في ظل الجدل الدائر الذي تعيشه الجزائر نتيجة تضارب الأنباء حول صحة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي يرقد بأحد مستشفيات فرنسا منذ حوالي شهرين نتيجة جلطة دماغية ألمت به ، مما تسبب في حالة الفراغ التي تعيشها الجزائر، جاء الاعلان عن الإطاحة بالسفير الجزائريبفرنسا ميسوم صبيح ليلقي بظلاله على المشهد السياسي بالجزائر . وتم إنهاء مهام سفير الجزائر بباريس، الذي استدعي للجزائر قبل أيام، وتم اقتراح اسم سفير الجزائر الحالي ببروكسيل عمار بن جمعة لشغل المنصب. وكشفت مصادر دبلوماسية، أنّ وزارة الخارجية لم تقدّم بعد طلبا لدى السلطات الفرنسية لاعتماد سفير جديد بباريس. كما أشارت المصادر نفسها إلى أنّ باريس أيضا بدورها ستقوم بإحداث تغيير على مستوى سفارتها بالجزائر، بتعيين سفير جديد خلفا للسفير أندري باران، الذي عيّنه الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي في مايو 2012. وظل ميسوم صبيح، البالغ من العمر 77 عاما، يشغل منصب سفير الجزائربفرنسا، منذ سنة 2005، ويعتبر من المقربين من الرئيس عبد العزيز بوتفليقة. التغيير والانتخابات ويرى مراقبون أن حركة التغيير هذه ربما تكون لها علاقة بالانتخابات الرئاسية المقبلة والمرتقبة في أبريل 2014. وألقى التغيير بظلاله على طريقة إدارة البلاد في غياب بوتفليقة الذي تطالب المعارضة بعزله بحجة أنه لم يعد قادراً على إدارة البلاد . وسحبت السلطات الجزائرية ميسوم بشكل مفاجئ ، مما جعلت المحللون يرون أن سحب السفير بهذه السرعة قد يعني أن القيادة العسكرية التي تدير الحكم في غياب بوتفليقة، بدأت التخلص من الدائرة الثانية المرتبطة بالرئيس قبل البدء بالتعامل مع الدائرة الأولى. وتعيش الجزائر منذ أشهر حالة ترقب بعد مرض بوتفليقة وغموض حالته الصحية وعدم قدرته على إدارة البلاد. وطالبت المعارضة بالشفافية مع مرض بوتفليقة ومع طريقة إدارة البلاد في غيابه, ودعت إلى عزله وإجراء انتخابات رئاسية سريعة. وكان بوتفليقة في رأي كثير من المحللين يستعد قبل مرضه للترشح للرئاسة للمرة الرابعة، وهو ما أثار غضب المعارضة التي طالبت الجيش بالتدخل. وفي الوقت الذي أعلنت فيه السلطات الجزائرية أن تغيير السفير الجزائري جاء ضمن حركة تحويل وإنهاء مهام تمس السلك الدبلوماسي، وتشمل سفراء الجزائر وكبار القناصلة في عدد من العواصم والهيئات الدولية ، أعلنت بعض وسائل الاعلام الجزائرية أن عملية التعيين الجديد لسفير الجزائر تم خارج الحركة الدبلوماسية المعتادة مما يعني احتمالين إما أن سبيح البالغ من العمر 77 عاما ارتكب خطأ مهنيا في وجود الرئيس بوتفليقة وبعض أفراد عائلته في العاصمة الفرنسية منذ أكثر من شهر ونصف في إطار رحلته العلاجية من الوعكة الصحية التي تعرض لها يوم 27 أبريل الماضى .. وإما أن سبيح نفسه من ألح في طلب الإعفاء من المهام خاصة وأن علاقته ببوتفليقة تعرف بالوطيدة وتعود للسنوات التي كان فيها بوتفليقة وزيرا للخارجية. فميسوم يعد من بين السفراء الذي قضوا مدة طويلة في العاصمة الفرنسية، بسبب خبرته الدبلوماسية الكبيرة، غير أن تقدمه في السن قد يكون أحد العوامل التي دفعت المسئولين إلى اتخاذ قرار إنهاء مهامه. صدمة دبلوماسية وأثار هذا القرار صدمة دبلوماسية، حيث استغرب دبلوماسيون عرب في باريس قرار الحكومة الجزائرية المفاجئ سحب سفيرها لدى فرنسا، ، وهو صديق قريب جداً من الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة، واستبداله سريعاً بسفير الجزائر لدى بروكسل عمار بن جامع. واعتبر دبلوماسي عربي أن سحب صبيح "لم يتم في شكل لائق"، خصوصاً أنه "شخصية قانونية معروفة تحظى باحترام كبير". وأوضح أن صبيح قال لمسئولين فرنسيين إنه سيغادر باريس في نهاية السنة، لكنه فوجئ بسحبه قبل ذلك. وكان صبيح دائماً على اتصال بالرئيس الذي كان يستشيره في صوغ الدستور باعتباره قانونياً معروفاً. شكيب والسر وأرجع البعض قرار إنهاء مهام ميسوم صبيح إلى تسهيل استقباله وزير الطاقة السابق شكيب خليل الذي تجري بشأنه تحقيقات حول نورطه في قضايا رشاوي و عمولات مع شركة سبيام الإيطالية. ونقلت صحيفة "المغرب اليوم" عن مصادر مطلعة قولها :"إن ميسوم صبيح استقبل الأسبوع الماضي وزير الطاقة والمناجم الأسبق شكيب خليل دون ان يعلم السلطات العليا للبلاد بل وسهل له أيضا عملية التنقل و إضافة إلى طمأنته بأن السلطات العليا في البلاد لن تتابعه في قضية الرشاوي و العمولات التي تورط فيها و أدت إلى إنهاء مهامه". وذكرت نفس المصادر، أن قرار إنهاء مهام سفير الجزائربفرنسا ميسوم صبيح، أملته العديد من العوامل، حيث أن التقارير التي تم القيام بها بشأن السفير لم تكن في صالحه، وبيّنت أن مسيوم صبيح، كانت له علاقات مشبوهة مع مسئولين جزائريين، وفي مقدمتهم الوزير السابق للطاقة والمناجم شكيب خليل، حيث كان يلتقي مع هؤلاء بضواحي باريس. وكان ميسوم صبيح الذي أطلق رجل الدبلوماسية الجزائريةبفرنسا قد أكد مراراً على أن "الجزائر ليست تونس ولن تكون تونس باعتبار أن لكل دولة خصوصياتها ومصيرها الخاص بها. وفي النهاية تجدر الاشارة إلى أن المادة 78 من الدستور الجزائري تنص على أن رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، يعيّن سفراء الجمهورية والمبعوثين فوق العادة إلى الخارج ويُنهي مهامهم. كما يتسلّم أوراق اعتماد الممثلين الدبلوماسيين الأجانب وأوراق إنهاء مهامهم وحسب المادة 87 من الدستور، فإنه لا يجوز بأيّ حال من الأحوال أن يفوّض رئيس الجمهورية، لأيّ مسؤول آخر سلطته في تطبيق الأحكام المنصوص عليها في المادتين 77 و78 المتعلقتين بالسياسة الخارجية وتعيين السفراء والقناصلة وإنهاء مهامهم.