ظن الكثيرون بأنه سينفرد بالسلطات التشريعية بعد نقل الصلاحيات إليه من قبل الدستور الجديد لحين انتخاب مجلس شعب جديد، ولكن عادت التهديدات تحوم حوله من جديد، في ظل تلويح البعض بإمكانية حل مجلس الشورى في الجلسة التي حددتها المحكمة الدستورية العليا في 2 يونيو المقبل، والتي ستشهد النطق بالحكم الأخير. فهل سيصدر حكم نهائي بحل مجلس الشورى فعلاً في تلك الجلسة على نسق حكم 14 يونيو 2012؟ أم سيبقى المجلس منفرداً بصلاحياته لحين انتخاب مجلس شعب منتخب؟ ثلاث دعاوى وكانت المحكمة الدستورية برئاسة المستشار "ماهر البحيري" قد نظرت يوم الأحد 12 مايو 2013، ثلاث دعاوى مهمة، إحداها متعلقة بمدى دستورية قانون انتخاب مجلس الشورى، لا سيما بالثلث الفردي، والثانية متعلقة بمدى دستورية قانون معايير انتخاب أعضاء الجمعية التأسيسية لوضع الدستور، والثالثة متعلقة بطعنين ضد قانون الطوارئ. وفيما يخص دعوى معايير انتخاب أعضاء الجمعية التأسيسية التي وضعت الدستور الجديد للبلاد، نظرت المحكمة الدستورية في الدعوى المحالة إليها من المحكمة الإدارية العليا، بشأن الفصل في مدى دستورية القانون رقم 79 لسنة 2012. وتشير معظم التوقعات إلى عدم قبول الدعوى لانتفاء المصلحة، ويرجع الفقهاء ذلك إلى أن الجمعية التأسيسية تم زوالها بالفعل بمجرد الانتهاء من وضع الدستور الجديد. ومن جهة أخرى، نظرت المحكمة إلى الطعون المحالة إليها من المحكمة الإدارية العليا ضد القانون رقم 162 لسنة 1958 المعروف بقانون الطوارئ، بشأن مدى دستورية القانون، والتي تدفع بعدم دستورية القبض والتفتيش المنصوص عليهما في قانون الطوارئ دون إذن قضائي. ويفترض الخبراء إلغاء القانون، وخاصة بعد صدور تقرير هيئة المفوضين المؤيد لبطلانه. أهمية كبيرة ونظراً للأهمية الكبيرة التي يحظى بها مجلس الشورى في الوقت الراهن، لكونه - بموجب الدستور الحالي- يمتلك السلطات المخولة لمجلس الشعب، من حيث التشريع والرقابة على السلطة التنفيذية لحين انتخاب مجلس شعب منتخب. يلزم الأمر توضيح أبعاد هذه القضية، وعرض السيناريوهات المتوقع حدوثها في جلسة 2 يونيو المقبل، رغم صعوبة التكهنات بما يحدث في الساحة القضائية المصرية في الوقت الحالي. ثلاثة سيناريوهات وفي هذا الصدد تذهب معظم التفسيرات والتحليلات المتعلقة بقضية بقاء مجلس الشورى من عدمه، إلى ثلاثة سيناريوهات رئيسة أحدهما يفترض بقاءه، والآخر يتصور بإمكانية حله، وثالث يفترض الحل قيد التأجيل. ويستبعد السيناريو الأول فكرة حل المجلس، ويرى استحالة قبول الدعوى من الأساس لانتفاء شرط المصلحة، ويدعم هذا الاتجاه كل من "عبد المنعم عبد المقصود" (محامي جماعة الإخوان المسلمين)، والذي استبعد الحكم بحل مجلس الشورى، وعدم قبول نظر القضية بالأساس، مؤكدًا أن الدستور الجديد للبلاد نص في مادته رقم (230) على أن يتولى مجلس الشورى القائم بتشكيله الحالي سلطة التشريع كاملة، من تاريخ العمل بالدستور حتى انعقاد مجلس النواب الجديد. إلى جانب "جابر جاد نصار" - أستاذ القانون الدستوري - والذي يرى بأنه لم يعد هناك إمكانية لحله، خاصة بعد وجود نص دستوري يحصنه من أي طعون. وعن السيناريو الثاني، يفترض أنصار هذا الاتجاه حل مجلس الشورى، وذلك لمخالفة تشكيله من بدايته، لمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص للمرشحين المستقلين؛ نتيجة سماح قانون الانتخابات التشريعية للمرشحين عن الأحزاب السياسية بخوض الانتخابات على المقاعد الفردية، وإخلال حق المرشحين المستقلين بهذا القانون. ورداً على حجة التحصين الدستوري الذي أشار إليه الفريق الأول، يؤكد أنصار هذا الاتجاه على أن الدستور لم يحصن مجلس الشورى؛ إذ إنه أسقط الإعلانات الدستورية، وأبقي نافذًا من آثارها ما هو وقتي، وليس ما هو ممتد كمجلس الشورى، وذلك استناداً للمادة 236 من الدستور، والتي تنص على إلغاء جميع الإعلانات الدستورية. كما دفعوا ببطلان الشورى أيضًا؛ بسبب تغير هيئة المجلس الذي استفتي عليه الشعب في الدستور، بعد تعيين الرئيس ل 90 عضوًا بالمجلس يوم 22 ديسمبر عقب الاستفتاء على الدستور. وبين هذا وذاك ظهر سيناريو ثالث، يدعى بأن يتم الحل مع بقاء الوضع كما هو عليه، بمعنى أن تحل المحكمة الدستورية العليا المجلس دون أن يطبق فعلياً (أي يتم تأجيله). ويفترض أنصار هذا السيناريو، أنه في حالة إصدار المحكمة حكماً بعدم دستورية قانون مجلس الشورى -لأي سبب من الأسباب-، فإن الجهة المعنية (السلطة التنفيذية المتمثلة في رئيس الجمهورية) لم تقم بتنفيذ هذا الحكم، حيث ستلجأ إلى تأجيل تنفيذ الحكم لحين انتخاب مجلس الشعب للاعتبارات السياسية، رغبة منها في عبور المرحلة الخطيرة التي تمر بها "مصر"، وحتى لا تدخل في فراغ تشريعي. وبعد عرض كافة الحجج السابقة، نجد أن السيناريو الثالث والأول هما الأوفر حظاً في التحقق، وبغض النظر عن تحقق أي منهما، يتمنى الجميع أن تظل المحكمة شامخة لعموم المصريين، وأن تنظر بعين البصيرة لما تصدره من أحكام، وما يترتب على أحكامها من نتائج، لكونها حارسة للقانون دون سواه.