على الأقل أطالب بفحص من الوزراء الذي لا يؤدوا بشكل جيد ومبطئين في الإيقاع إلى هذه الدرجة". من جانبه قال الإعلامي جابر القرموطي في برنامج "مانشيت" على فضائية "اون تي في" إن "لا أحد يشعر بالحكومة الحالية"، مشيدا بوزارتي الداخلية والدفاع وكذلك التعليم والإسكان، لكنه كرر أنه "لا أحد في مصر يشعر بالحكومة فيما يخص بقية الوزارات".-- ورغم أن الحكومة الحالية لم تلزم نفسها بفترة 100 يوم لتحقيق وعود كما فعل الرئيس السابق محمد مرسي في خمس ملفات رئيسية ( الخبز، والنظافة، والأمن، والمرور، والوقود) لكن المركز المصري لبحوث الرأي العام "بصيرة" (مركز خاص) استطلاعا للرأي العام حول تقييم المصريين لأداء الحكومة أمس تزامنا مع مرور المائة يوم، أظهر أن 37% من المصريين يرون أن أداء حكومة حازم الببلاوي جيد و49% يرونه متوسط بينما 15% فقط يرونه سيء.