للعام ال5.. محمود مسلم رئيسًا للجنة الثقافة والإعلام بالشيوخ    "أبو هشيمة" رئيسًا.. تشكيل مكتب لجنة الشباب والرياضة بمجلس الشيوخ    مجلس الشيوخ.. رصيد ضخم من الإنجازات ومستودع حكمة في معالجة القضايا    أزمة المحاضرة.. قرار مهم ضد أستاذ الحقوق بجامعة المنوفية    سر مثير عن القنابل الإسرائيلية في حرب أكتوبر    ضاحي خلفان يثير جدلًا بتعليقه على اغتيال حسن نصرالله.. هل شمت بمقتله؟    مياه القاهرة انقطاع المياه عن بعض المناطق غدًا    وسط أزمات حروب المنطقة.. مُعدّل نمو الاقتصاد المصري 2.4% خلال الربع الأخير من 23/2024    «في مجال الهيدروجين».. تعاون بين مصر وحكومة بافاريا الألمانية    "الإسكان" يُصدر قراراً بحركة تكليفات وتنقلات بعددٍ من أجهزة المدن الجديدة    «مش بس أكل وشرب».. جهود مكثفة من التحالف الوطني لتقديم الرعاية الصحية للأكثر احتياجا    نائب وزير الإسكان يتابع موقف تقديم خدمات المياه والصرف الصحي بدمياط    محافظ القليوبية يقود مسيرة نيلية احتفالًا بذكرى انتصارات أكتوبر    محافظ كفر الشيخ يتابع سير العمل بالمركز التكنولوجي ومنظومة التصالح بالرياض    كسر الحالة الهتلرية!    حسام زكي: الاعتداءات على لبنان لن تحقق الأمن لأي طرف    سفير مصر بالدوحة يلتقى مع وزير الدولة للشئون الخارجية    روسيا: 3 قتلى وعشرات الجرحى جراء هجوم أوكراني على بيلجورود    القصة الكاملة لأزمة شوقي غريب داخل الإسماعيلي    الأهلي يواجه برشلونة بحثًا عن برونزية مونديال اليد    طلاب الجامعة الأمريكية يفوزون بالمركز الأول بالألعاب الأفريقية بنيجيريا    جون دوران بعد هدفه أمام بايرن: سجلت في شباك أحد فرق أحلامي    غريق بنهر النيل في العجوزة !    للخريف سحر لا يقاوم.. 15 صورة من شواطئ عروس البحر المتوسط    إصابة عاطلين في معركة بالأسلحة النارية بالمنيا    ضربات أمنية مستمرة لضبط مرتكبى جرائم الإتجار غير المشروع بالنقد الأجنبى    الأمن يكشف لغز العثور على جثة حارس ورشة إصلاح سيارات مكبل في البحيرة    ضبط 367 عبوة دواء بيطري مُنتهية الصلاحية ومجهولة المصدر بالشرقية    قرار عاجل من مدير تعليم الجيزة بشأن المعلمين    "الكتاب العرب" يدعو إلى اجتماع عاجل لهذا السبب    في أول أيامه.. إقبال كبير على برنامج «مصر جميلة» لرعاية الموهوبين    فى احتفالية كبرى، الأوبرا تحتفل بمرور 36 عامًا على افتتاحها بمشاركة 500 فنان    بعد إعلان اعتزالها.. محطات في حياة بطلة «الحفيد» منى جبر    مهرجان الإسكندرية: منة شلبي لم ترفض الحضور.. وهذا سبب غيابها    تعرف على موعد حفل وائل جسار بدار الأوبرا    نائب وزير الصحة يترأس ورشة عمل «تحسين الآداء بمنشآت الرعاية الأولية»    الصحة: تطعيم الأطفال إجباريا ضد 10 أمراض وجميع التطعيمات آمنة    «التضامن» تشارك في ملتقى 57357 للسياحة والمسئولية المجتمعية    نائب وزير الصحة يوصي بسرعة تطوير 252 وحدة رعاية أولية قبل نهاية أكتوبر    توقعات برج القوس اليوم الخميس 3 أكتوبر 2024: الحصول على هدية من الحبيب    مركز الأزهر للفتوى يوضح أنواع صدقة التطوع    صلاح الأسطورة وليلة سوداء على الريال أبرز عناوين الصحف العالمية    الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل القيادي في حركة حماس روحي مشتهى    بريطانيا تستأجر رحلات جوية لدعم إجلاء مواطنيها من لبنان    «القاهرة الإخبارية»: استمرار القصف الإسرائيلي ومحاولات التسلل داخل لبنان    4 أزمات تهدد استقرار الإسماعيلي قبل بداية الموسم    مفاجآت اللحظات الأخيرة في صفقات الزمالك قبل نهاية الميركاتو الصيفي.. 4 قيادات تحسم ملف التدعيمات    «وسائل إعلام إسرائيلية»: إطلاق 10 صواريخ على الأقل من جنوبي لبنان    التابعي: الزمالك سيهزم بيراميدز.. ومهمة الأهلي صعبة ضد سيراميكا    إعلان النتيجة النهائية لانتخابات مركز شباب برج البرلس في كفر الشيخ    النشرة المرورية.. كثافات متحركة بمعظم محاور القاهرة والجيزة    مدبولي يُهنئ الرئيس السيسي بالذكرى ال51 لانتصارات أكتوبر المجيدة    نجاح عملية استئصال لوزتين لطفلة تعانى من حالة "قلب مفتوح" وضمور بالمخ بسوهاج    حكم الشرع في أخذ مال الزوج دون علمه.. الإفتاء توضح    كيفية إخراج زكاة التجارة.. على المال كله أم الأرباح فقط؟    هانئ مباشر يكتب: غربان الحروب    تعدد الزوجات حرام.. أزهري يفجر مفاجأة    أستون فيلا يعطل ماكينة ميونخ.. بايرن يتذوق الهزيمة الأولى في دوري الأبطال بعد 147 يومًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصطفى حسين يروى أنا .. والرؤساء
نشر في محيط يوم 01 - 06 - 2013

* اعتقلونى .. فى حادث محاولة اغتيال عبد الناصر فى المنشية !
* رسمت محمد نجيب .. مقابل " عزومة كباب " عند العجاتى !
* طردونى من التنظيم الطليعى .. بسبب موديل حلو !
* قذف الرئيس عبد الناصر المجلة بيده .. وطار رئيس التحرير فى نفس اليوم !
ما هو الفارق بين القلم .. والكاميرا .. والريشة ؟
تماما كالفارق بينى .. وبين المصور مكرم جاد الكريم .. الفنان مصطفى حسين !
أنا أحاول ألأن أصف ما أراه بقلمى .. فأنجح مرة وأفشل عشر مرات !
والمصور مكرم جاد الكريم هو المصور الوحيد الذى نقل بالكاميرا تفاصيل حادث اغتيال الرئيس السادات .. لكنه لا يستطيع أن يضيف من نفسه وأفكاره أية تفاصيل أخرى غير التى تلتقطها عدسته . فلا يمكنه أن يلتقط صورة لشخص يبتسم . ثم يطبع الصورة فيظهر هذا الشخص وعلى وجهه تكشيرة..
أما الفنان مصطفى حسين فهو " حكاية " بين رسامى كاريكاتير عصره !
بريشته .. وأفكار الكاتب الكبير أحمد رجب .. ظل يرسم البسمة الساخرة كل صباح على وجوه أفراد الشعب المصرى . وداخل خطوطه المميزة يخفى ذكريات عمر من الأحداث المثيرة . والأسرار الخفية . بالتأكيد هى لونت ريشته بهذا التميز والانفراد الذى لا ينكره أحد ..
ذات يوم أدهشنى وأسعدنى مصطفى حسين أكثر من مرة ..
وعندما طلبت منه أن يروى لى ذكرياته مع رؤساء مصر . ووضعت بينى وبينه جهاز تسجيل صغيرا عدت لأقوم بالاستماع إلى حديثنا . لأفاجأ بأننى رغم معرفتى بمصطفى حسين والتى تتعدى ال30 سنة لا أعرفه . ولأفاجأ بأن الحديث المسجل على شريط التسجيل . به قليل من الكلام . وكثير من الضحك !
ضحكت .. وأنا أكتشف لأول مرة أن مصطفى حسين تم اعتقاله فى حادث محاولة اغتيال الرئيس الراحل جمال عبد الناصر فى المنشية !
وضحكت .. عندما عرفت أنه رسم صورة للرئيس محمد نجيب .. مقابل " عشوة كباب" عند العجاتى !
وضحكت .. عندما تخيلت أعضاء التنظيم الطليعى الذين قاموا بتجنيده .. باعتباره " رسام سياسى خطير " .. وذهبوا لعقد اجتماع فى الاتيليه الخاص به .. وفوجئوا بموديل حسناء رائعة الجمال تفتح لهم
الباب . وقد انتهت لتوها من ارتداء ملابسها .. الكاملة !
كأنك تستمع إلى طفل .. كبير الحجم !
هكذا كان احساسى عندما بدأ مصطفى حسين يروى لى " ذكرياته السياسية " . وقد تذكرها قبل أن يرويها . فانتابته " كريزة " ضحك . ظل خلالها يضحك على نفسه أكثر من عشر دقائق !
ذكرياتى السياسية بدأت قبل الثورة وليست معها أو بعدها .. بدأت بالتحديد يوم حريق القاهرة
وكنت وقتها تلميذا صغيراً .. وفى نفس هذا اليوم كنت قد ذهبت مع أحد أصدقائى على البسكليتة لنشترى " بندقية رش " بثمانية جنيهات . وعدنا من خلال وسط القاهرة الى حى الحسين الذى كنت أعيش فيه . وفوجئنا فى ميدان الأوبرا " بالف واحد " شايلين بنادق ومسدسات وخناجر . ويبدو أن البعض خلال الحريق انتهز الفرصة وحطموا واجهة محل لبيع الأسلحة وسرقوها . وكان الغوغاء يخطفون الأسلحة من بعضهم . وتصور بعضهم أن " بندقية الرش " التى نحملها من الأسلحة المسروقة . وللحقيقة فاننى فور اعلان قيام الثورة لم استوعب الأمر تماماً . وأتذكر أننى ساعتها كانت أيضاً أتمشى فى ميدان الأوبرا . وشاهدت الدبابات متجهة إلى عابدين وكان الزحام شديداً . وعندما عدت الى البيت وجدت أولاد عمى وكانوا طلابا فى الجامعة يحتفلون بقيام الثورة .
ومتى التقيت لأول مرة بالرئيس جمال عبدالناصر ؟
- كنت قد التحقت بكلية الفنون وكان استاذنا عبدالسلام الشريف قد اختار بعض طلبة الكلية الواعدين وكلفهم بعمل لوحات فى المعرض الزراعى الصناعى الذى سوف يفتتحه الرئيس جمال عبد الناصر . ويوم الافتتاح وقفنا " مرصوصين " أمام اللوحات .
وفوجئت " بالزفة " التى كانت تستقبل قدوم عبد الناصر وضربت " لخمة " لدرجة أننى عندما ظهر الرئيس جمال عبد الناصر .. لم اشاهده !
تعنى أنك لم تتمكن من رؤيته ؟
- لا شفته .. لكنى حسيت بأن الدنيا كلها أصبحت ضبابا .. شايفه وموش شايفه .. بصراحة كان
الرئيس عبد الناصر له رهبة فظيعة .
وهل هذا كل ما حدث فى لقائك الأول بعبد الناصر ؟
- أكذب يعنى ؟ أنا طبعاً قبل المعرض كنت قد رسمت فى خيالى سيناريو آخر .. إن عبد الناصر سوف يدخل المعرض ويلقى بنظرات خاطفة على معروضاته . ثم يتوقف طويلاً أمام اللوحة التى رسمتها ثم يلتفت إلى كبار رجال مجلس قيادة الثورة الذين كانوا حوله .
ويوقل
لهم : الله .. مين الولد الفنان الكبير اللى رسم اللوحة دى . أنا عايز أشوفه حالا
..
ثم أظهر أنا فى الصورة . ويتقدم منى
عبد الناصر ويحيينى ويربت على كتفى ويأمر باعطائى نيشانا .. وطبعا تبخر كل هذا
السيناريو فى الضباب الذى أصاب عينى فى الحقيقية !
مازال الفنان مصطفى حسين يتذكر
حكايته مع الرئيس جمال عبد الناصر .. والغريب أن هذه الحكايات لم تكن " مضحكة
" كالحكاية الأولى ..
ويقول
: كنت خلال دراستى بالكلية قد بدأت أرسم فى مجلة التحرير التى أنشأتها الثورة .
وكان رئيس التحرير سامى داوود . الذى طلب منى رسم غلاف للمجلة عبارة عن بورتريه
للرئيس جمال عبد الناصر . وسهرت أرسم الصورة . وكان معروفاً أن الرئيس عبد الناصر
توجد حول عينيه هالات " غامضة شوية" . وكان لابد لى لتأكيد شخصية عبد
الناصر من التركيز على هذه الهالات . المهم رسمت اللوحة وسلمتها . وأخذت طريفها
للطبع . لكن للأسف كانت الطباعة رديئة . فظهرت الهالات السوداء وكأن عبد الناصر
تلقى بعض اللكمات حول عينيه !
كالأطفال .. ينفجر مصطفى حسين فى
الضحك ويغطى وجهه بيديه وهو يتذكر ما حدث ..
ذهبت
يوم صدور المجلة لأفاجأ بوجود ارتباك شديد فى مقر المجلة وبعضهم يقف على باب مكتب
رئيس التحرير سامى داوود ..
- سألتهم
: هو فيه ايه ؟
أخذوا يرمقوننى بنظرات الاستنكار
والاتهام بصفتى المسئول عما حدث ..
- وقالوا
لى : يعنى موش عارف ان الغلاف بتاعك .. " رفد" رئيس التحرير النهارده !
وسمعت منهم أن الرئيس جمال عبد
الناصر عندما قدموا له المجلة فى الصباح . وشاهد صورته والهالات السوداء حول عينيه
توحى بأنه " مخبوط خبطة جامدة " .. رمى المجلة على امتداد ذراعه !
وهل
كانت هذه هى " الأزمة الوحيدة " للك فى عهد الرئيس جمال عبد الناصر ؟
- لا
.. فيما بعد حدثت أزمة ثانية وكنت وقتها أعمل فى جريدة " المساء " التى
كانت تنشر حملة عن تعدد الزوجات وطلبوا منى المشاركة برسم يعبر عن الموضوع . فرسمت
كاريكاتيرا عبارة عن رجل يشبه الديك وأحدهم يشير اليه وهو يقول " أقدم لك سى
محمد اللى متجوز تسعة " . ولم يكن يخطر على بالى أبداً أن عدد زوجدات الرسول
عليه الصلاة والسلام تسع .. وكان عبد الناصر على خلاف وقتها مع السعودية . وخرجت
مانشيتات الجرائد السعودية تقول " عبد الناصر الكافر والعاملون معه ". وحدثت أزمة كبيرة
لم أستطع نسيانها حتى اليوم ..
بعد هذه الأزمات .. تعلمت ريشة مصطفى
حسين الكثير .. وبالذات عندما كان يرسم صورا للرئيس جمال عبد الناصر ..
طبعا
بعد كده نسيت خالص حكايات الهالات اللى حوالين عينيه .. لكن وجه عبد الناصر كان
مميزاً .. نحاسى وملامحه حادة ويسهل رسمه . وكنت أؤكد على أنفه المميز وذقنه ولون
بشرته وكل هذا يؤكد شخصيته ..
هل
كنت تشعر " بالحرية " كرسام كاريكاتير فى هذه الفترة ؟
- لا
طبعا .. الكاريكاتير أيامها كان يفسر وكان يتم تفتيشه .. ذات مرة رسمت مسجونا .
وفوجئت بأحد المسئولين يتصل بى ويسألنى " تقصد ايه من رقم 1985 اللى كتبته
على ملابس المسجون "؟! وكان رئيس التحرير والرقيب يدققان كثيراً فى
الكاريكاتير مجرد " هتافات " ولم يكن أحد يستطيع أن يخرج عن الخط ..
هل
رسمت الرئيس محمد نجيب ؟
- نعم
.. أول بورتريه بحجم كبير رسمته كان للرئيس محمد نجيب . وكنت فى نهاية المرحلة
الثانوية وكان الرئيس محمد نجيب سيزور " المشيخة المرازقية " وهى احدى
الطرق الصوفية ومقرها فى الجمالية . وجاءنى ابن الشيخ شمس الدين وكلفنى برسم لوحة
وجه للرئيس نجيب . وبعد أن رسمتها دعانى مع أحد أصدقائى لتناول الكباب عند
"العجاتى" . وكان هذا أول أجر أتقاضاه فى حياتى عن لوحة رسمتها .. وكنت
مكسوفاً للغاية ؟
أسأل
مصطفى حسين : نعود إلى الرئيس عبد الناصر .. وحكاية الأزمات التى سببتها أيامه ..
هل انتهت عند أزمة جريدة المساء ؟
مرة أخرى ينطلق فى الضحك الطفولى ..
- آه
.. أنا اعتقلونى فى حادث محاولة اغتيال الرئيس عبد الناصر فى المنشية !
الواقعة الطريفة يرويها مصطفى حسين
لأول مرة ..
- كنت
عائداً من مجلة التحرير أحمل فى يدى قصيدة لبودلير لكى اقرأها فى البيت وأرسم لوحة
تعبيرية تنشر معها . فى نفس اليوم الذى وقعت فيه محاولة اغتيال الرئيس جمال عبد
الناصر فى المنشية وعندما اقتربت من حى الحلمية فوجئت بالنيران مشتعلة فى مقر
الاخوان المسلمين . وفى لحظات خاطفة أحاط بى ضباط البوليس الحربى وكانوا يقبضون
على كل من يقترب من مقر الاخوان المسلمين . ولم أتصور أننى عندما توقفت لمشاهدة
النيران أنهم سيقبضون علىّ . ووجدت نفسى مع المقبوض عليهم وحملونا جميعاً فى سيارة
نقل عسكرية ونقلونا إلى ميدان الدرب الأحمر حيث نصبت بعض الخيام وبها كثير من
المعتقلين يا نهار اسود .. عبد الناصر حاولوا يغتالوه .. وأنا مع الاخوان المسلمين
هنا ؟ وبدأت التحقيقات مع المعتقلين . ودفعونى أمام مكتب أحد الضباط وكان يجلس
بجواره كاتب يدون التحقيقات .
- استنجدت
بالضابط : يا باشا .. يا باشا ..
وأشاح بوجهه قائلا : الباشوية اتلغت
.ز اسمك ايه يا متهم ؟
- قلت
له : أنا موش متهم ولا حاجة .. أنا طالب فى كلية الفنون ورسام فى مجلة التحرير .. وأخذ
بالك يا باش .. مجلة التحرير بتاعة الثورة !
أخذ الضابط يرمقنى باستنكار وكأنه
يعرف محاولات المتهمين للهروب من التهم . لكنى فوجئت بالكاتب الذى يجلس بجواره
ينظر فى وجهى بشدة ..
- ثم
قال : ايه اللى جابك هنا يا مصطفى أفندى ؟
واكتشفت أن هذا الكاتب يعمل صباحا فى
" المجلس الحسبى ". وكانت هناك قضية حول ميراث والدى . وكنا نتردد على
" المجلس الحسبى" كلما احتجنا إلى صرف مبلغ من اليراث . وكان هذا الكاتب
يعرفنى . وأكد ذلك للضابط . الذى اقتنع تماما خاصة بعد أن تذكرت قصيدة
"بودلير" التى أحملها فى جيبى والتى تؤكد أننى أعمل فى مجلة التحرير ..
سألنى
الضابط : يعنى انت رسام ؟
- رددت
على الفور : أيوه ..
قال
لى : طيب امشى دلوقت .. بس بشرط تيجى الصبح ومعاك لوحة ترسمها لى عن السنة الجديدة
..
أسرعت
أعدو من أمامه..
- قائلا
: من النجمة يا باشا ..
وطبعا لم ير هذا الضابط وجهى عند
ظهور نجمة اليوم التالى .. ولا حتى نجمة يومنا هذا !
أقول
لمصطفى حسين : هل صحيح انك انضممت لفترة الى التنظيم الطليعى ؟
للمرة العاشرة يعاود الضحك بشددة ..
- ويقول
: آه .. وطردتنى منه واحدة حلوة ؟
وبطريقته الساخرة يروى ما حدث ..
- فيقول
: كنت بعد تأميم الصحافة قد تركت جريدة المساء مع خالد محيى الدين الذى جاء لرئاسة
دار " اخبار اليوم " مع بعض المحررين الذين اختارهم . وكان محررو "
أخبار اليوم " ينظرون لى بتوجس شديد . ولم يستطيعوا أن يفهموا كيف أحضر مع
مجموعة من اليساريين . بينما أعيش حياة راسمالية " خالص " وأقود سيارة
" بونتياك " أمريكية ؟!
ومرت الأيام والشهور ..
وذات يوم فوجئت بالزميل فاروق القاضى
يتصل بى ويطلب مقابلتى " لأمر منتهى الخطورة والأهمية ". هكذا قال .
واتفقنا على اللقاء فى كافيتريا بوسط القاهرة وحضر مع شخص آخر وعلى وجهيهما علامات
الاهتمام الشديد ..
وهمس
لى : مطلوب أن تنضم بالأمر إلى
التنظيم الطليعى !
- سألته
: ومن الذى أمر بذلك ؟
سكت برهة..
ثم
مال نحو أذنى وهمس : الرئيس جمال عبد الناصر هذا الذى اختارك ..انتفضت على المقعد
..
- وقلت
له بصوت مرتفع : الرئيس عبد الناصر هو اللى قال كده ؟
أصيب فاروق القاضى بالذعر والتفت
حوله خوفا من الجالسين فى الكافيتريا حولنا ربما يكون أحدهم قد سمعنى ..
- وعاد
ليقول فى اذنى : أيوه ..
- عدت
لأسأله : الريس عبد الناصر ذات نفسه ؟
قال
: أيوه ..
- قال
لكم مصطفى حسين ؟
- أيوه
..
- مصطفى
حسين أنا .. موش حد تانى ؟
أيوه
انت ..
- اذن
أنا تحت أمر الريس .. وتحت أمر التنظيم الطليعى .. ولو انى موش عارف يعنى ايه
التنظيم الطليعى !
وهكذا وبمنتهى السرعة انضممت الى
التنظيم الطليعى . وكانت مجموعتى تضم المرحوم فيليب جلاب وثلاثة آخرين . وفكروا فى
مكان لعقد لقاءاتنا فاقترحت عليهم أن تتم هذه اللقاءات فى الاتيليه الخاص بى فى
وسط القاهرة . وشاء سوء حظى أو حسن حظى
كما تأكدت فيما بعد أن يتحدد أول لقاء
فى الخامسة بعد الظهر . وكنت أرسم موديلا عارية فى الاتيليه . ووجدت الساعة تقترب
من الخامسة فطلبت منها أن ترتدى ملابسها وتنصرف . لكنها أخذت تتلكأ حتى دق جرس
الباب فأسرعت تفتح ووجد أعضاء مجموعتى فى التنظيم الطليعى أنفسهم أمام فتاة رائعة
الجمال تفتح لهم الباب . ثم تنصرف !
- قال
لى المرحوم فيليب جلاب مستنكراً : مين دى يا مصطفى ؟
رددت
عليه ببراءة : دى موديل ..
- قال
: انت موش عارف ان اجتماعنا سرى ؟
اعتذرت له وذهبت لاعداد الشاى . وعدت
لأجدهم يتناقشون فى موضوعات عامة ليس لى بها اهتمام وبعد نصف ساعة انصرفوا .ز بعد
أن حددوا موعد اللقاء الثانى بعد يومين . وتشاء الظروف أن يحضروا فتفتح لهم الباب
موديل أخرى .. أجمل من الأولى !
وقال
لى أحدهم بصراحة : يظهر انك موش بتاع تنظيمات سرية ..
- قلت
لهم : وسرية ليه .. انتم موش بتقولوا احنا مع جمال عبد الناصر ؟ يبقى نجتمع فى
السر ليه ؟
لم يرد أحد ..
لكنهم بعد يومين .. رفدونى من
التنظيم الطليعى .. وبعدها بفترة .. تم القبض عليهم جميعاً !
أسأل
: وأين كنت يوم وفاة الرئيس جمال عبد الناصر ؟
- يقول
: كنت كعادتى متجها بعد الظهر إلى مبنى الأخبار . وهبطت من السيارة لأفاجأ بالكاتب
الكبير موسى صبرى واقفا أمام مبنى الأخبار . وما أن شاهدنى حتى أخذ يضرب كفا بكف
..
- واندفع
فى نوبة بكاء وهو يقول : عبدالناصر مات .. عبدالناصر مات .
وصعدت الى مكتبى .. وبدأت أرسم صورة
لعبدالناصر حاولت فيها التعبير عن احساسى وأحاسيس كل المصريين برحيل هذا القائد
العظيم وأذكر اننى عندما سلمت الصورة للمسئول عن النشر لاحظت وجود بعض البقع على
أطرافها ..
ماذا
كانت ؟
- دموعى
!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.