اعترف وزير الداخلية التونسي لطفي بن جدو "مستقل" الخميس بان وزارته "فشلت في حمايةالنائب المعارض محمد البراهمي الذي اغتيل في 25 تموز/ يوليو رغم أنها تلقت في 12 من الشهر نفسه تحذيرا في هذا الشأن من وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "سي آي ايه". وقال الوزير خلال جلسة مساءلة أمام المجلس التأسيسي "البرلمان" نقلها التلفزيون الرسمي مباشرة أنا اعتبر هذا الاغتيال الفشل البيّن للداخلية طيلة الأشهر الستة الماضية. لكنه تدارك صحيح فشلنا في حماية البراهمي لكننا أحبطنا عشرات التفجيرات والاغتيالات التي كانت مبرمجة في ليلة 27 من شهر رمضان الماضي وما بعدها. وقتل محمد البراهمي ب14 طلقة نارية أمام منزله بالعاصمة تونس في حادثة هي الثانية خلال ستة أشهر، بعد اغتيال المعارض اليساري البارز شكري بلعيد في 6 شباط/ فبراير. واتهمت وزارة الداخلية جماعة "أنصار الشريعة بتونس" التي صنفتها الحكومة الشهر الماضي تنظيما إرهابيا، باغتيال بلعيد والبراهمي. لكن عائلتي القتيلين تتهمان حركة النهضة الإسلامية الحاكمة باغتيالهما، وهو أمر نفته الحركة بشدة. وأضاف الوزير أن الاستخبارات الأمريكية أبلغت في 12 تموز/ يوليو عبر رسالة باللغة الانكليزية إدارة الأمن الخارجي بوزارة الداخلية التونسية "معلومة مفادها إمكانية استهداف.. محمد البراهمي". ولاحظ أن نص الرسالة كان "مقتضبا وفي صيغة الاحتمال وليس في صيغة مؤكدة بما يستوجب حتما التأكد من جديتها". وذكر بان الاستخبارات الأمريكية "سبق أن أمدتنا بالعديد من الإفادات التي وردت في صيغة أكثر تأكدا، تتعلق بتفجيرات واغتيالات لم تحدث ولم تثبت صحتها أثناء التحريات". وقال إن وزارة الداخلية لم تتلق، قبل اغتيال البراهمي، معلومات منه شخصيا أو من عائلته أو من "الاستعلامات" (الاستخبارات) التونسية تفيد أنه مستهدف. وتابع ان المدير العام للمصالح المختصة (المخابرات) وجه نسخا من رسالة "سي آي ايه" بعد ترجمتها إلى العربية إلى مسئولي عدد من الإدارات الأمنية بوزارة الداخلية "لإجراء ما يتعين في نطاق الاختصاص لكن قبل أن ينجز هؤلاء ما أنيط بعهدتهم تم اغتيال الشهيد محمد البراهمي". وأقر بوجود "خطأ في التقدير وعدم سرعة في الانجاز′′ لدى أجهزة الأمن التي قال انها لم تتعامل مع التحذير الامريكي "معاملة خاصة". وأشار الوزير الى أنه لم يكن على علم برسالة التحذير التي وجههتا سي آي ايه الى وزارته لان مثل هذه التحذيرات يتم رفعها الى وزير الداخلية في حال أثبتت التحريات الامنية جديتها. وقال الوزير ان المدير العام للأمن الوطني أبلغه بعد أيام من حادثة اغتيال البراهمي برسالة التحذير الأميركية، وأنه أمر فور علمه بها و"قبل تسريبها" الى وسائل اعلام، بفتح تحقيق داخلي لتحديد المسؤوليات. وأفاد "ستحال نتائج التحقيق على مجلس الشرف (بوزارة الداخلية) ليقرر بشأن الذين تثبت ادانتهم في التهاون او انعدام الحس الامني او عدم الانجاز السريع′′. وأضاف ان النيابة العامة فتحت تحقيقا قضائيا في الموضوع. والسبت نشرت جريدة (المغرب) التونسية الوثيقة الأمنية التي حذرت فيها (سي آي ايه) من "إمكانية استهداف..محمد البراهمي..من قبل عناصر سلفية". وقال لطفي بن جدو "وكالة الاستخبارات الامريكية وما أدراك، سرب لها ويكيليكس آلاف الوثائق، ونحن (إثر تسريب) وثيقة واحدة أقمنا الدنيا ولم نقعدها رغم اننا في مرحلة انتقالية هشة". والأربعاء، أعلن طيب العقيلي العضو في لجنة حقوقية تعمل على "كشف حقيقة اغتيال" المعارضين بلعيد والبراهمي أن علي العريض رئيس الحكومة والقيادي في حركة النهضة أمر، إثر اغتيال البراهمي مباشرة، قيادات امنية "موالية له" بوزارة الداخلية "بإعدام" الوثيقة التي حذرت فيها الاستخبارات الاميركية من اغتيال البراهمي. وأضاف الطيب العقيلي ان كبار المسؤولين الامنيين الحاليين في وزارة الداخلية عينهم علي العريض عندما كان وزيرا للداخلية وان "ولاءهم لراشد الغنوشي رئيس حركة النهضة" وأنهم "يأخذون التعليمات إلى يومنا هذا من علي العريض". وقال "الوزير الحالي هو مجرد صورة في وزارة الداخلية، ووزير الداخلية الفعلي سابقا وحاليا هو علي العريض". وأضاف "أقمنا دعوى قضائية" ضد العريض رئيس الحكومة ونحو 20 مسئولا في الداخلية "لأنهم علموا بالجريمة (الاغتيال) ولم يمنعوها"، معتبرا ذلك "تواطؤا ومشاركة في الجريمة". وأضاف ان "كل اركان جريمة الدولة متوفرة (في هذه القضية) وبالتالي فإن مقاضاة الحكومة دوليا واردة". وقال العريض في بيان اصدرته الحكومة الاربعاء انه "ينفي كل المزاعم التي ما فتئ يروّجها المدعو الطيب العقيلي، ويؤكد انه لم يعلم بوجود الوثيقة المذكورة الا بعد فترة من حادثة الاغتيال الأليمة للشهيد محمد الابراهمي". واعتبر ان "استغلال هذه الاحداث لكيل الاباطيل للحكومة والإطارات الأمنية والمدنية بالتشكيك في جهودها ومصداقيتها، هو توظيف سياسي مبني على الافتراء والنيل من مؤسسات الدولة لا على تكريس احترامها واحترام قيم العدل والانصاف".