عودة مرسي مرفوضة.. لكن الفكر لا يواجه بالرصاص نعيش أوضاعا استثنائية تجعل معارضي 3 يوليو "خائنون للوطن" حظر الجماعات الدينية مغامرة بمصر ويفتح بوابة العنف خارطة الطريق المزعومة لم يستفتى عليها احد الإخوان وضعوا أنفسهم في صورة الانتهازي ويأبون اليوم الاعتراف بخطاياهم أمريكا لم تكن يوما مؤيدة للإخوان .. والمجتمع الدولي يراقب الأوضاع على خلفية ما يجري بالساحة من حظر ومصادرة واعتقالات بصفوف الإخوان المسلمين، والاقتراب من حظر لكافة الأحزاب ذات المرجعية الدينية بالدستور، أكد الخبير القانوني والكاتب الدكتور عمرو أبوالفضل في تصريحه لشبكة "محيط" أن الفكر لا يمكن مواجهته بالرصاص، وأن كل تلك الأساليب تقوي من الجماعات الدينية ولا تضعف شوكتها لأنها تكسبها التعاطف من قبل الرأي العام . وعلى الرغم من ذلك يؤكد أبوالفضل أن القطاع العريض من المصريين لا يطالب بعودة الرئيس المعزول الدكتور محمد مرسي، لأنه ومكتب الإرشاد ارتبكوا أخطاء جسيمة خلال العام الذي حكموه وكان مسلكهم بعيدا عن أهداف ثورة يناير ، فشهدنا صمتا مريبا أمام انتهاكات لحقوق الإنسان ومحاولات للأخونة وإهدار موارد مصر بمشاريع الصكوك وغيرها . وأكد أخيرا أن المجتمع الدولي يراقب مصر فإن سارت الأمور فسوف يعترف بمرحلة ما بعد مرسي ، وأول المعترفين ستكون الولاياتالمتحدةالأمريكية والتي لم تكن يوما حليفة لمرسي كما يشيع الإعلام . محيط : لماذا رفضت التعامل الأمني مع الإخوان المسلمين؟ - من المعلوم أن حالة الحظر ليست جديدة على الإخوان فعلى مدار 85عاما هي عمر الجماعة، كانوا يعملون برعاية السلطة وفي النور لمدة 34 عاما فقط أي أقل من نصف عمرهم، وظلوا طوال السنوات المتبقية مطاردين من الأنظمة ومع ذلك لم تمت الجماعة . وبرأيي فإن المصادرات التي تصاحبها عادة حملة الاعتقالات التي نشاهدها الآن، لم تكن أبدا وسيلة لإنهاء أي تنظيمات بل على العكس دائما تكون وسيلة للتعاطف معها واشتداد عودها مجددا، ناهيك عن أن انسداد أفق العمل السياسي يمكن أن يدفع بعض المنتمين لتلك الجماعات للعنف . أما عن تبعات الحكم، فستكون قاسية كما يرى الخبير، فتشمل الاعتقالات والمصادرات وربما لطبيعة تنظيم الإخوان الدولية فسوف ترسل مصر بطلب إدراجها كمنظمة إرهابية بأوروبا وأمريكا، وذلك لإجبار أعضاء الجماعة للإنصياع للأوضاع الاستثنائية . لكن ذلك صعب تصوره لأن المجتمع الدولي يحتاج لأدلة حتى يتثبت من أن الإخوان تنظيم إرهابي يقوم بالجريمة المنظمة ، خاصة أن شرعية السلطة الحالية مشكوك فيها بالنسبة لهم . محيط : وما الذي تنصح به السلطة والإخوان معاً ؟ التعامل الأنسب برأيي هو السياسي وليس الأمني، ولابد من دفع الإخوان لتقديم تنازلات حقيقية تضع في الاعتبار أننا في مرحلة جديدة بعد 30 يونيو ، وأن الشعب لن يرضى غالبيته بعودة الرئيس المعزول محمد مرسي، والذي أخطأ وجماعته أخطاء بالغة حين استأثروا بالحكم والبرلمان والدستور، وحين صمتوا – على الأقل – أمام انتهاكات حقوق الإنسان بالاتحادية وغيرها ، بل وحين تركوا الثوار بالشوارع وراحوا يتفاوضون على مصالحهم مع المجلس العسكري قديما . من جهة أخرى، فإن الجماعة بحاجة الآن لاعتذار صادق واعتراف بأخطائها، وليس كما تفعل الآن من تأكيد مظلوميتها والمؤامرات ضدها في كل المواقف، وأن تقدم كشف حساب شفاف بما لها وما عليها ، ويتضمن الضغوط أيضا التي كانت ولا تزال تمارس عليها، وأن تحيد قياداتها المتشددة وتتيح المجال لدماء شابة جديدة برؤية تناقض التفكير النمطي للجماعة ليقودوا المشهد من جديد . وبكل الأشكال فالخيار الأمني مع الجماعات الدينية خطأ ، والإخوان المسلمون بالتحديد يشكلون أقدم منظمة تمثل الإسلام السياسي ولها خبرة ممتدة وتراكمات لن يمحوها حكم محكمة ، وبالتالي فنحن بحاجة لحلول سياسية تفتح المجال للجميع، وبالمناسبة فمرسي نفسه كان يغلق المجال أمام معارضيه، أي أنه أقدم على نفس الخطيئة .. وقد كنا بحاجة لاستفتاء على خارطة الطريق التي يعلنوها الآن وكأنها غير قابلة للنقاش . محيط : كيف تنظر لتعامل المجتمع الدولي مع ما جرى بعد 30 يونيو؟ لو بدأنا بأمريكا فهي لم تكن يوما مؤيدة لنظام الرئيس مرسي كما حاول الإعلام المصري أن يروج، فعلى سبيل المثال ليس لدينا مقالات أو مواقف بالكونجرس طاغية تؤكد رفض 30 يونيو ،والحقيقة أن مصر شهدت نصف ثورة ونصف انقلاب ، ف30 يونيو لا يمكن إنكار نجاحها ومشروعيتها ولكن ما حدث بعدها كان أمرا آخر . والمجتمع الدولي ينتظر لو سارت العجلة في مصر فسوف يعترف بالنظام ولو جرت قلاقل سيقول أنها انقلاب، ونعلم جميعا حجم الضغوط الأمريكية على الدول التي تمر بتجربتنا، إما أن تديروا بلادكم أو نديرها نحن ! محيط : لماذا اعتبرت أننا نعيش أجواء استثنائية في مصر؟ - الإخوان حاليا يتعاملون باللعبة الصفرية فإما أن يكسب كل شيء أو يخسر كل شيء، وهي لعبة القوة ، وللأسف الطرف الآخر أيضا يشوه كل من يحاول أن يعبر عن اعتراضه على الإجراءات السياسية التالية ل30 يونيو ويتهمه بالخيانة للوطن ، وهو مناخ استثنائي يعيد مصر لعصور قديمة من الاستبداد . محيط : لكنك ترفض أيضا فك الأحزاب الدينية .! - بالفعل .. وأنظر إلى الأمر كمغامرة بمستقبل مصر فحين تخرج كل تلك الأطياف خارج المشهد وبالتالي يمكن أن ينحو بعضهم للتطرف أو بالبلدي "يولع في البلد " ، وخطيئة مبارك أنه أغلق المجال السياسي ومنع أي بادرة للتغيير، كما أن مجلس الشعب تم تفريغه من مضمونه في عهده باعتباره المنفس الطبيعي لغضب الجماهير بدلا من الانفجار ، وهو ما حدث فعلا فحين انسد الأفق وحدث تزوير البرلمان لجأ المصريون للشوارع وقاموا بثورتهم العظيمة التي خلعت مبارك في النهاية . وأعتقد أن الإخوان حاليا يريدون جذب الدولة لحالة فشل خاصة مع حالة التدهور الاقتصادي التي يمكن استغلالها في ترويج صورة عن مصر بعد 30 يونيو. محيط : وضح لنا موقفك بخصوص جماعة الإخوان، فقد كنت من معارضيهم سابقا؟ - الإخوان الآن بحاجة لكسب ثقة الشارع لأنهم وضعوا أنفسهم بجدارة في موقف الانتهازي ، وتشوهت صورتهم بعد الإصرار على الغلبة في البرلمان ووضع الدستور وبعد أحداث الاتحادية ، وهي أخطاء فادحة كان وراءها غباء سياسي من قادتهم . شخصيا، لا أريد عودة مرسي بالطبع للحكم ، رغم اختلافي الكلي مع الإجراءات السياسية التي تشهدها البلاد منذ 3 يوليو، فالإخوان تعاملوا مع الحكم كما لو كان مكافأة نهاية الخدمة، وتعاملوا مع البلاد كضيعة لهم يفعلوا بها ما يشاءوا ، وكانت إجراءاتهم تفتقد للعلانية والشفافية ، وظنوا أنهم باحتواء المؤسستين العسكرية والأمنية يمكنهم إحكام قبضتهم على البلاد ، ولكن العكس هو ما حدث فقد انقلبت المؤسستين عليهم حين أدركتا أن البلد على شفا ضياع محتمل . وأنا الآن لا يمكنني أن أخوض معركة في صف الإخوان ، لأنهم ببساطة حين كنا بالشوارع معهم كانوا يذهبون للتعاون مع المجلس العسكري ضد الثوار على الأرض، وهي الانتهازية السياسية التي أتحدث عنها. لم يدرك الإخوان المسلمون أيضا أن فلول مبارك لا تزال قوتهم حاضرة في مؤسسات الإعلام التي يمتلكونها وفي قوتهم المالية وشبكة المصالح الجبارة التي يديرون بها مصر . وللأسف أرى أن الإخوان هم من أحكموا غلق الدائرة على أنفسهم ، فلا الشارع ولا القوة أصبحت ملك يمينهم ، وبالتالي فلا حشد ولا ربط ، ولم يتمكنوا من تطهير مؤسسات الدولة حين حكموها وكانوا يمتلكون شرعية ثورية ضيعوها ثم راحوا يتحدثون عن إعلان دستوري للإطاحة بالنائب العام بعد أن غاب هذا المطلب عن الشارع .. لقد كرهتهم . لقد عرضوا ثلاث مرات مشروع الصكوك الإسلامية رغم أنه يعني ببساطة بيع البلد بالقطعة، ورغم علمهم بأنه سيواجه بالرفض، كأنهم يقولون أنهم لا يعنيهم غير أنفسهم . محيط : وما هي كلمتك الأخيرة لجماعة الإخوان المسلمين؟ على الإخوان حاليا أن يقدموا اعتذارا صادقا عن خطاياهم وأن يحيدوا قياداتهم التي سببت الكوارث السابقة ويتم تصعيد قيادات شابة محتكة بالخارج والداخل جيدا ولديها رؤية جديدة تناقض الخطاب التقليدي للجماعة ، فالحقيقة أن الجماعة لا تزال لا تعترف بأنها أخطأت فحين تحدث الدكتور صلاح سلطان عن أخطاء رد عليه الدكتور محمود حسين بالنفي وفعلها عصام الحداد من قبل . وقد جروا البلاد ببساطة لشبه حرب أهلية ، ولا يمكن أن يبيعوا لنا وهم المظلومية الآن والمؤامرة ضدهم .