رفض الرئيس محمد مرسي المطالب التي نادت بها المعارضة وهي إسقاطه والمطالبة بإنتخابات رئاسية مبكرة، مشددا على أنه لن يتسامح مع أي إنحراف عن النظام الدستوري، موضحاً: «إستقالتي في وقت مبكر قد تؤدي إلى حالة من الفوضى التي لن تكون لها نهاية». وأضاف مرسي خلال حوار له مع صحيفة «الجارديان البريطانية»، أنه إذا تم تغيير شخصً واحدًا منتخبًا وفقًا للشرعية الدستورية، سيُطالب المعارضين بعد ذلك من أي رئيس أن يتنحى بعد يوم واحد، وسيسعوا أيضاً لإسقاطه بعد أسبوع أو شهر بالكثير، مؤكدًا أنه ليس هناك مجال لأي نقاش ضد هذه الشرعية الدستورية، مكملاً: «ليس هناك مانع أن يقوم الشعب بمظاهرات والتعبير عن آرائهم بحرية، لكن ما هو حاسم في كل ذلك هو اعتماد وتطبيق الدستور». وقالت الصحيفة البريطانية أن الاستباكات الدامية التي أسفرت عن مقتل سبعة أشخاص على الأقل و 600 جريحًا بين الحلفاء الإسلاميين للحكومة و المعارضين على مدى الأيام القليلة الماضية ومع التوتر المتوقع اليوم الأحد، يقف مرسي صامدً ومتحديًا كل تلك الصعاب. وشبهت الصحيفة مرسي بالرجل الذي يواجه عاصفة، عندما سئُل عن ثقته في عدم تدخل الجيش في البلاد للسيطرة عليها، قال: أنا واثق جدًاً. أشارت الصحيفة إلى أن مرسي عقد اجتماعات موسعة مع المسئولين في الدولة ، بما في ذلك رئيس الوزراء، هشام قنديل، وزير الداخلية، محمد إبراهيم، وعدد من كبار الضباط، بما في ذلك قائد القوات المسلحة، الفريق أول عبد الفتاح السيسي، مشيرة إلى تصريحات مرسي بشأن مبالغة الإعلام المصري في وصف الأحداث قائلاً: «وسائل الإعلام تتخذ من الحالات الفرية للعنف نموذجًا على أن البلد كلها تعيش في العنف و تضخم و تبالغ في الصورة». وقد ألقى مرسي اللوم على الموالين للرئيس السابق حسني مبارك قائلاً انهم حصلوا على العديد من الأموال عن طريق الفساد حيث يستخدموا تلك الأموال لمحاولة استعادة النظام القديم من خلال الدفع للبلطجية لإثارة أعمال الشغب. ورفض الرئيس تسمية البلدان التي تتدخل في شئون مصر، وردًا على سؤال ما إذا كان يُشير إلى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، أجاب: «لا، أنا أتحدث بصفة عامة أي ثورة لديها أعدائها، وهناك بعض الناس الذين يحاولون عرقلة مسار الشعب المصري نحو الديمقراطية، وأنا لا أقول أنها مقبولة، لكن نلاحظ أنها موجودة في كل مكان». ووسط ادعاءات المعارضة بأن عدم تحقيق توافق في الآراء أدى إلى الاستقطاب الحالي لمصر، ألقى مرسيا اللوم على رفض قادة المعارضة في المشاركة في العملية السياسية لهذا المأزق، نافياً أن تكون حكومته كانت مدعومة من قبل مع الإسلاميين. وأشارت الصحيفة إلى الاتهامات الموجهة لمرسي وهي من ضمن الأهداف الرئيسية لثورة 25 يناير بشأن إصلاح الجهاز الأمني، قائلة: «منذ تولي الرئيس مرسي للسلطة لم يقم بتوجيه أي انتقادات خاصة بعد مقتل 60 شخصًا في أحداث بورسعيد». وبسؤال الرئيس مرسي عن السبب وراء رفضه المتكرر لرفض حالات محددة من سوء تصرف الشرطة قال: «تقديري لجهاز الشرطة كان مقصود به معنى أعم، فعندما أقول إنني أدعم الشرطة أو الجيش فإني أتحدث عن الجيش بشكل عام والشرطة بشكل عام ، لأن هذه المؤسسات ما هي إلا مؤسسات أمنية مهمة لمصر , لكن حالات الإنتهاك الخاصة التي يرتكبها أفراد داخل هذه الأجهزة فإن الحل هو أن يأخذ القانون مجراه». وتابعت الصحيفة البريطانية حوارها بالإشارة إلى الإتهامات التي تقول بأن الرئيس مرسي بالرغم من وقوفه طويلا ضد وحشية جهاز الشرطة في الأنظمة السابقة والتي تعرض لها هو على المستوى الشخصي ،إلا أنه لم يعد يهتم بالأمر بالشكل المطلوب الآن بعد ثورة 25 يناير 2011 ' مشيرة إلى تصرف الرئيس حيال المستندات التي تسربت إلى "الجارديان" والتي تفيد بإرتكاب الجيش أخطاء والتي لم يهتم بها الرئيس بالشكل المطلوب، لكنه أشاد بمجهودات الجيش بشكل أكبر وخاصة ثلاثة من القيادات الموجودة حاليا. وقالت الصحيفة أن الرئيس مرسي قد ركز طوال مدة الحوار أن التعنت التي كانت أجهزة الدولة تمارسه في عهد الرئيس السابق حسني مبارك كان يعطل إصلاح مؤسسات الدولة مثل وزارة الداخلية التي يسيطر معظم قيادتها على أمن البلاد ، مشيرا إلى ما أسماه بعناد الدولة ورغبة بعض المسئولين من النظام السابق إلى خلق الفساد ، واصفا حجم الفساد الدولة إكتشافا مفاجئا بالنسبة له بعد مرور عام على توليه الحكم. ونوهت الصحيفة إلى إيمان الرئيس بالقيادات العسكرية العليا في مصر وخاصة وزير الدفاع الفريق عبد الفتاح السيسي ، بالرغم من الإحباط الذي إجتاح حديثه بالكلام عن مصطلح «الدولة العميقة», مضيفا أنه لم يكن لديه إنذار عن ما قاله السيسي الأسبوع الماضي. وأكد الرئيس مرسي: «أتحدث بإستمرار مع الفريق عبد الفتاح السيسي فيما يتعلق بأمور البلاد, لكني لا استطيع تقييد كلمة واحدة مما يعلن عنها المسئولين», وأوضح الرئيس أن الجيش قد تضرر بما ألحقه النظام السابق به من فساد, مؤكدا أن الجيش مشغول الآن بالإصلاح الداخلي للجهاز ! . كما أكدت الجارديان أن مرسي أكد شرعيته الديمقراطية وذلك من خلال الاعتراف بأنه تم انتخابه بحرية ونزاهة، مشيرة إلى أنه من بين العديد من الشكاوى الأخرى، أن تعيينه طلعت عبد الله منصب النائب العام الذي يقوم بملاحقة القضايا السياسية ضد نشطاء وشخصيات إعلامية تنتقد الرئيس - مثل علاء عبد الفتاح، الذي برز على الساحة خلال انتفاضة العام 2011، وباسم يوسف ،الساخر السياسي ، قائلة أن مرسي رفض قبول تلك الإدعاءات قائلاً أنه يعمل بشكل مستقل عن الرئاسة. وبالنسبة للإدعاءات التي قالت في الفترة الأخيرة أن الرئيس يتدخل في عمل النيابة أو القضاء، أكد مرسي أن النظام القضائي والنيابي المصري لا زال مستقلا تماما ، مضيفا : «إذا أراد أي شخص الإدعاء بأنني قد تدخلت في النظام القضائي أو النيابي فعليه تقديم دليل على هذا الأمر». وفي نهاية الحوار قال الرئيس أنه مصمم على إكمال دورته الإنتخابية ، مؤكدا أن العام السابق على الرئاسة كان عاما صعبا ، مضيفا :"أتمنى أن أبذل قصارى جهدي لتحقيق إحتياجات الشعب المصري والمجتمع".