أكد الدكتور مجدي عامر السفير المصري لدي الصين أن العلاقات المصرية - الصينية ستسير مستقبلا على نحو "غير تقليدي" لتعود بالفائدة والنفع على الطرفين على أساس "الأخذ والعطاء" ، مشددا على اهتمام مصر بشكل أكبر بعلاقاتها مع الصين بصفتها بلد كبير وصديق تاريخي ودائم لمصر، وما تتمتع به البلدان من تعاون واسع ووجود مساحة كبيرة لتعميق العلاقات وتطويرها . وأضاف السفير مجدي عامر- في تصريح خاص لوكالة أنباء الشرق الأوسط، - أن مصر ستركز بشدة خلال الفترة القادمة على دفع وتنمية العلاقات مع الصين على نحو متنامي يعتمد على المنافع المتبادلة في كافة المجالات ، إذ أننا لم نركز في الحقبة السابقة سوى على تلقى المساعدات أو المنح أو إيفاد خبراء ، وهو ما يجب تطويره بشكل تفاعلي متبادل يتناسب مع مكانة مصر الإقليمية والدولية". وعلى خلفية عمله قبل ثماني سنوات كنائب للسفير المصري لدى الصين وعلمه التام بكل تفاصيل العلاقات الصينية - المصرية وما يواجهها من مشكلات ، أوضح السفير عامر، أن اهتمام السياسة الخارجية المصرية في الفترة السابقة كان منصبا على الغرب وبدرجة أقل على الشرق ، لذا جاء توجه وزارة الخارجية المصرية الحالي لينصب على معالجة هذه المشكلات من خلال التركيز بشكل أكبر على تنمية العلاقات مع الصين على أساس المنفعة المتبادلة لأن ذلك هو ما يبنى المصداقية ويوسع مجالات التعاون مع الصين على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والثقافية ويعود بالفائدة على البلدين. وعلى صعيد التبادلات الدبلوماسية ، قال الدكتور مجدي عامي إنه سيكون هناك زيارات متبادلة بين البلدين مستقبلا تغطى كافة المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية .. مشيرا إلى أن حجم العلاقات والتعاون والاستثمارات المتنامية من جانب الصين تعد خطوة مشجعة للغاية وتدل على إدراك الصين بأن مصر تتجه نحو الاستقرار وأن الاستثمار بها على المدى الطويل سيعود بالفائدة على الصين. وأوضح السفير عامر أنه وفقا لتقديرات وزارة التجارة الصينية فقد بلغت قيمة الاستثمارات الصينية المباشرة في مصر حوالي 500 مليون دولار أمريكي بنهاية عام 2012 ، فيما بلغ إجمالي حجم التبادل التجاري بين البلدين في العام ذاته ما يقرب من 10 مليارات دولار ، مشيرا إلى أن الصين تسعى للاستثمار في مصر على المدى الطويل في قطاعات مثل البترول والتعدين والاتصالات وغيرها . وأضاف أنه إذا كان البعض ينظر إلى أن عدم الاستقرار الحالي في مصر له بعض التداعيات على الاستثمار قصير المدى ، فإنه " لحسن الحظ أن الاستثمارات الصينية استثمارات حكومية طويلة المدى" ، مبرزا في هذا الصدد قيام "شركة سينوبك" أحد كبرى شركات البترول الصينية في نهاية أغسطس الماضي بشراء حصة 33 % من أحد حقول النفط المصرية من شركة أمريكية بقيمة ثلاثة مليارات دولار في هذا التوقيت الدقيق وفي خطوة غير مسبوقة" ، لتضاف هذه الاستثمارات إلى الاستثمارات الصينية الأخرى في قطاع البترول. وفي مجال التعاون الثقافي ، قال الدكتور مجدي عامر السفير المصري لدي الصين إن افتتاح المقر الجديد للمكتب الثقافي المصري في بكين مؤخرا يعد بمثابة رسالة جيدة جدا ، فالمركز الثقافي الصيني يعمل بنشاط في مصر منذ سنين دون أن يكون له مقابل مصري في بكين ، ولكن اليوم ورغم الوضع الحالي في مصر نفتح هذا المكتب الثقافي وسنتبعه مستقبلا بتحويله إلى أول مركز ثقافي مصري في الصين ، لنبعث برسالة مفادها أننا نهتم بالعلاقات الثقافية مع الصين بنفس قدر اهتمام الصين بالعلاقات الثقافية معنا". وأوضح أن مصر ستبذل جهدا لدفع نشر الثقافة العربية بإمكاناتها ، وسنسعى لتحويل المكتب الثقافي إلى مركز لنكثف من خلاله الأنشطة الثقافية والتعليمية ، كما نعتزم قريبا إقامة أسبوع ثقافي ، ونعمل من الآن للاستعداد لعام 2016 الذي سيوافق الذكري الستين لإقامة العلاقات المصرية - الصينية والتي نعتزم خلالها إقامة عام كامل للتبادلات المصرية - الصينية ، لنقول للصين أننا نبادلها نفس الاهتمام ، وهي رسالة في الناحية الثقافية سيوازيها رسائل أخرى في الناحيتين الاقتصادية والتجارية وغيرها. وحول ما إذا كانت مصر تسير الآن على المسار الديمقراطي الصحيح ، قال السفير مجدي عامر إن "ما حدث في 30 يونيو الماضي وما بعده يدل على أن المصريين يقظين وعلى وعى كامل ، وأنه إذا حدث انحراف عن هذا المسار ، فإن الشعب المصري على استعداد لتقويمه ، ومن ثم اعتقد أننا نمضى على المسار الصحيح ولكن الأمر سيستغرق بعض الوقت. وفيما يتعلق بعملية وضع الدستور وإجراء الانتخابات في مصر ، لفت السفير عامر إلى أن الحكومة المصرية تؤكد أن البرنامج الزمني لوضع الدستور والانتخابات سيمضى في مسارها ، وأن أهم شيء الآن يكمن في التنفيذ الدقيق لخارطة الطريق واستمرار العملية السياسية في مسارها الصحيح ودون انحراف .. موضحا أنه على الرغم من عدم الاستقرار السياسي النسبي الحالي ، فإن مصر لابد أن تنطلق نحو العمل الواقعي في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية . يذكر أن افتتاح المقر الجديد للمكتب الثقافي المصري في بكين يعد أول نشاط يشارك فيه السفير المصري مجدي عامر منذ وصوله إلى بكين قبل بضعة أيام حيث تسلم مهام عمله الجديد كسفير فوق العادة ومفوض لمصر لدى الصين ومنغوليا .. ومن المعروف أن مجدي عامر كان قد سبق له العمل سفيرا لمصر بباكستان ، ونائبا لسفير مصر في الصين ، وقبل تسلم مهام عمله بالصين كان يشغل منصب مساعد وزير الخارجية لشئون دول حوض النيل.