الشناوي قتلته "نجاة" بغناءها "لا تكذبي"! "نزار" كان يتغنى بأمجاده ويطعن في الشعراء الآخرين "الحكيم" عاتب طه حسين لأنه أشاد بكرمه وخشي أن يطمع فيه الناس! يكشف كتاب "مشاهير وظرفاء القرن العشرين: حكايات ونوادر" للكاتب الصحفي هاني الخير عن بعض الآفات أو المشكلات التي عانى منها أشهر المبدعين، وفي السطور القادمة تتوقف عند ثلاثة نماذج منها. كامل الشناوي والحب الذي حطمه عاش كام الشناوي حياته فناً رائعاً وفريداً وفق أسلوبه ومزاجه الخاص، عندما ألح عليه رفاقه أن يجمع أفكاره التي ينثرها في مجالسه كل ليلة ويقتات عليها غيره من جلسائه في كتاب، كان يبتسم ويقول "أفضل أن أكون لحناً ف الحياة ولا يشغلني بعد ذلك أن يسجل اللحن في نوتة يعاد عزفها أم يتلاشى أدراج الرياح والنسيان". لقد تولدت في أعماق كامل الشناوي عقدة البدانة وضخامة الجسم منذ طفولته فكان لها أبعد الأثر بعد ذلك في ولادة مواهبه في الدعابة والسخرية وحبك المقالب كأسلحة ماضية للدفاع عن النفس. وكانت البدانة سبباً في كراهيته لكل ضخم في الحياة جتى محبوباته من الجنس اللطيف كن دوماً من طراز "الترانزيستور" ومثالنا على ذلك نجاة محمد حسنين الشهيرة بنجاة الصغيرة. من قتل كامل الشناوي يقول الكاتب الصحفي مصطفى أمين في مقال يحمل نفس الاسم نشره في "أخبار اليوم" بتاريخ 21 ديسمبر 1986عن كامل الشناوي: عشت معه الحب الذي أضناه وقتله في آخر الأمر، فقد أعطى لهذه المرأة كل شئ ولم تعطه شيئاً، وقد كتب قصيدة "لا تكذبي" في غرفة مكتبي بشقتي في الزمالك وهي قصيدة حقيقية ليس فيها مبالغة أو خيال حتى أن الموسيقار عبد الوهاب سماها "إني ضبتكما معاً" وكان كامل الشناوي ينظمها وهو يبكي، وبعد أن نظمها قال إنه يريد أن يقرأ القصيدة على المطربة بالتليفون. يواصل أمين: كان تليفوني بسماعتين، امسك هو سماعة وأمسكت أنا وأحمد رجب سماعة في غرفة أخرى، وتصورنا أن المطربة ما تكاد تسمع القصيدة حتى تشهق وتبكي وتنتحب ويغمى عليها وتستغفر وتعلن توبتها. وبدأ كامل يلقي القصيدة بصوت منتحب خافت، تتخلله العبرات والتنهدات والآهات وكانت المطربة صامتة، وبعد أن انتهى كامل من إلقاء القصيدة قالت المطربة: كويسة قوي تنفع أغنيها ..لازم أغنيها، وانتهت المحادثة ورأينا كامل الشناوي أمامنا كأنه جثة بلا حراك. ويواصل أمين في مقاله: كانت تجد متعة في العبث به، يوما تبتسم ويوما تعبس، ساعة تقبل عليه وساعة تهرب منه، تطلبه في التليفون في الصباح ثم تنكر نفسها في المساء، واستمرت لعنة الحب الفاشل تطارده وتعذبه، ومات الشناوي ومضت السنون وقابلت المطربة التي كان يعشقها وقلت لها: إنني كرهتها طول حياتي منذ قصيدة "لا تكذبي"، قالت: إنني لم احبه، هو الذي كان يحبني إنني كنت أحبه كصديق فقط. وطلب مني أن يتزوجني فرفضت لأننا نختلف في كل شئ، قلت لها: إن أصدقاءه يعتقدون أنك قتلته.. قالت: لا هو الذي انتحر.. انتحر غيرة!. اعتبرت نجاة أنها المقصودة بهذا المقال، فأقام محاميها فتحي رجب عريضة دعوى قضائية ضد الكاتب مصطفى أمين، وأضاف في العريضة أنه " قد جاء في المقال المذكور صورة بالغة الدمامة لكامل الشناوي، استخدمت فيها عدسة محدبة ثم رسم لكامل الشناوي إلى جواره رسم لنجاة حجب عينيها بورقة، ثم رسم الرسام عيناً واحدة لها تتساقط منها دمعة كبيرة تفصل بين وجهها ووجه كامل الشناوي، وأول ما يطالع الناظر إلى هذه الصفحة هو استقراء معنى واضح هو أن كامل الشناوي مات قتيلاً، والقاتلة هي نجاة حيث سقط منها دمع مركز في خلف الصوة ودماء على خلفيتها.."، واستطاع محامي مصطفى أمين فريد الديب أن يربح القضية ببراءة مصطفى أمين. وعن قصيدة "لا تكذبي" البعض قال أن الشناوي ضبطها متلبسة بالجرم المسجل في القصيدة مع الشاعر نزار قباني، وكثيرون يجزمون أنه الدكتور الأديب يوسف إدريس. نرجسية نزار قباني يُعرِّف الكتاب "النرجسي" بأنه الذي يحب نفسه ولكنه أيضاً لا يعرف كيف يحب نفسه، وبصورة عامة فإن النرجسية حالة نفسية من نتائجها توثين الذات وتقديسها وعبادتها وإلغاء وجود الآخرين واستبدادية الاتجاه. والذي يقرأ شعر نزار - وفقاً للكتاب - يجد فيه أن الشاعر يتغنى بنبرة صوته، وروعة جبهته، ورشاقة أصابعه، وأناقة ثغره، وبماله وبشهرته، وجاذبيته السحرية عند النساء، وبعبارة ثانية فإن شعره مرآة تنعكس فيها صورة الشاعر الجسمية فضلاً عن صورته النفسية. وشعوره بالعظمة والتفوق على أبناء الكوكب الأرضي، وسعيه المستمر وراء الشهرة والنجومية ونزواته العدوانية ضد الذات العربية وشتمه العرب كشعب وتاريخ: لا تسافر بجواز عربي بين أحياء العرب/ فهم من أجل قرش يقتلونك/ وهم حين يجوعون مساء يقتلونك. الكتاب يقر أن مأساة نزار أنه يريد أن يكون شاعراً إلى الأبد، بل وفتى الشعر الأول، أليس هو القائل: "أدونيس ليست له علاقة بالشعر منذ أن راح يشتغل بالكيمياء"، "عبد الوهاب البياتي هو حكواتي الشعر العربي، والواشي الكبير، توقف عن كتابة الشعر وقراءته منذ عشرين عاماً، وتفرغ ليشوي زملاءه الشعراء على نار نفسه المريضة". وينقل الكتاب تصريحات نزار للصحف والتي تدور حول تمجيده لنفسه، وتعظيمه لها، منها أنه تنكر مرة في ثياب امرأة ليتمكن من الخروج بسلام من بين الجماهير التي جاءت للاستماع إلى شعره في وهران، ويضيف نزار: أن اجمل ما هزني في بيروت أن سيارات الأجرة تضع شرائط تسجيل لشعري "كاسيت" بدل الأغنيات. يواصل الكتاب: هكذا نجد أن نزاراً قد طبع على حب الاستعراض المسرحي، ولا يروقه إلا الحديث عن خصائله وعبقريته وأمجاده، فهو يعتبر نفسه النجم السينمائي والشاعر في آن واحد. كان نزار واعياً ل"أناه" الجسمي مدركاً وسامته محتفلاً بملامحه، يعرف جيداً حسن وقعها في الناس. فاستثمر هذا الشعور في نتاجه متتبعاً قسماته وحركاته وأناقته وكل ما يتعلق بمظهره أمام المعجبين، في أماسيه الشعرية ومقابلاته التليفزيونية وصوره الفوتوغرافية المنشورة في الصحف والمجلات. فأعماله إذاً قبل كل شئ، غايتها استعراض نزار قباني الفتى الوسيم الذي يطمح تخليد رسمه بين الناس. وهو رسم لشاعر بلغ به الحرص على وسامته حد الهوس فأصبح متمسكاً بالحب لأنه مرآة تجمل ملامحه في عين نفسه وعيون الناس. بخل توفيق الحكيم لا يكاد يذكر اسم توفيق الحكيم حتى يتهم بالبخل وأن هاجسه في هذه الدنيا جمع المال. وقد قال عنه طه حسين في كلمة رقيقة في حفل استقبال الحكيم عضواً بمجمع اللغة العربية"..انت جواد وتزعم أنك بخيل وانت ماهر ومداور وتزعم أنك ساذج وصاحب جد، وكذلك صورت نفسك للناس بصورة ليس بينها وبين الحق من أمرك صلة". بعدها وفي جلسة ما بعد الاستقبال في المجمع قال الدكتور طه حسين للمحتفلين: إن توفيق الحكيم يقول للناس أنه بخيل، وأنا أشهد للناس أنه ليس بخيلاً وعندي ما أدلل به..ففي سنين متعددة كان ينتظرني في عودتي من الخارج ويدعوني مع زوجي والأستاذ حسين فوزي إلى الغداء، ويدفع الثمن ولكن الطيف أنه بعد انتهاء الجلسة جاءه الحكيم معاتباً: لماذا قلت أني لست بخيلاً؟ ستسلط الناس عليّ وسيأتون يطلبون المزيد!. يقول الصحفي الكبير محمد حسنين هيكل مخاطباً توفيق الحكيم: كنا نتغذى معاً كل يوم، تدعوني مرة وأدعوك مرة ليتوازن الحساب وأنت دائماً دقيق في الحساب، وكانت لك قواعد أثارت وما زالت تثير عجبي، كنت قد وضعت قانوناً للحساب بيننا. إذا كانت الدعوة يوما عليك فقد كان شرطك جازما: لو أردت أنا اختيار المطعم الذي نتغدى فيه فأنت الذي تختار الطلب الذي أطلبه، لو كان لي أن اختار الطبق فأنت الذي تختار المطعم وهكذا تضمن في كل الظروف أن تتحكم في الميزان. ومن أقوال الحكيم عن المال: لم أر أحداً من هؤلاء العرب الذين يدفعون الإكراميات و"النقوط" بسخاء حاتمي إلى الراقصات، يقول: والله لقد أعجبتني هذه المقالة لفلان أو هذه القصة لفلان. ودفع له كما يدفع للراقصة. يبدو أننا لازم نرقص أيضاً!.