وصل وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إلى باكستان في ساعة متأخرة يوم الأربعاء في زيارة لم يعلن عنها مسبقا للتباحث مع الحكومة الجديدة في سبل الحد من أنشطة المسلحين وإحلال الاستقرار في أفغانستان. وسيحاول كيري التركيز من جديد على العلاقة مع باكستان التي أصابها التوتر بسبب الهجمات التي تشنها الولاياتالمتحدة باستخدام طائرات بلا طيار والتي تقول باكستان إنها تنتهك سيادتها وبسبب هجوم القوات الخاصة الأمريكية الذي قتل فيه أسامة بن لادن في بلدة باكستانية عام 2011. وقال مسئول أمريكي كبير للصحفيين المرافقين لكيري أن القضايا التي سيناقشها الوزير مع الباكستانيين هي مكافحة الإرهاب وأنشطة المسلحين عبر الحدود مع أفغانستان وبرنامج الحكومة الاقتصادي واستمرار علاقة المشاركة في العمل على استتباب الأمن والاستقرار في أفغانستان. وهذه أول زيارة يقوم بها وزير خارجية أمريكي لباكستان منذ اكتوبر 2011 عندما دعت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون إسلام أباد الى القضاء على ملاذات المسلحين الأفغان وتشجيع طالبان على بدء محادثات سلام لإنهاء الحرب في أفغانستان. وتولت حكومة جديدة السلطة في باكستان برئاسة نواز شريف قبل مدة تزيد على الشهر بعد فوزه في الانتخابات. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية جين ساكي أن كيري سيزور ايضا بريطانيا في طريق عودته إلى الولاياتالمتحدة في بداية الأسبوع المقبل. وأشاد كيري الخميس أمام موظفي السفارة الأمريكية في إسلام أباد بحسن سير الانتخابات التي جرت في 11 مايو وحققت فيها الرابطة الإسلامية بزعامة شريف فوزا كبيرا. وللمرة الأولى في تاريخ باكستان أنهت حكومة منتخبة ولاية كاملة قبل أن تنتقل السلطة إلى حكومة أخرى منبثقة عن انتخابات. وقال كيري "أنها عملية انتقالية تاريخية، يجب ألا يقلل احد من أهميتها"مشيدا بالدور الذي لعبه زرداري في هذه العملية، وأضاف "أنها خطوة كبرى إلى الأمام". ومن المتوقع أن يحض كيري محاوريه خلال محادثاته في باكستان على تعزيز العمليات ضد معاقل المتمردين الإسلاميين على الأراضي الباكستانية قرب الحدود مع أفغانستان، في وقت تستعد القوات الأمريكية للانسحاب من أفغانستان في نهاية 2014. وشدد مسئول كبير في وزارة الخارجية على هذه المسالة متوجها إلى الصحافيين الذين يرافقون كيري في زيارته. وقال الدبلوماسي أن الباكستانيين "لن يكونوا قادرين على تسوية مشكلاتهم الخاصة على صعيد الأمن الداخلي وتوفير استقرار اقتصادي للمستثمرين ولن يتمكنوا من أن يحظوا بجيران مستقرين إلا إذا عززوا سيطرتهم على ملاذات" المتمردين الأفغان على الأراضي الباكستانية. وقال المسئول الأمريكي أن إصرار بلاده على هذه النقطة منذ سنوات حقق "بعض النجاح المحدود مضيفا لكننا سنواصل التأكيد بتصميم على أنها أولوية أساسية للحكومة" الباكستانية. وقال الدبلوماسي انه بعد أكثر من أربع سنوات من التوتر الشديد بين واشنطن وإسلام أباد، تأمل الولاياتالمتحدة في أن يسمح انتخاب نواز شريف على رأس الحكومة في مايو وانسحاب القوات الأمريكية قريبا من أفغانستان بإقامة علاقات أكثر هدوءا بين البلدين. وتابع "من الواضح أن علاقتنا مع باكستان شهدت اضطرابا شديدا خلال السنوات الأربع والنصف الماضية" مضيفا "الآن اعتقد إننا دخلنا مرحلة بناءة جدا". وعرفت العلاقات الثنائية أزمة حادة بعد عملية تصفية زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن التي نفذتها وحدة مسلحة أمريكية داخل الأراضي الباكستانية حيث كان يقيم سرا. كما تحتج إسلام أباد بانتظام على الغارات الكثيرة التي تشنها طائرات أمريكية بدون طيار على عناصر من طالبان والقاعدة في المناطق القبلية شمال غرب باكستان. وترى باكستان أن هذه العمليات تشكل انتهاكا لسيادتها غير أن الولاياتالمتحدة تعتبرها عنصرا أساسيا في تصديها للمجموعات الإسلامية المتطرفة في المنطقة. وتشهد باكستان نفسها موجة من الاعتداءات داخل أراضيها أوقعت أكثر من أربعين ألف قتيل منذ 2001. وكان كيري زار باكستان مرارا عندما كان رئيسا للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي، وكانت زيارته موضع ترقب شديد في باكستان حيث يحظى باحترام كبير. فقد أسهم في صياغة مشروع قرار عام 2009 الذي يسعى إلى منح باكستان 7,5 مليارات دولار من المساعدات التي تقدم لذلك البلد خلال خمس سنوات. كما قاد الجهود الأمريكية لتعزيز الإدارة المدنية في باكستان. ومنذ فوزه في الانتخابات في مايو الماضي، قال شريف انه يرغب في توطيد علاقات بلاده مع واشنطن، إلا أن على الولاياتالمتحدة أن تأخذ أكثر بقلق باكستان حيال غارات الطائرات بدون طيار. والى حركة التمرد الإسلامية تواجه باكستان، القوة العسكرية النووية الوحيدة في العالم الإسلامي، مشكلات اقتصادية بالغة وأزمة في الطاقة. وقال مسئول أمريكي أخر "نريد شراكة مع الشعب الأفغاني تغطي مروحة واسعة من الملفات الهامة بالنسبة لنا: مكافحة الإرهاب وأفغانستان والتجارة والاستثمار والاستقرار الإقليمي"، وأضاف لم يكن هذا يوما مهمة سهلة، لكنه يبقى أساسيا".