بعد وقوع الأزمة النفطية في عام 1973 وتجزر فترة الركود الاقتصادي التي تبعتها، ظهر مفهوم تجمع الدول الصناعية الكبرى، منذ أن أنشأته الولاياتالمتحدة عام 1974، ثم انضمت روسيا بشكل رسمي إلى المجموعة في عام 1997، وأصبحت تدعى بمجموعة الثمانية (G8). وفي هذه الأثناء، انطلقت في أيرلندا الشمالية الاثنين الماضي في منتجع "إنسيكلين" الصغير قمة مجموعة الثمانية للدول الصناعية الكبرى التي تتزامن مع بدء مفاوضات اتفاقية التبادل الحرة الأمريكية الأوروبية، فالجميع يبدو منسجماً، لكن هذا الانسجام لا يدوم طويلاً، ولاسيما وأن روسيا تدعم النظام السوري وسط تزايد ضغوط القادة الغربيين عليها بسبب هذا الدعم، بينما تريد بريطانيا وفرنسا تزويد المعارضة بالسلاح. وهناك تقدم في القضايا الاقتصادية، إذ ترغب الولاياتالمتحدة ودول الاتحاد الأوروبي تأسيس منطقة تجارية حرة مشتركة يتم التخلص فيها من الحواجز الجمركية لمصلحة التبادل التجاري وسوق العمل، أي أن نصيب الطرفين من الناتج الاقتصادي العالمي النصف. حوار المصالح ويتضمن جدول أعمال قمة مجموعة الثمانية، التي تضم الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا وكندا وألمانياواليابان وإيطاليا وروسيا، العديد من القضايا الاقتصادية التي تشغل قادة العالم منذ تفجر الأزمة المالية العالمية في 2007/2008، كما يبحث القادة اقتراحات رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بشأن تحديث قواعد الضرائب في العالم وزيادة الشفافية المالية وتحرير التجارة العالمية. ويسعى الطرفان إلى إلغاء الرسوم الجمركية على حركة السلع والخدمات عبر المحيط الأطلسي، وصرح "كاميرون اليوم" أن مفاوضات التجارة الحرة بين الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة ستؤدي إلى قيام عقد "أكبر اتفاق تجاري ثنائي في التاريخ". وأضاف كاميرون "هذه جائزة لن تتكرر خلال جيل ونحن مصرون على اقتناصها"، في إشارة إلى المكاسب الكبيرة التي ستعود على الاقتصاد العالمي وأسواق العمل على جانبي المحيط الأطلسي، من ناحيته تحدث الرئيس الأمريكي باراك أوباما عن "الشراكة الرائدة ذات القدرات الهائلة" في الوقت الذي حذر فيه كلا الجانبين الأمريكي والأوروبي من مقاومة "إغراء تخفيض سقف الطموح أو تفادي الموضوعات الصعبة لمجرد التوصل إلى اتفاق". أما هيرمان فان رومبوي رئيس الاتحاد الأوروبي فقال "لا يمكننا توقع ظهور الوظائف الجديدة اليوم" ومن المقرر بدء المحادثات الأمريكية الأوروبية فعلياً الشهر المقبل. القطبية الجديدة وأشارت تقارير إلى إنذار مجابهة بين الرئيس الأمريكي باراك أوباما ونظيره الروسي فلاديمير بوتين بعد أن قرر أوباما الأسبوع الماضي تسليح المعارضة، فيما يصمم الرئيس الروسي على دعم نظام الأسد. ومن المتوقع أن يثير الرئيس أوباما مسألة عرقلة روسيا للعديد من القرارات المتعلقة بسورية في مجلس الأمن الدولي بشكل مباشر مع بوتين خلال اجتماع ثنائي يعقد بينهما على هامش القمة. وكان الوضع في سوريا قد حضر في صلب لقاء ثنائي بين الرئيس باراك أوباما ونظيره الروسي فلاديمير بوتين قبل مناقشته على عشاء مشترك. ومن جهته، حاول رئيس الوزراء ديفيد كاميرون الذي يستضيف القمة في مدينة إينيسكيلين إيجاد أرضية مشتركة بشأن سوريا خلال لقائه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وقال كاميرون بعد الاجتماع: "كلانا يرى المأساة الإنسانية وكلانا يرى خطر التطرف.. وإذا ركزنا جميعاً على هذه النقاط المشتركة يمكننا فعلاً تحقيق بعض التقدم". ولكن روسيا أعلنت مؤخراً رفضها فكرة إقامة مناطق حظر طيران لحماية المعارضة السورية، وقد حذر بوتين من جانبه شركاءه الغربيين من تسليم أسلحة إلى المعارضة السورية. ومن جهتها، قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إنها تتوقع "مناقشات جدلية" خلال القمة في الوقت الذي أكدت فيه تمسك بلادها بعدم تقديم أسلحة للمعارضة، وقالت ميركل قبل مغادرتها إلى أيرلندا الشمالية: "للأسف مازالت روسيا تمنع حتى الآن التوصل إلى حلول في مجلس الأمن الدولي، ربما استطعنا تحقيق بعض التقدم في هذا الموضوع". ومن جانبه، حذر الرئيس الفرنسي فرنسوا أولاند من ضرورة أن "يكون لدينا الكثير من الوهم" بشأن إمكان تحقيق تقدم نظراً للخلافات المستمرة بين روسيا وباقي أعضاء مجموعة الثمانية. وانتقد زعماء غربيون روسيا لتسليمها أسلحة للأسد بينما يتعرض مقاتلو المعارضة الذين وصفهم بوتين أمس ب"أكلة لحوم البشر"، وقال الرئيس الفرنسي: "كيف نسمح بأن تواصل روسيا توريد أسلحة لنظام الأسد في حين لا تحصل المعارضة إلا على أقل القليل وتتعرض للذبح". وبدوره انتقد رئيس الوزراء الكندي "ستيفن هاربر" الرئيس الروسي لمساندته بلطجية نظام الأسد لأسباب خاصة لا مبرر لها، قائلاً: "أعتقد أننا ينبغي ألا نخدع أنفسنا.. نحن مجموعة السبعة زائد واحد.. هذا هو الوضع .. نحن في الغرب ننظر لهذا الوضع بشكل مختلف للغاية". انتقادات واضحة وباتت القمم السنوية التي تعقدها مجموعة الثمانية تحظى بتغطية إعلامية واسعة، بجانب تعرضها لضغوطات من قبل جماعات الضغط والمصالح ومظاهرات الشوارع. وكان معرض هذه الانتقادات الشائعة التي لم تنجُ منها القمة الحالية عن أن أعضاء مجموعة الثمانية هم المسئولون عن القضايا العالمية مثل الفقر في أفريقيا والدول النامية؛ بسبب الدين الخارجي والسياسة التجارية، والاحتباس الحراري؛ بسبب انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، ومشكلة الإيدز؛ بسبب السياسة المتشددة في ترخيص الأدوية والمشاكل الأخرى المتعلقة بالعولمة. وهناك انتقاد آخر يتمحور حول عضوية الدول الثمانية نتيجة استثناء الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، باعتبارها لا تمثل في مجموعة الثمانية وأيضاً لعدم تمثيل الجنوب العالمي بما يؤدي إلى تصنيف الكثير من النقاد لمجموعة الثمانية كمؤسسة للمحافظة على الهيمنة الاقتصادية الغربية. خلفية التأسيس والجدير بالذكر أن مجموعة الثمانية تضم الدول الصناعية الكبرى في العالم وهي: الولاياتالمتحدةالأمريكية، اليابان، ألمانيا، روسيا الاتحادية، إيطاليا، المملكة المتحدة، فرنسا وكندا، كما يتم تمثيل الاتحاد الأوربي في القمم السنوية. ويمثل مجموع اقتصاد هذه الدول الثمانية 65% من اقتصاد العالم وأغلبية القوة العسكرية، حيث تحتل المجموعة 7 من 8 مراكز الأكثر إنفاقاً على السلاح وتقريباً كل الأسلحة النووية عالمياً، حيث تشكل أربعة دول أعضاء في مجموعة الثمانية هي: الولاياتالمتحدةالأمريكيةوروسياوفرنسا والمملكة المتحدة مجتمعة 98% من الأسلحة النووية عالمياً. وتتضمن أنشطة المجموعة عقد مؤتمرات على مدار السنة، فضلاً عن إقامة مراكز بحثية سياسية تتجمع مخرجاتها في القمة السنوية التي يحضرها زعماء الدول الأعضاء، وتعقد القمم السنوية في مجموعة الثمانية تتناوب على رئاسة المجموعة كل عام، بحيث تضع الدولة الحائزة على الرئاسة الأجندة السنوية للمجموعة وتستضيف القمة لتلك السنة.