عادت مصر إلى المرحلة الانتقالية مرة أخرى بعد عزل الرئيس محمد مرسي وتعطيل العمل بالدستور الذي لم يمر الاستفتاء عليه سوى بضعة أشهر، مما جعل مصر بحاجة لإعلان دستوري لتيسير أمور البلاد خلال الفترة القادمة لحين إقرار دستور جديد ، وهو هو ما تم أمس حيث أصدر الرئيس المصري المؤقت عدلي منصور إعلانا دستوريا تضمن 33 مادة قانونية. أما عن أبرز مواده فكانت المادة 22 والتي بمقتضاها يتم إنشاء مجلس يسمى "مجلس الدفاع الوطني"، يتولى رئيس الجمهورية رئاسته، والذي يختص بالنظر في الشئون الخاصة بوسائل تأمين البلاد وسلامتها، ومناقشة موازنة القوات المسلحة. واما عن المادة 28 فهي تقضي بتشكل لجنة خبراء تضم اثنين من أعضاء المحكمة أعضاء المحكمة الدستورية العليا وهيئة المفوضين بها، واثنين من قضاة القضاء العادي، واثنين من قضاة مجلس الدولة، وأربعة من أساتذة القانون الدستوري بالجامعات المصرية، وتختار المجالس العليا للهيئات والجهات القضائية ممثليها، ويختار المجلس الأعلى للجامعات أساتذة القانون الدستوري، وتختص اللجنة باقتراح التعديلات على دستور 2012 المعطل، على أن تنتهى من عملها خلال ثلاثين يوما من تاريخ تشكيلها، خلال مدة لا تجاوز خمسة عشر يوما من تاريخ صدور هذا الإعلان. وتنص المادة 30 على أنه سيقوم رئيس الجمهورية بعرض مشروع التعديلات الدستورية على الشعب لاستفتائه عليه خلال ثلاثين يومًا من تاريخ وروده إليه ، ثم سيقوم رئيس الجمهورية بالدعوة لانتخاب مجلس النواب خلال خمسة عشر يوما من هذا التاريخ لإجراء الانتخابات خلال مدة لا تقل عن شهر ولا تجاوز شهرين، وخلال أسبوع على الأكثر من أول انعقاد لمجلس النواب تتم الدعوة لإجراء الانتخابات الرئاسية. وتتولى اللجنة العليا للانتخابات القائمة في تاريخ بهذا الإعلان الإشراف الكامل على الاستفتاء. وفور صدور هذا الإعلان سادت حالة من الجدل بين التأييد والرفض سواء على مستوى القوى السياسية أو فقهاء الدستور، تلك الآراء سنقوم بحصرها خلال السطور القادمة. رسالة طمئنة وفي البداية نعرض لموقف حزب النور وهو أحد الأحزاب التي تمثل التيار السلفي الذي سارع فور صدور الاعلان بالاعراب عن اطمئنانه، حيث اعتبر المهندس عمرو مكي عضو الهيئة العليا لحزب النور، أن الإعلان الدستوري في مجمله جيد، ويبعث برسالة طمأنة للشعب المصري، قائلا :"في ظل ما نشهده من أحداث منذ بداية عزل الرئيس محمد مرسي وحتى الآن، فهو يبعث الأمل بأن هناك فرصة للتشريع في وقت تم فيه تعطيل التشريع لمدة طويلة، خاصة فيما يخص مواد الحريات". يأتي ذلك في موقف مغاير للحزب من البيان الاول للرئيس المؤقت عندما أعلن "النور" رفضه لاعلان عدلي منصور عن حل مجلس الشورى الذي كان يهيمن عليه الإسلاميين. وكان حزب النور قد تقدم بمبادرة أمس خلال بيان له ، تقوم فكرتها على تكوين لجنة مصالحة وطنية تتعامل مع المشكلة من بداية تفجرها بين د.محمد مرسى وبين القوى المعارضة له على أن تتكون من حكماء وعقلاء يتمتعون بالمصداقية لدى الجميع و برعاية الأزهر وتكون مهمتمها : 1- عمل مصالحة وطنية حقيقية بين جميع القوى والمؤسسات نطوي بها صفحة الماضي ونعيد اللحمة للشعب المصرى دون إقصاء لأحد. 2- وضع خطة جديدة يتوافق عليها جميع القوى السياسية والقوات المسلحة وبرعاية لجنة المصالحة. وأعلن انه سوف يجري الحزب اتصالاته بجميع الأطراف لتفعيل هذه المبادرة . سنقدم تعديلات هذا وأعربت حركة "تمرد" عن رضاها عن الاعلان إلا انها أكدت انه لم تتم مشاورتهم في الإعلان الدستوري الذي صدر، مساء الإثنين، ولم يُطرح عليهم. وقال حسن شاهين المتحدث باسم حركة "تمرد" في صفحته على "فيس بوك" فجر الثلاثاء: :هو أنا لما أصارح الناس بالحقيقة يبقى غلط، أنا بقول لم يتم التشاور على الإعلان الدستوري ولم يتم طرحه علينا وسنقدم التعديلات، وبنقول بكل صراحة عشان يكون فيه شفافية والناس تكون معانا في الصورة، أنا في النهاية مش رئيس جمهورية". هذا وشارك العشرات من معتصمي ميدان التحرير فجر اليوم في عدد من الحلقات النقاشية المختلفة والتي تدور حول مستقبل البلاد ، حيث ناقشت مجموعة من المعتصمين الإعلان الدستوري الجديد الذي أصدره الرئيس المؤقت عدلي منصور، ومدى تأثير تلك المواد التي يحملها الإعلان الدستوري على الوضع السياسي في مصر. وشهدت حلقة نقاشة آخرى التشكيل الحكومي المرتقب، وسط تخمينات من المعتصمين حول الأسماء التي من الممكن أن تتحمل مسئولية حكومة ما بعد عزل محمد مرسي، وكان من ضمن الأسماء المطروحة " كمال الجنزوري" و"سمير رضوان" و"خالد علي". نقطة الصفر وعلى الجانب الآخر رفض حزب الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين في مصر، وكذلك البناء والتنمية الذراع السياسية للجماعة الإسلامية, الإعلان الدستوري الجديد الذي أصدره الرئيس المصري المؤقت عدلي منصور. فقد سارع القيادي في الإخوان عصام العريان إلى التنديد بالإعلان, وقال على الفيسبوك :"إن مرسوما دستوريا يصدره رجل عيّنه انقلابيون يعيد البلاد إلى نقطة الصفر"، قائلا "كلاكيت تاني مرة". وتساءل العريان " هل الشعب المصرى أصبح حقل تجارب للانقلابيين؟ وهل يجوز لمن قالوا أنهم فشلوا ان يعيد اختراع نفس ا?ساليب لعلاج ما فشلوا فيه؟ لجنة معينة ولجنة خبراء معينة ورئيس معين ?عداد تعدليلات دستورية من جديد ، ? نامت أعين الجبناء مصر لن تستسلم، وشعبها صنع دستوره بمنتخبين وتم ا?ستفتاء عليه وما يخططون له انقلاب دستورى". ومن جهته, قال المستشار الإعلامي لحزب البناء والتنمية خالد الشريف إن "كل ما يصدر عن هذا الرئيس المؤقت باطل، خاصة أنه رئيس غير شرعي استبدل برئيس منتخب وشرعي، والذي جاء بانقلاب عسكري على السلطة، وبدأ أولى مهامه بمجزرة". واعتبر الشريف أن استقالة الرئيس المؤقت هي أحد حلول الأزمة الحالية، لأنه رئيس لأعظم محكمة وهي المحكمة الدستورية، "فكيف يرضى أن يتولى رئاسة البلاد ويعطل دستوراً استُفتي عليه". وقال المستشار القانوني للحرية والعدالة أحمد أبو بركة إن "هذا الإعلان هو إحدى خطوات وإجراءات الانقلاب العسكري واغتصاب السلطة الشرعية، والذي لا يمكن الاعتراف به ولا بأي من توابعه، فهو إجراء غير مشروع وباطل". وأشارالمستشار القانوني للحرية والعدالة إلى أن بعض مواد هذا الإعلان الدستوري مأخوذة من الدستور الذي تم استفتاء الشعب عليه وتم تعطيله ب"الانقلاب العسكري"، متسائلًا "لماذا يتم تعطيله ولماذا تم دهسه بالأقدام ولماذا ألغي؟". وأضاف "يتحدثون في هذا الإعلان الباطل عن سيادة الشعب وهم يقضون عليها ويصادرونها، يتحدثون عن استقلال القضاء وكل يوم يلفقون قضايا ويتهمون المجني عليه بارتكابها، نحن بصدد جريمة بشعة فهو انقلاب على الشرعية والدستور". رائحة "النور" هذا ووصف الفقيه الدستورى الدكتور نور فرحات الإعلان الدستورى الصادر عن رئاسة الجمهورية بعد قراءة أولية له بأنه إعلان أقرب الى المحافظة وإبقاء الحال على ما هو عليه . وأَضاف عبر حسابه الشخصى على موقع التواصل الإجتماعى "فيس بوك" أن الإعلان الصادر عن الرئيس المؤقت المستشار عدلى منصور تبدو عليه سمات ممالاة التيار السلفى وتضييق فرص تبنى تغييرات دستورية مستقبلية تلبى طموحات الثورة". وأكد أن الإعلان الدستورى قد تبنى التعريف الذى أدخله التيار السلفي لمبادئ الشريعة الاسلامية ( المصادر المعتبرة عند أهل السنة والجماعة ) مع ما يحتمله من تأويل ، كما أنه جعل سلطة التشريع فى يد رئيس الجمهورية وبالتالي يكون قد جمع بين يديه السلطتين التشريعية والتنفيذية وكان الأحرى به أن ينشئ هيئة تشريعية وتأسيسية على غرار النموذج التونسي . وأشار "فرحات" إلى أن الإعلان الدستورى حصر مهمة لجنتى تعديل الدستور ( اللجنة القانونية واللجنة العامة ) على إدخال تعديلات محددة على دستور 2012 ، وعبر عن ذلك بقوله : أشم رائحة تأثير حزب النور على الإعلان الدستورى كتأثيره على تشكيل الوزارة . اعلان كارثي كما أعلنت هيئة قضايا الدولة رفضها التام، حول وصف "الإعلان الدستوري" للوضع الخاص بهيئة قضايا الدولة داخل الإعلان الجديد ، ولفتت الي احترامها الكامل للمستشار عدلي منصور رئيس الجمهورية المؤقت للبلاد ولما تمر به البلاد من أزمة حالية. وأوضحت الهيئة أنها ترفض وضع الهيئة في هذا الإعلان الكارثي الذي يهدر حق هيئة قضايا الدولة كهيئة قضائية مستقلة وأيضا لها الحق في التشكيل القانوني لجنة لتعديل الدستور ( اللجنة القانونية ). وأكدت أن المجلس الأعلى لهيئة قضايا الدولة في حالة استنفار تام لما حدث من اعتداء صارخ على الهيئة وأعلنت عن إصدارها بيان عاجل خلال ساعات. كما كشف المستشار عمرو جمعة نائب رئيس مجلس الدولة، عن صدمته من هذا الإعلان، بالرغم من أنه جيد في مجمله حيث أنه من المفترض بعد الثورة أن يكون هناك دستوراً جديداً لائقاً بمصر بعد هذا التغيير لان أي تغيير سيكون ترقيع لجسد دستور مشوه. وأضاف أن الإعلان الدستوري يحتاج إلى أمور أكثر تفصيلاً، خاصةً وأنه قام بتجاهل "هيئة الشرطة"، وتابع قائلاً:"أن اللجنة القانونية والتي نص على تشكيلها بشكل معين يجب أن تحتوي في تكوينها على شخصيات قانونية شبابية لتدلي بدلوها وكان الأحرى أن يكون هناك دستوراً جديداً. وبغض النظر عن الاراء المؤيدة أو الرافضة إلا انه يجب أن يكون الجميع على دراية بأن مصر تعيش مرحلة حتاج لتكاتف الجميع للعبور بها إلى الطريق الصحيح .