اهتزّت البرازيل بأضخم تظاهرات اجتماعية منذ 21 سنة، دامت أمس الاثنين أكثر من سبع ساعات في عدّة مدن، خصوصاً في ريو دي جانيرو، التي عرفت مشاهد حرب عصابات. وهذه أكبر تحرّكات منذ 1992 التي حصلت ضدّ فساد حكومة الرئيس السابق فرناندو كولور دي ميلو، المستقيل خلال محاكمته السياسية أمام مجلس الشيوخ. وتجمهر نحو 100 متظاهر في ريو دي جانيرو، سلميّاً في البداية للاحتجاج على ارتفاع أسعار النقل العام، ونفقات تحضير مونديال 2014 لكرة القدم، قبل أن تتحوّل إلى العنف مع حلول الليل. فقد خرجت الاحتجاجات في الأساس اعتراضا على ارتفاع أسعار المواصلات العامة، لكن المتظاهرين وسعوا نطاق شكاواهم لتشمل الفساد والإنفاق العام واستضافة بطولتين لكرة القدم. واشتبك متظاهرون ورجال شرطة أمام الجمعية التشريعية، وأطلقت مجموعة منهم الأسهم النارية على الشرطة وأضرمت النار في سلال القمامة وأحرقت سيارة، في وقتٍ صرخ متظاهرون آخرون: «لصوص! لا للتخريب!». مقاومة الشغب واستعمل 80 شرطياً من قوات النخبة داخل الجمعية التشريعية القنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطي، كما أنّ الرصاص الحي قد أطلق في الهواء أيضاً، قبل أن تفرّق شرطة مكافحة الشغب المتظاهرين في الليل. وكان المتظاهرون قد أطلقوا قنابل مولوتوف والحجارة على المبنى، وبعضهم حاول الدخول من النوافذ. وأصيب في الاشتباكات 20 شرطياً و7 متظاهرين، بينهم اثنان بطلقات نارية. وضرب المتظاهرون موعداً على شبكات التواصل الاجتماعي، وبلغ عددهم في مجمل أنحاء البلاد 200 ألف شخص. وقال محلّلون على شبكة التليفزيون:"إنّ معظم المتظاهرين تألّفوا من الشبان الذين فقدوا الثقة في الأحزاب السياسية". سطح البرلمان وفي برازيليا تظاهر حوالي خمسة آلاف شخص في حي الوزارات وهو رمز قوّة البلاد، وصعد 200 منهم لسطح البرلمان، حيث غنوا النشيد الوطني قبل أن ينزلوا بشكلٍ عفوي. وقال الطالب برونو باسترانا 24 عاماً الجالس على سقف البرلمان لوكالة «فرانس برس»: "وصلنا إلى بيت الشعب، هذه خطوة أولى لنؤكّد أنّنا لم نمت، اعتقدوا أنّنا سنتوقّف لمشاهدة كرة القدم لكن البرازيل ليست مجرد ذلك". وفي ساو باولو تظاهر حوالي 65 ألف شخص بشكل سلمي على جادة باوليستا، ثمّ حاولت مجموعة اقتحام البرلمان المحلّي قبل إيقافها من قبل الشرطة بالغاز المسيل للدموع. وتكرّرت مشاهد مماثلة في بورتو أليغري، كوريتيبا وبيلو هونريزونتي، وذلك خلال منافسات كأس القارات المقامة حتى 30 الحالي في عدّة مدن، وهي بمثابة التجربة لنهائيات كأس العالم، أكبر حدث كروي في العالم، العام المقبل في البرازيل. وعلّق وزير الرياضة الدو ريبيلو:"لن نسمح أن تعطّل الاحتجاجات الأحداث التي التزمنا بتنظيمها". وفي رغبة منها بالمهادنة، أعلنت الرئيسة البرازيلية ديلما روسيف أمس الاثنين أن المظاهرات السلمية مشروعة وهي «جزء من الديمقراطية»، مضيفة :"إنّها حقّ الشباب في التظاهر"، مؤكدة أنّ هذا لا ينطبق على الإشتباكات التي وقعت أمام مجلس ولاية ريو، وهي الهجمات التي وصفها رئيس المجلس باولو ميلو بأنها "عمل إرهابي". ويتطوّر حجم المظاهرات في وقتٍ تمرّ البرازيل فيه بمرحلة نمو حرجة وتضخّم في أسعار المواد الغذائية، وذلك بعد سنوات من التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وتراجعت شعبية الحكومة 8 نقاط في يونيو الحالي، لأوّل مرّة منذ انتخاب روسيف عام 2011، التي تبقى مرشّحة قوية لنيل أكثرية الأصوات في نهاية 2014. منصة الاحتجاجات وتعقيبا على أحداث البرازيل ، أكد الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» مساء الاثنين أنه يحترم حق الناس في التظاهر والاحتجاج. كما أكد السويسري جوزيف بلاتر رئيس «الفيفا» أن المتظاهرين في البرازيل يستخدمون كرة القدم كمنصة للاحتجاج بالقرب من الاستادات التي تستضيف مباريات كأس القارات. وصرح بلاتر ، إلى صحيفة «استاديو دي ساو باولو» البرازيلية قائلا "كرة القدم أقوى من استياء الناس" ، وأضاف "المحتجون يستخدمون منصة كرة القدم وتواجد الصحافة العالمية لبث أحزانهم وغضبهم". وأوضح بلاتر أنه تحدث إلى ديلما روسيف رئيسة البرازيل وألدو ريبيلو وزير الرياضة البرازيلي بشأن الاحتجاجات وقالا إنهما يعتقدان أن المظاهرات لن تستمر حتى نهاية بطولة كأس القارات والتي تستضيفها البرازيل حتى 30 يونيو الحالي؛ وقال بلاتر «أبلغت ديلما وآلدو أننا نثق بهما». وقال بيكا أودريزولا المتحدث عن الفيفا ونحترم حق الناس في الاحتجاج.. الفيفا لديه ثقة تامة في السلطات المحلية التي تتولى مسؤولية التأمين خارج الاستادات. حلم الديمقراطية من جانبه قال الدكتور محمد محسوب رئيس حزب الوسط إن التظاهر في البرازيل ، احتجاجاً على زيادة أجرة النقل العام دون مطالب بإعادة انتخابات أو إسقاط الرئيسة، رسالة لمن يحلم بديمقراطية تسمح بانطلاقة اقتصادية، مضيفاً أن الاحتجاج السلمي جزء من كيان الديمقراطية، وأن التغيير لا يكون إلا بالانتخابات بمواعيدها وقواعدها، ومن يرغب في سن قواعد خاصة بمصر تسمح بأن يكون التغيير بالحشود والتوقيعات إنما يضع أقدامنا على طريق الفوضى. وتابع محسوب، عبر تدوينة له على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك"، أن الثورات تصبح الطريق الوحيد للتغيير عندما تنغلق طرق التغيير السلمى، بينما من يرغب من بيننا فى التغيير ويرى أن ما لديه خير عما لدى الرئيس الحالى فأمامه انتخابات لو فاز فيها لأدار المشهد بشرعية ديمقراطية. وأضاف محسوب، أما من يحلم بأن يدير المشهد بمجالس معينة أو زعامات جوفاء تأتى دون انتخاب فإنه يستخف بهذا الشعب الذى لن يتنازل عن طريقه الديمقراطى الذى اختاره، لأنه الطريق الوحيد لانطلاقتنا وتغير أوضاعنا وإصلاح اقتصادنا واستعادة ريادتنا التى ليست ثوبا تستيقظ لترتديه وإنما مكانة تحتاج جهد الجميع لبنائها. المرة الثانية وبطولة كاس العالم 2014 ستكون النسخة العشرون بين بطولات كأس العالم، وستقام في قارة أمريكا الجنوبية بعد أن حدد الاتحاد الدولي لكرة القدم نظام التناوب بيين القارات وحدد قارة أمريكا الجنوبية لتقام فيها البطولة ولم تتقدم سوا البرازيل والتي تقدمت بالملف في 31 يوليو 2007. وتم الاعلان عن الشعار الرسمي لكأس العالم لكرة القدم 2014 في 8 يوليو 2010. وستكون هذه المرة الثانية التي تقام في البرازيل بعد كأس العالم 1950 وبذلك تصبح البرازيل خامس دولة تستضيف البطولة مرتيين على أرضها بعد (المكسيك، فرنسا، إيطاليا ،ألمانيا). وهذه هي المرة الأولى الذي تستضيف فيها قارة أمريكا الجنوبية بطولة كأس العالم منذ كأس العالم 1978 والذي أقيم بالأرجنتين. أيضا هي أول مرة تنظم كأسين عالميتين متتاليتين خارج القارة الأوروبية بعد كأس العالم 2010 في جنوب أفريقيا. وسيسمح الإتحاد الدولي لكرة القدم بإستخدام تقنية خط المرمى للمرة الأولى في تاريخ بطولات كأس العالم، لتصبح هذه البطولة ثالث بطولة برعاية الفيفا يتم فيها تطبيق هذه الخاصية بعد بطولتي كأس العالم للأندية 2012 وكأس القارات 2013 وستبدأ عملية بيع تذاكر البطولة في 20 أغسطس 2013، معظم التذاكر المقدر عددها ب 3.3 بليون تذكرة سيتم بيع معظمها عن طريق موقع الفيفا الرسمي.